الموضوع: بسمة أخيرة
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
9

المشاهدات
4966
 
محمد فجر الدمشقي
من آل منابر ثقافية

محمد فجر الدمشقي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
745

+التقييم
0.16

تاريخ التسجيل
Oct 2011

الاقامة

رقم العضوية
10545
11-04-2011, 04:28 AM
المشاركة 1
11-04-2011, 04:28 AM
المشاركة 1
افتراضي بسمة أخيرة
أَنْكَرَتها مِرآتُها اليومْ
لمْ تَظهَرْ ملامحُها
بَدَتْ صورتُها بلا ألوان
لمْ ترَ نورَ روحِها و لا بَريقَ عينيها و بدتْ كتمثالٍ مُجَوَّفٍ لحسناءَ مُحَنَّطَةٍ غَطَّتْ مساحيقُ التَّجميلِ مَعالِمَ وجهِها
شَعَرَتْ بأنَّها خارطةٌ لأنثى .. بلا تضاريسْ !!!
لا بحارَ لا جبالَ لا وديانَ لا أنهار
صورةٌ ملساءُ لوجهٍ باهِتٍ بلا عنوان
بَحَثَتْ عن ابتساماتِها الخمسِ فلم تجدْها



فبسمةُ الانتصارِ التي تعتزُّ بها فقَدَتْ رونَقَها مع تتالي الانكساراتِ في زمنٍ بلا رحمة
مزَّقَتْها حروبُ اليأسِ و قَهَرَتْها معاركُ الخذلان
أمَّا بسمتُها الطُّفولِيَّةُ البريئةُ فقد طَوَتْها تجاعيدُ الأسى و شاختْ في ليالي الانتظار
أخفاها ظلامُ قسوةِ الأيامِ و صوتٌ داخليٌ أجشُ يخاطِبُها .." وَلَّى زمنُ البراءةِ ... لقد كبرتِ يا طفلةَ النِّسيان "


بسمَتُها المغرورةُ المعجبةُ غارَتْ في تجاويفِ عينيها و غرِقَتْ في هالةٍ سوداءَ يُخفيها الكُحلُ و الظِّلُّ البنفسجيّ
آهٍ يا زهرةَ البنفسجْ كمْ أرهقَتْكِ دموعُ النَّدى و كم أرَّق السُّهادُ جفنيكِ
عبيرُكِ المغرورُ تَبَخَّرَ في سماءِ الحزنِ و الخيبة
و رحيقُكِ المخدوعُ جفَّ في صحارى الوهمِ و تاهَ بينَ واحاتِ السَّراب
كم تَحَطَّمَتْ أمامَ كبرياءِ بسمتِكِ قلوبٌ هائمة
يا مُحطِّمةَ القلوبِ كيفَ تحطَّمَ مجدُكِ
حتى غدتْ بتَلاتُكِ شذراتٍ منثورة
و تلاشى عطرُكِ الأخَّاذُ في رياحِ العَدَمْ



لم تفكِّرْ في البحثِ عن بسمةِ الفرح
فقد سافرتْ مع آخرِ جرح
و توارتْ خلفَ ستائرِ اللا عودة
و دفنَتْها السنونُ مع رفاتِ أحلامٍ تكسَّرَتْ إثرَ تلاطُمِ أمواجِ الحقيقةِ المُرَّة
فالسَّعادةُ خيطُ دخانٍ نطاردُهُ ليُحرِقَنا لهيبُ الواقع
و عندما تقتربُ من برِّها سفينتُنا يتباعدُ الميناء
لنبقى نراوحُ في الضياع
فلا مرسى و لا شطآن



حتى ابتسامةُ الهروبِ التي تُمَيِّزُها هرَبَتْ منها
فلا اتجاهَ تأوي إليهِ شفاهُها المتعبةُ مِنَ الجدالِ العَبَثِيِّ المستمرِّ بين عقلِها و قلبِها
ليغتالَ الصمتُ كلَّ حواسِّها
و يصيرُ الهروبُ هذياناً يسبحُ في محيطِ اللَّاشعور



حاوَلَتْ أن تعثرَ على بقايا بسمةٍ و لو شفوية
تنَهَّدَتْ عميقاً في محاولةٍ يائسةٍ لإخراجِ زفراتٍ تسجِنُ ابتساماتِها
تَلَفَّتَتْ حولَها علَّها تلمحُ بصيصَ فرحٍ هنا و هناك
شعرَتْ بأنَّها تختنقُ و كأنَّها رسالةُ حبٍّ تسكنُ في زجاجة
و قبلَ أن تستسلمَ للجنونِ و يلتهمَها اليأس
أبصرَتْ نوراً يقتربُ منها رويداً
و شاهدتْ قمراً يبتسمُ لها و يقول : أمِّي ... لقد نجحتُ بامتياز
لتشرقَ بسمةُ الأملِ الأخيرةُ من فمِ ابنتِها