عرض مشاركة واحدة
قديم 12-30-2015, 01:15 PM
المشاركة 3
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع لما قبله

=====================
شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن إحدى قنوات الأخبار تبث تحقيقاً مصوّراً عن المأساة السورية و معاناة الناس، وخاصة الأطفال , في مؤتمر الدول المانحة المنعقد في دولة الكويت، هذه الدول التي أدارت ظهرها حتى اتسعت رقعة المأساة، واحترقت البلاد والعباد ، وهاهم اليوم يتباكوْن على السوريين الذي لا يعتبون إلاّ على إخوانهم العرب، الذين أودعوا ملياراتهم من عائدات البترول في بنوك أوربا وأمريكا، وقد عجزوا عن إغاثة إخوانهم في الشام ..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه دُعِيَ لندوة حوارية بعنوان( مشكلة الإصلاح ما بين المنابر والمقابر) حاول أن يفهم فحوى العنوان, استغلقت كل السُّبُلْ لذلك، فصرف النظر عن الحضور أصلاً، وتوجه إلى تناول فنجان قهوة على أطراف المدينة في مكان هادئ ويستمع فيه لأطلال أم كلثوم.
على ذمة الراوي




شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه كان يمشي في طريق فوجد فيه ورقة مطوية، التقطها، وفتحها ليجد فيها سؤالاً، يقول :" أيهما أفضل العيش تحت البسطار أم فوق البسطار ؟ ".
طواها ودسّها في جيبه، وهو يتطلع شمالاً ويميناً، ليطمئن أن أحداً لم يلحظ حالته المرتبكة.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة

رأى فيما يرى النائم خيراً، أن الشيطان وقف مذهولاً وهم يستعيذون من شرّه، ولطم خدّه من هول صدمته بشنيع أفعالهم التي لم تخطر بباله أبداً.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن حياة السجين قد غاصت في محيطات الظلام خلف الجدران السميكة, التي انتهكت حُرُمات عُمُره الذي أصبح سراباً في منحنيات وبقايا ذاكرته، ثلاثون ظلاماً أضافها لعشرين حياة جمعها في جعبته المنطوية على آلام وأوهام شعارات قديمة عصفت في ذهنه منذ ثلاثين ظلاماً.
آهٍ .. ما أقساها خمسون سراب حياة...
على ذمة الراوي






شاهد على العتمة

رأى فيما يرى النائم خيراً، أن امرأة صاحتْ بأعلى صوتها، بعد أن رفضت سماع أي كلمة منه، و صمّتْ أذنيها : " أرجوك دَعْني وشأني ". وراحت الدموع تسرد رواية تجاعيد صَخَبِ حياتها.
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة


رأى فيما يرى النائم خيراً، انه يجلس في واحة الصمت بمفرده, والوحشة لم تأخذ من نفسه شيئاً، وذلك عندما تقلد خطى بطل الرواية الحاذق الذي يسمع الكثير, ولا ينطق إلا القليل ، فكان صمته إيجابياً محموداً, وهو يتفكر ويتبصّر في سبيله للوصول إلى عتبات باب الله ، وقد نبذ صمته السلبي عن قول كلمة الحق،وجابَر على نفسه ألآّ يكون الشيطان الأخرس.

على ذمة الراوي








شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً ، أن أرتالاً من الانبطاحيين ، يزحفون على بطونهم جاهدين، لاهثين للوصول إلي بوز حذاء القائد لتقبيله بمناسبة عيد التقبيل السنوي الذي يقام على شرف تلميعه.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه أعرب عن رفضه استبدال رأسه بحذاء القائد، فأمضى بقية حياته بلا رأس .
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن صراخ طفل ينطلق من بين ركام البيوت المدمرة, و المنقذون يرفعون الأنقاض، فوجدوا الرضيع يمسك بثدي أمه الشهيدة, الذي انفصل عن جسدها، و يدها المقطوعة تمسك بطرف ثوب رضيعها.
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه ذات مساء و قد أُجْهِدَ، وتعبت روحه، وكاد قلبه أن يتوقف، وهو يُحّذق طويلاً في الأصيل، فاستحال كبقعة دم، أمطرتها وابلاتُ القتل و الدمار، فحصدت أرواح الأبرياء في الوطن الغارق في لُجّة الدماء.تجمّدتْ حواسّه وهو يراقب تسلل الظلام رويداً رويدا، فيُغرِق الأصيل في دوّامته التي استغرقت حياته كلها، و الأمل يحدوه برؤية النور من جديد.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن يد الله امتدّتْ إليه لتختارَه شهيداً من بين الجموع ، على إثر رصاصة قنّاص غادرة استقرّتْ في رأسه، فارتوَتْ الأرض من دمه عندما ارتمى مُمَدّداً و لا مِنْ مُسْعِفٍ، توقفت أنفاسه، و جَحَظتْ عيناه لِتَكتَحِلَ برؤية الله.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه توقف أمام لوحة مثيرة في معرض للخط العربي، مكتوب فيها : " عرب حسب الطلب ". تابع نفث دخان سجائره بلا مبالاة، و تصفّح اللوحات الأخرى.
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة

رأى فيما يرى النائم خيراً، أن المسجد الأقصى قد انهار، ووقعت صخرتَه في الأنفاق المحفورة تحته، وهي تصرخ:" وا إسلاماه " وما من مجيب ،" وا عَرَباه "، و العرب قد باعوا آذانهم وأسماعهم بثمنٍ بخْسٍ.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن مدينته بصرى الشام المتربعة على السفح الجنوبي الشرقي لسهل حوران في أقصى جنوب سورية، تبكي وتنتحب على سرير بنت الملك، الأثر الروماني الشهير المميز فيها، والذي نُسجت حوله الأساطير الشعبية المختزنة في ضمير و ذاكرة أهلها وكل سائح زارها و رآه، بعد أن اغتالته يد الإجرام الجاهلة عندما مَحَتْ أثراً إنسانياً من الوجود.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن التاريخ وقف أمام الزمان شاهداً، على أن الشعوب لا تغفر لمن ينزلق، ولمن يسقط في هاوية الخيانة ..
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن جيوشاً تركت مهمتها، و نسيت أين حدود بلادها؟ ، وأين عدو الوطن؟ ، فأدارت ظهرها 180 درجة بعكس الاتجاه، لكي تحرر الوطن من شعبه المُتَلَمِّس دروب إنسانيته.
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن فوهات المدافع، والدبابات ، والصواريخ البعيدة المدى، والطائرات الحربية، و حُماة الديار توجهوا جميعاً إلى قلب الوطن، وقد حققوا أمنية العدو، ليحصدوا زهور الربيع، وهي لازالت غضّة تتفتح في أكمامها, وأسالوا أنهاراً من الدماء، غاصوا بها حتى العمائم واللحى، وعيون الأمهات جفّت وهي تستجدي الدموع.
على ذمة الراوي




شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن شخصاً كان يصيح به ويصفه بالحمار، فقال في نفسه: والله إن الحمير سواسية كأسنان المشط، فلا يوجد حمار فقير أو غني، و الحمير حمير، شرقية كانت أم غربية، فليس هناك حمار مرسيدس، أو كاديلاك، أو هايونداي.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن فلسطين أصبحت لدى العرب مجرد كلمة لا يستطيعون نطقها لصعوبة لفظها، و شعار يتسترون خلفه فقط..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أنه و للمرة الأولى عرف أن النكبة و النكسة، هما بنات الهزيمة ، لأن دوامة الفذلكات العربية قد نزعت عنهما أي صلة لهما بأمهما الهزيمة.
على ذمة الراوي



شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن النكبة زهقت من كثرة الاحتفالات، والخطب الرنانة، و إسرائيل تمددت..القضية تقلصت حتى أصبحت خارطة طريق ..لم يبق من القضية شيء ..باتت في حكم المنتهية ... والعرب تعبوا كثيراً .. وهم يصرخون ويتظاهرون كل عام بمناسبة النكبة .. أقترح أن يُخَصْخِصُوا القضية، ويسلموها لشركات علاقات عامة متخصصة في المفاوضات مع اسرائيل وأميركا .. ممكن أن تأتي هذه الخطوة بنتيجة إيجابية، وأن يعود ملف القضية ليوضع على سطح المكتب في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومكتب أوباما .. وعلى اعتبار نحن العرب مو متفرغين للقضية الفلسطينية فقد كثرت القضايا وأتعبتنا .. لذلك أهملنا الجميع
على ذمة الراوي







ملحق





بأقلامهم ..
وما قالوا عن الكتاب







نظرة نقدية في كتاب /شاهد على العتمة
بقلم \ خليل النابلسي
من براعةْ الكاتب. أن يوظف حتى اسم الكتاب في خدمة ما يرمي إليه من أهداف، ومن خلال هذا العنوان الذي يحمله الكتاب إن الكاتب يتقمص شخصية الشاهد، ويدلي دلّوه بكل حدث أو قضية، وهو عالمٌ بها ، ومتابع لأحداثها ،وشاعر بتطوراتها، أما العتمة فالكاتب يوشك أن يقول: أن كل هذه القضايا حيكت في ظلام الليل، وأن هذه الجوانب التي ناقشها الكاتب البارع محمد فتحي المقداد.
هي ظلم وظلام ومؤامرة حيكت في عتمة الليل ، وخبرة الكاتب لم تنحصر في معرفته بقضايا الشعب السوري، والأزمة القاتلة التي يعيشها، بل تعدّاها ليعيش هموم الشعب العربي وعلى مساحة الوطن العربي، وكأنّ العالم لم يرها، بل تعامى عنها وتجاهلها.
معظم القضايا التي تصدى لها الأديب المقداد كانت سياسية، وقد أطلّ عليها بأسلوبه الساخر اللاذع تارة، وبأسلوب المستهجن، والمستغرب تارة أخرى، وهي قضايا لا تستقيم الحياة بوجودها، حتى ولو غاص في عمق التاريخ والزمان والمكان والشخصيات والحوادث، إلا أنه استطاع أن يوظفها ويعطيها صبغة الحداثة .
وربما يدهشك الكاتب عندما يستعمل في مستهل نصوصه((فيما يرى. النائم )) كأن حلّ. هذه المشكلات حلم صعب التحقيق ، في ظلّ وجود الطغيان والظلم ووسائل القتل والهدم والطرد والحصار والتجويع .
مما يشجع القارئ على متابعةْ هذه النصوص. كما أنها كُتبت بلغة سهلة وممتعة بعيدة عن أساليب التقعّر والفلسفة الفارغة، بالإضافة إلى روح الفكاهة والبعد عن الغرابة وحجم وكمّ القضايا التي طرحها الكاتب. بأسلوب قصصي ممتع يكاد يقترب في بعض الأحيان من القصة القصيرة جداً، فقد كثّف المعلومات وأطلقها على شكل لمعة برق خاطف .
ويضع الكاتب هذه النصوص بين. يديك لا لأنه يعلم انك تجهلها، ولكن. ليسلّط أضواءها على عتمتها، فيجعل القارئ يتحسس هذه المعضلات، وقد تبهرك أضواؤه، وأسلوبه ولغته الطيّعة المرنة ،حيث يبعدك عن الملل والضجر بتنقّله الشيّق من همٍّ إلى همّ ومن غمّ. إلى آخر ومن بلد لبلد ومن قضية إلى أخرى .
محمد فتحي المقداد الكاتب السوري يقدم لنا مقالات وخواطر جديرة بالوقوف عندها والتمعن بها ..


***




قراءة في كتاب ( شاهد على العتمة )
بقلم \ د – ريمة الخاني

الشكر الجزيل للأديب محمد فتحي المقداد لإهدائه لنا شاهده على العتمة.
العنوان محفز رائع، والغلاف موفق إلى حدا ما ، فاللون الأسود يوحي بعتمة ظالمة بسوادها المعتم جداً...وطالعنا في المقدمة بنص صغير لافت:
[ رأى الشاطئ الغربي للمحيط الأطلسي ينطبق على الشاطئ الشرقي للمحيط الأطلسي فقال في نفسه : " والله نحن سنصبح فَتّة في مَرَقةِ أبي لهب ".]
أظن أنه تختصر الشهادات كلها...رغم أنها تركت عبارة "على ذمة الراوي لعبارات مماثلة، وكأنه تمهيد لحضور الشاهد..

تطالعنا بدايات الشهادات، بالنص الآتي: [ روى الشاهد: أنه التقى بزرقاء اليمامة العمياء التي قلعوا لها عينيها حينما أخبرتهم أن الأشجار تمشي إليهم, وكونهم لم يستوعبوا قدراتها الخارقة, ظنوا أنها خرفت وكان ذلك عقابها.. لكنهم ندموا عندما قضموا شفاههم وأصابعهم بعد فوات الأوان.
وقالت له: اسمع يا ولد.. أسمع قرض الجراد قادم إليكم من الشرق, وكأنه لن يبقي لكم شيئاً لا أخضراً ولا يابساً, وكذلك أسمع أصواتاً كأنها هدير الرعد, تسير بسرعة البرق, ستلعن أبا أبيكم, وتحرث قبوركم, و لا تبقي شيئاً قائماً فوق أرضكم حتى شواهد القبور.
هيّا انصرف وأخبر قومك, وانظر ما هم فاعلون من حيطة وحذر, مشى راجعاً، وهو يحدث نفسه:" عجوز النحس قاتلها الله, وما أنا إلاّ كبالع الموسى على الحدّين, إن أبلغت قومي لم يصدقوني, وإن طنّشتْ ولم أخبرهم, فنصبح كقوم الزرقاء الذين لم يصدقوها" ] ، نص يضمر أكثر مما يحكي...ويوحي للقارئ بوباء عصري جداًو مؤلم بشكل غير متوقع.

يليه نص صغير آخر وكأنه يشرح رويدا ويوضح مرمى الكاتب:
[ يُعتبر هذا الشاهد على العتمة, سليل عائلة عربية عريقة, ويملك بحوزته سيفاً عربياً جميلاً صقيلاً, ولكنه عتيق, ولما أفلس العبد الفقير من جرّاء إسرافه على ملّذاته.. توجه لبيع مقتنياته من أثاث ولباس فاخر وأحذية وأدوات كهربائية وغير كهربائية. باع.. وباع, ولم يتبق لديه من ممتلكات غير السيف ]

وتتالى نصوص تبدأ بعبارة : رأى فيما يرى النائم خيراً ... ليذكر المؤلف ردة فعل عربية على ما يحصل في حاضر ذابل خائب.. لتطالعنا عبارة مضحكة مؤلمه معاً و قِسْ عليها البقيّة
[" يا صلاح الدين, دبّر نفسك تُرانا قد أكلنا هَوَا.. حيث أنه لا رجاء مني".]
عبارة يائسة تجعلنا نتساءل ماذا يريد منا الكاتب من خلال تلك النصوص المتفرقة؟.

ونستعرض المزيد ونحن قرأ :
[ رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه رأى جموع الناس المتجهة لمكاتب المفوضيّة في بوتقة فراغ هائل, قد استغرقت كل ساعات يومهم من مطلع الشمس إلى مغيبها, وهم يصطفّون بالدور على الطوابير الطويلة بطول الطريق إلى مخيّم الزعتري, الجميع منقطع عن العالم الخارجي، هموم مستحدثة، يبدو أنها تحاول أن تنسيهم مشكلة بلدهم ومعاناة أهليهم، هناك. كُشُوحٌ باهتٌ قد أذهب نضارة وجوههم, التي تقرأ فيها سوء حالهم التي مالت, وكأنها جريدة حكومية يومية ] .
فيدخل الكاتب لعالم مخيم الزعتري رويداً رويداً، وكأنه يحكي نفسه وأيامه، يمزجها بما شاهد وعاين...وتتكرر جملة: رأى فيما يرى النائم خيراً، أن التاريخ وقف أمام الزمن، شاهداً على أن الشعوب لا تغفر لمن ينزلق ولمن يسقط في هاوية الخيانة ..
حتى انك تحاول ربط المشاهد فترى أن الرابط بينها هو الخيانة ورمي الشعب في أتون الموت .
رغم أن المشاهد مؤلمة، وتبين ما يضمره الكاتب من مشاهد حارقة لشعب يتبخر وتطير روحه ومقدراته ومستقبله.. لوطنيته التي تصرخ وتنادي أين العالم مما يحصل؟، ولكن كفنية سرد ماذا نقول عن الخيط الجامع لها؟،هل يكفي أن البطل يقدم ما يشاهده؟، أين ما جرى له ؟، أين ما لحدث الذي يجعلنا نتفاعل مع محور السرد؟
تبقى تلك الأسئلة مفتوحة على المؤلف ليقدمها لنا.أما لو قلنا أنها كما تقدم الغلاف لإفادات..فهي نعم خواطر شاهد عيان على شعب يُنحَر بلا ذنب.. أجاد الكاتب في تقديمها بما يذكرنا بشهرزاد وحكاياتها إلى حد ما..
رغم اختلاف الموضوع.. من جميل المتع القرائية أن تبدأ نصاً متوقعاً أنه رواية ما وتنهيه ولا تجده رواية لترى أنه نص ذو تصنيف فريد،( لماذا نكون متكلسين وتقليديين في مطالعاتنا؟) ï»*ﻫï؛¬ï»© ï؛چï»ںﻂï؛®يقة التي ï؛§ï؛®ج ï؛‘ﻬï؛ژ المؤلف ﻋﻦ ﻛﻮﻧï»ھ ï»—ï؛¼ï»ھ قصيرة و لا خاطرة، هو بمثابة مذكرات بطعم الخاطرة والسيرة الذاتية، المقولبة بطريقة الرؤية التسجيلية، كما كاميرا تلتقط صوراً متفرقة وتقدمها بقالب إسقاطي شعوري ممتع، يتغلب على الروتين القرائي، ويبعد الملل النسقي في السرد.. يسجل العمل لصالح الكاتب،وهو بمثابة إنجاز نتوقع المزيد منه لاحقا.
نرجو له التوفيق دوما.

***


قراءة في كتاب شاهد على العتمة
بقلم \ أحمد عبدالكريم المقداد

الشاهد بالمعنى التقليدي هو طرف ثالث حيادي يشهد بما رأى وسمع، والعتمة هي أجواء شديدة السواد تمتاز بالعشوائية .. تصهر الشاهد والضحية في بوتقة واحدة ويصبح كلاهما في خانة المتلقي .. وهذا الشاهد هو جزء من الحالة التي يشهد بها من زوايا متفرقة ولوحات متعددة غالباً ما تصب جميعها بنفس الخانة وتؤدي لنفس النتيجة وتوزع المعاناة على الجميع بالتساوي مجتمع العتمة هذا الذي عاشه ويشرحه الكاتب فرض على الجميع أن يكونوا خياراً واحداً أو أكثر مما هو متاح لشعب العتمة ..أنت كمواطن في دولة العتمة من حقك عليها أن تكون أما شهيداً أو معتقلاً أو نازحاً أو مفقوداً !
ولم يلزم الشاهد (الذي يفترض أن يكون حيادياً وطرفاً ثالثاً) أن يكون واحداً مما سبق إلا العتمة .. يرى الكاتب في لوحات متعددة أن القضية يتم تمييعها من خلال حصرها بين فئتي صراع إحداهما على حق ناصع البياض والأخرى على باطل قاتم السواد تندثر بينهما شهادات على تلك العتمة لملايين البشر كل واحدة منها تصلح أن تكون حكاية مختلفة التصوير الأدبي المبسط والواقعي الذي استخدمه الكاتب تخرج من بين حروفه آهات موجعة يسمعها الأصم ..لواقع لم يكن أفضل حالاً قبل حقبة العتمة ..بل يلمح في بعض اللوحات أنها سبب من أسباب الوصول لزمن العتمة هذا، ويصور في لوحات أخرى أن العتمة نتيجة طبيعية ومنطقية بفعل التراكم لما حدث قبل العتمة ..ويذهب في لوحات تالية أن فراغاً (لم يحدد ماهيته) حدث قبل العتمة جعل منها استحقاقاً علينا مواجهته في وقت لاحق ..ثم تبعه فراغ آخر (أيضاً لم يحدد ماهيته) حدث أثناء العتمة نفسها


فتح الباب أمام استحقاق آخر بانتظارنا .. وحتى لا نبقى ندور في حلقة العتمة المفرغة .. فرَّغَ الكاتب طاقاته الأدبية في تلك اللوحات والمشاهد المتفرقة بتكثيف رائع جداً .. جعل منها أسطورة أدبية قلَّ نظيرها فكما يبدو أنَّ للكاتب رؤية مختلفة للعتمة .. بأنها تنتقل عبر الأجيال كموروث ينبغي التأقلم معه كمرض عضال .. بينما هي فعلياً مجرد تجارب .. لو أتقن كل جيل الاستفادة منها وتهجينها ونقلها للجيل التالي منقحة لما كانت العتمة التي نراها ونعيشها أصلاً !، ولو مرت بمراحلها الطبيعية من التهجين والتنقيح كما صورها الكاتب ..من الأجداد إلى الآباء فالأبناء ثم الأحفاد لكانت نوراً ساطعاً بدلاً من العتمة القاتمة التي نعيشها والتي توصف بأنها أكبر كارثة إنسانية عرفها التاريخ الحديث والمعاصر……

***