عرض مشاركة واحدة
قديم 04-12-2021, 07:23 AM
المشاركة 3992
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال

2616

.... أَعَقُّ مِنْ ضَبٍّ ....

قَال حمزة‏:‏ أرادوا ضبّة فكثر الكلام بها فَقَالوا‏:‏ ضب.
قلت‏:‏ يجوز أن يكن الضب اسم الجنس كالنعام والحمام
والجراد، وإذا كان كذلك وقع على الذكر والأنثى.
قَال‏:‏ وعقوقها أنها تأكل أولادها، وذلك أن الضبّة إذا باضَتْ
حَرَسَتْ بيضها من كل ما قدرت عليه من وَرَل وحية وغير
ذلك، فإذا نقبت أولادها وخرجت من البيض ظنتها شيئًا
يريد بيضها فوثبت عليها تقتلها، فلا ينجو منها إلا الشَّرِيد،
وهذا مثل قد وضعته العرب في موضعه، وأتت بعلته، ثم
جاءت إلى ما هو في العقوق مثل الضبة فضربت به المثل على
الضد، فَقَالوا‏ ‏" ‏أبر من هرة ‏"‏ وهي أيضًا تأكل أولادها، فحين
سُئِلوا عن الفرقِ وَجَّهوا أكلَ الهرّة أولادَهَا إلى شدة الحب لها،
فلم يأتوا في ذلك بحجة مُقْنعة، قَال الشاعر:

أما تَرَى الدّهْرَ وهذا الوَرَى
كَهِرَّةٍ تأكُلُ أولَادَهَا

وقَالوا أيضًا:‏ أكرمُ من الأسد، وألأم من الذئب، فحين طولبوا
بالفرقِ قَالوا‏:‏ كرمُ الأسد أنه عند شبعه يتجافى عما يمر به، ولُؤْم
الذئب أنه في كل أوقاته متعرض لكل ما يعرض له، قَالوا‏:‏ ومن
تمام لؤمه أنه ربما يعرض للإنسان منه اثنان فَيَتَساندان وَيُقْبِلانِ
عليه إقبالًا واحدًا، فإن أدمى الإنسانُ واحدًا من الذئبين وثبَ
الذئبُ الآخَر على الذئب المدمى فمذقه وأكَلَه وترك الإنسان،
وأنشدوا لبعضهم:

وكنتَ كذئبِ السوءِ لمّا رأى دَمًا
بِصَاحِبِهِ يومًا أحَالَ عَلَى الدَّمِ

أحال‏:‏ أي أقبل، قَالوا‏:‏ فليس في خَلْقِ الله تعالى ألأم من هذه
البهيمة؛ إذ يحدث لها عند رؤية الدم بِمُجَانسها الطمع فيه،
ثم يحدث ذلك الطمع لها قوة تعدو بها على الآخَر.
ومما أجروه مجرى الذئب والأسد والضب والهر في تضادِّ
النعوت: الكَبْش، والتَّيْسُ، فإنهم يقولون للرئيس‏:‏ يا كبش،
وللجاهل: يا تيس، ولا يأتون في ذلك بعلة، وكذلك المعز والضأن،
يقولون فيهما‏:‏ فلان ماعز من الرجال، وفلان أمعز من فلان، أي
أمْتَنُ منه، ثم يقولون: فلان نَعْجَة من النِّعاج، إذا وَصفوه بالضعف
والمُوقِ، وقَالوا: العُنُوق بعد النُّوق، ولم يقولوا الحَمَل بعد الجَمَل،
قَال حمزة‏:‏ فمعنى قولهم ‏" ‏العنوقَ بعد النوق‏ "‏ أي بعد الحال
الجليلة صغر أمركم، وهذا كما يُقَال‏:‏ الحور بعد الكور، وكذلك
يقولون ‏" ‏أبعد النوق العنوق " فإن أرادوا ضد ذلك قَالوا ‏" ‏أبعد
العنوق النوق‏ "‏ والأفراس عند العرب معز الخيل، والبراذين
ضأنها، كما أن البُخْتَ ضأنُ الإبل، والجواميس ضأن البقر، وهذا
كما حكى عن ‏‏ ثمامة أنه قَال:‏ النمل ضأن الذر، وخالفه مخالف
فَقَال‏:‏ النمل والذر كالفأر والجرذان.