عرض مشاركة واحدة
قديم 12-30-2015, 01:16 PM
المشاركة 4
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع لما قبله
=====================

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن الطوابير الطويلة المصطفة منذ الصباح الباكر، في المخيم, أمام مركز توزيع المواد الإغاثة الإنسانية, لا قيمة للوقت في مثل هذه الأماكن، التي يقضي الإنسان فيها معظم ساعات يومه, ويعاني من التعب الجسدي والنفسي, ولكن الخيبة والفشل تبدو علاماتها على وجهه, وخصوصاً عندما يعود إلى خيمته عصراً, صُفر اليدين، ولم يحصل على شيء من المواد التي ذهب من أجل الحصول عليها.فشعوره ليس أقل من خسارة معركة مع العدو, ولكنه خسرها من روحه وقلبه ونفسه وجسمه, مع تكرار تلك العملية، مع كل شروق شمس يوم جديد في حياة ذلك اللاجئ.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنّ تلاوين الليل استباحت الحياة
وفتحت أبواب المنازل ..
قُبيل الفجر..دخل الزائرون ..
تلوح عليهم صرامة الموقف
وفوهاتهم مُصَوَّبة للصدر المسكين
ارفع يديك ..
تفتيش الخزائن والأدراج ..


أين تخبئ أدوات إجرامك؟.
خائن ..عميل ..
جاسوس إسرائيلي
يأخذون مجموعة من الأوراق ويتحرزون عليها
دموع الأم والزوجة والأطفال ..
شقت سكون الفجر.. كأنها نداء غير مسموع
يتلقى الأمر .. أنزِلْ يديكَ .. وراء ظهرك
يضعون القيد في معصميه..
عصابة سوداء تلتف على رأسه .. تختفي عيناه
يساق إلى سيارة البيجو 504 ..
يُحْشَر في الصندوق الخلفي ويغلق الباب..
ويغيب في الغياهب ..
على ذمة الراوي





شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه لجأ إلى مخيم الزعتري, الذي وصله بعد منتصف الليل، في رحلة شاقة مليئة بالمتاعب والخوف والرعب, نام ليلته في صالة فسيحة وفي الصباح استلم أغراضه وذهب لخيمته المنصوبة و التي أُعِدّتْ سلفاً, استقر فيها.. وجلس يتفكر في حال الناس حوله، وقد تغيرت ملامح أصدقائه، وأبناء بلده التي علاها الغبار، وبدت عليهم مسحة من الكآبة و الحزن الذي قرأه في الوجوه, من قساوة الحياة في المخيم..
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً أن:عُذْرُ الأيام أنها صامتة .. ولكن القطار سيحمل صمتها لبوابة التاريخ.. الذي أغلق الأبواب دونها..لأن صوتها مخنوق في صدرها .. فلم يسمع التاريخ أنينها ..
وعلى رأي المثل: " إللي ما يبكي أمه ما ترضعه"
على ذمة الراوي





شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً ..
أن خيمة تحوّلت لبيت هوى ليلي، وتغيرت وظيفتها من إيواء لاجئ إلى وسيلة لكسب المال.. ولكن بعيداً عن أعين الأمم المتحدة, التي لو علمت لدعت لاجتماع طارئ لمجلس الأمن, واستصدار مذكرة توقيف دولية بحق هذا اللاجئ الوقح الذي مسح كرامة الأمم المتحدة بالأرض ودنس شرفها..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن طفلاً يلعب بجانب الخيمة في مخيم الزعتري, فوجئ بمرور طائرة عابرة فوق المخيم, فقال لوالده:" يا بابا هل تستطيع هذه الطائرة قصفنا؟
- لا يا بني.
- ولماذا ؟
- لا يستطيع أحد في العالم أن يعتدي علينا أبداً, خوفاً من حرفين هما un باللون الأزرق مطبوعين على سطح الخيمة.
استغرب الصبي كلام أبيه لأنه لم يفهم الكثير من المعنى, وتابع اللعب دون اكتراث ..!!
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً.. أنه مَعْلَمٌ عربي..
لم يكن مشرقياً و مغربياً
ولا سورياً ولا لبنانياً
ولا أردنيا ولا فلسطينياً
بل هو الكُلّ و المجموع
وهو الوتد المتين ..و الجذر العميق ..
وقد تهجى أبجدية العروبة على صدر أمه رضيعاً، ورضعها نُسُغاً مع حليبها.. أمه هذه , زنّرته بقماط الشجاعة.. وكحلّتهُ بكراهة إسرائيل..
وقال من جديد:
أنا المًعْلَمُ العربي المُرجّى
لن ألين وإن تكالب شرّ الدنيا حولي..
سأبقى شوكة نافرة لا تُكسَر
وإن جمعوا , وتجمّعوا فلن أذِلّ أو أُقهر..
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً. أن ابن عمه الشاعر محمود مرعي قد كتب: " كنا وكانت هالبلاد مفرفحهْ ** وجانا الغريب وصرنا خرقة مشرشحة " فزاده قائلاً يا بن العم : و المثل يقول : " الدار دار أبونا وإجو الغريبين وكحشونا ".. وستبقى الدار دارنا, ومفاتيحها في جيوبنا مخبأة لأجيالنا القادمة، نورثهم إياها عساهم يجدون أقفالها,, ويفتحوا الأبواب من جديد..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, قطيعاً من الحمير وقد أصبح جثثاً مجندلة كأعجاز نخلٍ خاوية، بفعل الجنود الغاضبين على البشر والشجر والحيوان، سيَرْوُّوُا غليل نَهْمَةِ الحقد الأعمى المعشعش في قلوبهم السوداء، إن كانت لهم قلوب.
على ذمة الراوي







شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, شخصاً يتساءل عن أشياء, قائلاً:
*أين الرقاب, يا أيتها المشانق؟.
- لم يبق منها شيء, فقد تدلّت جميعاً.
*أين قطرات المطر يا غيوم السماء؟
- غادرت مرابعنا.
*أين سيف صلاح الدين، يا غِمْده؟.
- أجاب الغمد: إنه ينتظر عودة صلاح الدين.
*أين الوقت يا ساعات ( الرادو )؟.
- الساعات الصينية، أفقدت ثقة الناس بالساعات, لأنهم فقدوا الثقة بالوقت و أهميته.
على ذمة الراوي







شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن نسمات الهواء اللذيذة على القلب خارج أسوار مخيم الزعتري تختلف مئة وثمانين درجة عن النسمات داخل المخيم.
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن حرائق وطن قد ألقت بظلالها على الحياة التي هجرته إلى مخيمات اللجوء خارج الحدود, طلباً للأمان. هجروا الموت على أرض الوطن، طالبين النجاة بأرواحهم التي حرقتها نار التدفئة التي يعاقرونها ليشعروا بدفء أجسادهم المنهكة, والتي احترقت ثانية داخل الخيمة, المأوى التي أصبحت الحلم
على ذمة الراوي







شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن صديقاً له وُلدَ بصمت, وعاش بصمتٍ, ومات بصمت، وكان قد حصل على شهادة حسن سلوك, وشهادة من السلطات المختصة تثبت أنه مواطن صالح, علقوها على جدار قبره. توقف الزوار أمام القبر بإعجاب .
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه تلقى دعوة للمشاركة في المهرجان السنوي للشعر الصامت, والذي سيشارك به نخبة متميزة من الشعراء الصامتين من مختلف ربوع الوطن العربي الصامت, وستتركز المشاركات حول فضائل الصمت ومناقشة وثيقة الأمم الصامتة التي تصدَّرَها قرار منها بالإجماع الدولي بضرورة الصمت. والملفت للنظر أنه لم يستخدم حق النقض - الفيتو - ضد هذا القرار الأممي من قبل الدول الدائمة العضوية في مجلس الصمت الدولي..
على ذمة الراوي




شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن مزبلة التاريخ، قد قاءت ما يلقى في أُتونها، من بقايا نفايات الكراسي والعروش الهالكة, التي حرقت شعوبها وبلادها, و أرجعتها إلى عصور ما قبل الحجرية.
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أناساً يتحدثون بتذمر عن الثورة, ويترحمون على أيام كانوا يأكلون ويشربون وينامون, ويباشرون كل حياتهم برتابة، اليوم مثل سابقه, وسابقه مثل سابقه, حتى رحيلهم عن هذه الدنيا, وكان أحدهم يقول:" يا ليتنا بقينا على حالنا, ما لنا ومال الحرية التي جلبت علينا الخراب والدمار".
على ذمة الراوي




شاهد على العتمة
رأى فيما برى النائم خيراً, أن قرى كثيرة مهجورة بعد أن أصبحت خراباً و مأوى للأشباح, شوارعها خالية تماماً من المارّة والعتمة تلفّها, بيوتها مهدمة ومحروقة, أشجارها عارية بعد فرار طيورها وعصافيرها وتساقط أوراقها بعد أن اتخذت عهداً على نفسها أن لا تورق حتى وإن جاء ربيعها, فأصبحت وقوداً للتدفئة مع انعدام مواد التدفئة, المدارس خاوية بعد أن هجرها طلابها.أزيز الرصاص، وأصوات الانفجارات هي البديل لزقزقة العصافير، وصيحات الأطفال، وهم يلعبون ويلهون, الدموع، الأنين، ألوان القهر، والمعاناة من البرد والجوع والخوف, الموت البطيء يقتل الحياة في تلك القرى .
على ذمة الراوي
شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه وسط ضجيج احتفالات العالم شرقه وغربه بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية 2013, وها هي الثورة السورية تطرق أبواب عامها الثالث، وما يدعى العالم الحر غير آبهٍ بدماء السوريين التي غاصت بها الناس حتى الرُّكَب ولا يعلم أحد متى يتوقف نزيف الدم، تُفٍّ على مثل تلك الاحتفالات التي يرقص أصحابها على جثث السوريين, ويشربون نَخْبَ دمائهم..
فهل الدم السوري رخيص لهذه الدرجة ؟.
فأين حقوق الإنسان ومنظماته التي تقرع طبولها عندما يموت كلب أو قط أو دب فيما وراء البحار, أو في قارة القطب, أو على مرتفعات جبال الألب؟.
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً. أنه يقف على شرفة منزله القائم على حافة القمر، وراح يتطلع للكرة الأرضية التي أظلمت جميع جنباتها, وكأن النهار والنور لم يزُرها يوما ما, نقطتان فقط ينبعث منهما النور هما ( مكة و القدس), أشرقت نفسه من جديد بعد أن خالطت روحه .. ورأى وكأن سُجَف الظلام انقشعت عن الكرة الأرضية..
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن أشجار التوت في العالم قد تعرّت تماماً و أُنهكت قواها المستنزفة، بعد أن اسْتَهَمُوا عليها نهباً لأوراقها لتغطية عوراتهم وسوءاتهم التي بانت إثر تساقط الأوراق، بعدما خدعوا الناس زماناً طويلاً وأمعنوا في تضليل الأفكار وتزييفها، ولكن الجوقة ما تزال تُطبّل وتُزمّر وتُصفّق بحمد آلهة الضلال.
على ذمة الراوي



شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن صديقاً له كان يتخذ لنفسه في الحياة مذهب العلمانية, ولكنه لما أراد العودة للواجهة السياسية جاء من باب الطائفية, التي جافاها زمناً طويلاً, متناسياً تاريخه النضالي الطويل ..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة

رأى فيم النائم خيراً, كتاباً للأنساب مع صديق له, ومن خلال المطالعة في الكتاب وجد علاقة قرابة دم ونسب بين المحامين وبين اللّحامين ..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن في هذه الليلة باتت الدقائق الأخيرة في العام 2012 م, تقترب به من بداية سنة ميلادية جديدة في عمره- عيد ميلاده التاسع والأربعين- ويكون بذلك قد غادر سنة ذهبت بملئها حافلة بالقهر والأحزان والأحلام، وأعرب عن عدم ندمه عليها, ولكن ماذا لو شطبها من سني حياته, وكذلك هو غير متشوق لدخول عام جديد مجهول المستقبل .. يذرف الدموع وقلبه مُدمى ..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم نفسه ..أنه يستمع لقصيدة " أخي جاوز الظالمون المدى" من ألحان وغناء محمد عبد الوهاب، و الدموع تبلل أزرار جهازه المحمول, ونتيجة ذلك انطفأ الجهاز, فلم يحتمل حرارة الدموع .. سأل : مفسري الأحلام عن تفسير حلمه, لم يقتنع بتحليلاتهم .. وعجز تقنيّو الهواتف المحمولة عن إصلاحه.
على ذمة الراوي
شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه بدأ يتضخم لدرجة كبيرة ومقلقة, حيث عرض نفسه على المتخصصين في مثل هذه الحالات المستعصية.
فقالوا له: أنت رقم صعب، من الصعب تفسيره أو تحييده. يبدو أن تضخمه راح يتجدد كل يوم، حتى أصبح طوداً شامخاً ..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه قد دخل برلماناً عربياً و وجد مجموعة من الخواريف المنتخبة متربعة على مقاعده, فصاحت :" باع .. باع" فجاء صدى صوتها إجماع ، ضجّت القاعة، اهتزّت قبة البرلمان من حرارة التصفيق والهتافات المؤيدة ..
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه في خيمة كبيرة وجميلة, وهي مخصصة لمرشح يطمح بالوصول للجلوس تحت قبة برلمان عربي، والناس تتكدس داخلها, وهم يُسبّحون بحمد ذلك المرشح وهو يقدم لهم المناسف يومياً, فقاموا و ودّعوهُ متوجهين لخيمة أخرى ليُسبّحوا بحمد مرشح آخر ..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه يمشي في طريقه إلى العمل، بعد أن لجأ إلى ملجأ آمن، بعد خروجه من مخيم الزعتري ، وإذا بصوت نهيق حمار يطرقُ مسامعه من بعيد ، استعاذ من الشيطان الرجيم, وتذكر أنه لم يسمع هذا الصوت في وطنه الجريح الذي افتقده منذ سنتين, بعد أن حاقت به كل أسباب الخوف والرعب ، وإعلان انتهاء الحياة في كل ناحية من الوطن الحزين ..
على ذمة الراوي





شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه يتابع النشرة الجوية عن حالة الطقس, وكان سروره عظيماً عندما علم أن منخفضاً جوياً قادماً على سوريا وطنه الجريح المنهك منذ سنتين, وقال :الحمد لله الخير قادم و سيتوقف الموت والقتل على وقع الأمطار والثلوج, وانخرط في بكاء عميق عندما تذكّر أن الناس سيموتون من البرد , لأنهم لا يجدون أي مصدر للدفء, وقد انعدمت وسائل الحياة في الوطن المُرجّى.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, (أنّ هولاكو قد مرّ من هنا, فوقف، و قرأ الفاتحة, و ابتسم )- قالها فاتح المُدرّس
على ذمة الراوي






شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه يقف أمام قصر منيف مهيب, قيل له :" إنه لحاكم المدينة ", رأى الأسوار العالية المحيطة به من كل جانب, ونظر خلسة من خلال البوابة الكبيرة ومجموعة الحراس, أصابه الرعب حينما شاهد خلفها مجموعة جماجم مُكَوّمة كالتلال، فحدثته نفسه : " أن ذلك الحاكم ينوي بناء قصر جديد من تلك الجماجم ، مشى في طريقه حتى لا يكتشف الحراس حديث نفسه ..
على ذمة الراوي
شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن الخيم في مخيم الزعتري تطير في السماء, بفعل الرياح الشديدة, المصحوبة بالأمطار والثلوج, بينما سكانها يغرقون في طين و مستنقعات المخيم ..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن المساعدات القادمة للاجئين من الدول المانحة تعتبر غير مجدية في مثل حالات الطوارئ، وكأنها تخدير مؤقت، كالذي حدث في هذا المنخفض القطبي شديد البرودة. بينما رقعة المعاناة تتسع طولاً وعرضاً حتى ابتلعت كل بصيص أمل بالعيش ضمن أسوار مخيم الزعتري ..
على ذمة الراوي



شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، كأن أحزان الشام أصبحت غابة لا حدود لها، وأروقة الحزن كان من المفترض أن تتجمد على وقع الثلوج التي عمّت بلاد الشام أجمع، لكن لاجئي الزعتري رفعوا وتيرة الأحزان والتي تتسع رقعتها مجدداً.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، بينما كان يصطحب ابنه معه إلى السوق لشراء بعض الحاجات, إذ التقى بصديق قديم كان يسكن في حارتهم التي ارتحل منها لمنطقة أخرى, وكان السلام حاراً جداً, الأمر الذي لفت انتباه الابن, وراح يتساءل عن هوية ذلك الصديق, فعندما علم أنه فلسطيني, قال يا والدي، عندما أكبر سأشارك صديقك في تحرير فلسطين ونزوره في بلاده هناك ونحتفل معاً، رنّ جرس المنبه لصلاة الفجر، وانقطع الحلم.
على ذمة الراوي




شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه بعدما اجتاحت الأمطار والثلوج مخيم الزعتري, الأطفال يلتحفون بقايا متاعهم وتصطك أسنانهم وترتجف أبدانهم من شدة البرد، وذلك بعدما خلعت الرياح الشديدة خيامهم .. لم يبق لهم إلاّ أسمالاً تلبس بقاياهم, أصبحت السماء لحافاً لهم، وهرعت الطوارئ علّها تخفف من وقع المأساة .. ولكن كان ذلك بعد فوات الأوان ,, ووقع الفأس في الرأس.
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن شخصاً أردنياً يدعو الله شكراً على الخير الذي قدم على البلاد من أمطار وثلوج، وأردف حتى منطقة الزعتري التي لم أعرف في تاريخ حياتي أنها قد ثُلِجتْ، إلا مع قدوم وجوه السوريين التي كانت علينا خيراً، أللهم اجعله خيراً ..
على ذمة الراوي





شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن طفلاً يلعن اللون الأخضر, وهو يعلن استياءه من الأخضر الإبراهيمي، ويلقبه بالأزرق اليهودي.
الأمر الذي لفت انتباه الشاهد لهذا الطفل، وراح يتجاذب معه أطراف الحديث ليفهم أسباب غضب الطفل، الذي أجاب:" هو شاهد حقيقي على دمائنا وقتلنا، ولم يفعل شيئاً سوى إطالة فرصة القتل والتدمير لنا ".
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن رنين الأجراس التي قرعت في عيد الميلاد ورأس السنة لا زال يسمع صداه، ويتمنى ألاّ يزول حتى تُقرع أجراس العودة لأرض الوطن، لإنهاء مرحلة سوداء في حياته عندما أصبح لاجئاً إلى جوار وطنه.
على ذمة الراوي





شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه يُطِلُّ من ثقب في أفكاره، على نافذة سايكس بيكو المُشْرَعة حالياً على تجديد الدماء في عروقها، من خلال تجزيء المجزأ إلى أجزاء أقلّ جغرافية، لتكون أقل فاعلية و و و .... إلى أن حدثته نفسه بإغلاق الثقب، والتمرد على سايكس بيكو، دونما حساب للنتائج ..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه قصد السوق لشراء بعض المواد الغذائية, ومنها الطحين الذي حصل على كيس منه بسعر رخيص , شعر بالفرحة و التي سرعان ما تبددت عندما خلع ملصق التسعيرة, حيث كانت المفاجأة الصاعقة مما قرأه تحت الملصق( بأن هذه المادة مخصصة للاجئي مخيم الزعتري ) بصق على نفسه, و غاب في متاهة الدوّامة بعد أن ذرف الدموع منطوياً على كشكول أحزانه التي لا تنتهي.
على ذمة الراوي





شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن أشخاصاً يجلسون في غرف مكاتبهم الفارهة , مُتَسَنِّمين مناصبهم، بعد أن سرقوا الأضواء و فرغوا من سكب الزيت على النار التي حرقت الوطن وأحالته رماداً .
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة

رأى فيما يرى النائم خيراً، جموعاً من العبيد الذين يرقصون ويهتفون لِوَليّ نعمتهم وأرجلهم تغوص في جرح الوطن العميق , ولا يهز ّ ذلك فيهم شعرة من أجسادهم المتحجرة كعقولهم و مشاعرهم التي ابتعدت بهم عن إنسانيتهم.
على ذمة الراوي







شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه يقف إزاء لوحة تشير إلى المستقبل، واصل مسيرته للوصول الذي لم يتحقق، حيث أنه كان يلهث وراء سراب يمتد على صفحات الأفق المُكَلّلة بِغَبش الرؤية والعتمة.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه فَقَدَ بوصلته، فسار على غير هدى، وكاد أن يضلّ الطريق، ناوله أحدهم أخرى حيث أخذته في عكس الاتجاه مائة وثمانين درجة، رماها على قارعة الطريق لتنضم إلى كومة نفايات تنتظر عمال النظافة كي يحملوها للمحرقة.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه يقف أمام خارطة للعالم العربي والإسلامي, وضع سبابته اليمنى على طنجة، وسبابته اليسرى على جاكرتا بعدما فتح ذراعيه، فما وجد بين ذراعيه إلا العتمة التي تسيطر على تلك المساحة الجغرافية، دموعه الخجلى تحدرّت على صدره وبللت الخارطة، وبرر دموعه بأنه لم يجد نوراٌ بارقاً في الأفق القاتم.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن أم الدنيا ما زالت تتثاءب، بعد أن قطعت مسار النعاس عندما نفضت غبار ظلام الليل الطويل، الأمر الذي أصابها بالسبات الشتوي الطويل.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة

رأى فيما يرى النائم خيراً، أن لاجئاً يسير في أحد شوارع لجوئه، وكان وقتها على ما ذكر لي فترة انتخابات، والصور و الإعلانان تملأ الشوارع والميادين والجدران وأعمدة الكهرباء، وكل زاوية ممكن أن يلصق فيها, وعند مفترق طريق افترش الرصيف، بعد أن أخذ منه التعب والجهد من المشي الطويل، وهو يهبش في طلب مصالحه المعيشية. ركز نظره في عامود الكهرباء وعليه صورة مرشح, والصورة تتقلب ما بين عبوس وتجهم وجهه، ثم ابتسامة مصطنعة, وما جعله ينتبه بشدة هو نداء صاحب الصورة طالباً صوته يوم الاقتراع. هز اللاجئ رأسه, وأطلق ضحكة مجلجلة مُدَوية ضاعت في أصوات هدير السيارات العابرة و زعيق زماميرها, وقال يا عم:" أنا لاجئ, أفهمت ؟، حِلْ عني ، أبحثُ عن ربطة خبز لأولادي الجوعى". .

على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً ، أنه ندم على أمر ما، فقيل له:" الندامة على فَوْت فرصة ليست نهاية المشوار، فما هي إلاّ علامة على الطريق، و من سار يجب أن يركز انتباهه على الأفق ولا يتطلع للخلف، كي لا يتأخر و يتعثر، وأن البدايات تُضحي بنفسها كي تحيا النهايات".
هزّ رأسه بإعجاب وتابع مسيره آملاً الوصول، وتيبّست رقبته ولم يستطع الالتفات للخلف ثانية.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن عجوزاً فلسطينية وقد ضاع عمرها على دروب النكبة التي هجّرتها من بلادها، ولا زال الأمل يحدوها للعودة إلى قريتها وبيتها هناك، قامت وسألت رئيس الوفد المفاوض فيصل الحسيني إثر عودة الوفد من مفاوضات مدريد الماراثونية :[ يُمّة إنتو على شو عم بتفاوضوا، على بتاع الـ 48 أو الـ 67 ].
بدت الحيرة على وجهه، و ردّ عليها:[ يُمّه طلوع السُلّم درجة درجة، بالأول بتاع الـ 67 وبعد ذلك الـ 48]، جلست العجوز على مقعدها وقد تجدد أمل العودة لديها من جديد، وأخرجت من جيبها مفتاح بيتها وقبّلته.
على ذمة الراوي