عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
5265
 
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي


محمد فتحي المقداد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
650

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7788
12-30-2015, 01:06 PM
المشاركة 1
12-30-2015, 01:06 PM
المشاركة 1
افتراضي كتابي شاهد على العتمة ( طبع في بغداد)
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة








مقدمة


شاهد على العتمة
الشاهد على العتمة الذي له تقرؤون الآن ليس شاهدا على ما سمع أو على ما نقلت إليه الأخبار من أحداث.
الشاهد على العتمة الذي له تقرؤون قد عاش زمن العتمة فعلا وعانى منها كثيرا في مخيّمات اللاجئين .
شاهد على زمن قٌتل فيه الإنسان على قارعات الطرق وأرصفة الشوارع دون مبرر يذكر . وأهينت فيه الأوطان وتمزقت.
فما عاد من الفِرار منها مناص لمن تبقّى على قيد الحياة.
إفادات تحكي للتأريخ قصة وطن مزّقته الحرب .وشعب شتته النار .
إفادات تحدثت عن أصعب حقبّة زمنيّة شهدها التأريخ العربيّ . لم يكن الرّاوي الذي اختاره الشاهد على العتمة إلا لسان حال هذا الشاهد.
بدأ الشاهد على العتمة ينشر إفاداته ..ليقرأها الجميع.
اتخذ من إمكانيته على رسم الصورة وتجسيد الواقع أدبيّا السبيل إلى لفت نظر الآخرين لقضيّته وقضيّة وطنه الممزق .
وتسلل من خلالهما إلى أعماق القارئ واستنهاض ما بداخله من الرفض الإنساني لما يحدث فيه من مآس وويلات.
لم ينس شاهدنا على عتمة العصر أن لغة تجسيد الحدث لابدّ أن تكون بمستوى الحدث.
فكتب إفاداته بدم الأحاسيس الجريحة والمشاعر المتضمخة بالوجع. وختم كلّ إفادة منهن بختم المتاهة والضياع والتشرد الذي يعيشه الوطن السليب.
لم يكن استعراضيّا في صياغة إفاداته ..ولم يكن متبجحا فيها ...ولم يكن راغبا في إعلاء شأن الأديب فيه بالقدر الذي كان فيه جرحا ينزف وقلبا ينصهر وإحساسا يتكسّر على أعتاب الوطن المفقود.




فسكتت لغة الكلام في إفادات شاهدنا ونطق الوجع. فما كان أصدق من تلك اللغة لغة أخرى. وما كانت الحقائق لتقال بلسان أبلغ من لسان مَن ذاق الموت وعاشه مرات ومرات .
قرأت إفادات الشاهد على عتمة العصر فاعتصرني الوجع وأدهشتني بلاغة التجسيد وما بين الوجع والدهشة وجدتني متلهفا لحفظ هذي الإفادات التي لا يمكن لغير شاهدنا أن يجسدها للأجيال اللاحقة فقررت أن أكون سببا في توثيقها علّني بذلك أعين من أراد أن لا تمرّ الأحداث المريرة من تأريخ الوطن مرور الكرام على ذاكرة الجيل.
اسأل الله السلامة للشاهد على العتمة .والتوفيق لكلينا في توثيق إفادات تدين الشرّ وتحكي قصة الخير القتيل. ومن الله التوفيق

علاء الأديب
بغداد




















شاهد على العتمة

شاهد الشياطين تلعق رحيق الأزهار قبل طلوع، الشمس. والقرود تجلس في المقاهي وتدخن النرجيلة
على ذمة الراوي



شاهد على العتمة

رأى الشاطئ الغربي للمحيط الأطلسي ينطبق على الشاطئ الشرقي للمحيط الأطلسي فقال في نفسه : " والله نحن سنصبح فَتّة في مَرَقةِ أبي لهب ".
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة

يقول : أنه رأى بعض الشياطين تمشي على يديها ورأسها للأسفل ,, ولها أعين بأرجلها .. وتلبس النظارات الشمسية.. خوفاً على أرجلهم من الأشعة فوق البنفسجية الضارّة بالأرجل ..
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
شاهد في الحلم أن السيارات تسير بسرعة جنونية في شوارع المدن الأوربية بلا عجلات بل تجرها كلاب الأسكيمو .. المستوردة لهذا الغرض ..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
سمع أن الزرافة لطول رقبتها لا تنام في اليوم الواحد إلا تسع دقائق و ليست متوالية إنما على ثلاث مراحل في كل مرة ثلاث دقائق .فقال لنفسه: والله إنّ الزرافة تفهم، لأنها تُقدر قيمة الوقت، ويبدو أنها سمعت وتمثلت أغنية أم كلثوم: ( فما أطال النوم عُمُرا، ولا قصّر بالأعمار طول السهر).
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى في المنام أن شخصاً, سيغضب ومَنَ معه مِنَ الناس من كلام الشاهد.. باع هذا الشخص, العود والبغل واشترى سلاحاً و نرجيلة, ثم كوّنَ كتيبةً للنراجيل , ثم باع السلاح ليشتري بثمنه مُعَسّلاً وفَحْما, فكان من أهم أسباب دمار البلد وهلاك الحرث والنّسل.. وكُلْمَنْ على شِكْلُو شَكْشِكْلْوا.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
سئل : "عن اليابان و ألمانيا عندما خرجتا من الحرب العالمية الثانية مدمّرتين تماماً, فكيف نهضتا مرة أخرى في سنين قليلة؟. وقد دمّرت الحرب المباني, ولم تدمر العقول".
فردّ :" أخشى أن نخرج من هذه الأزمة مدمّري العقول مدمّري الضمير مدمّري الإنسانية فماذا يبقى لنا ؟" . ..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة..
روى الشاهد: أنه التقى بزرقاء اليمامة العمياء التي قلعوا لها عينيها حينما أخبرتهم أن الأشجار تمشي إليهم, وكونهم لم يستوعبوا قدراتها الخارقة, ظنوا أنها خرفت وكان ذلك عقابها.. لكنهم ندموا عندما قضموا شفاههم وأصابعهم بعد فوات الأوان.
وقالت له: اسمع يا ولد.. أسمع قرض الجراد قادم إليكم من الشرق, وكأنه لن يبقي لكم شيئاً لا أخضر ولا يابساً, وكذلك أسمع أصواتاً كأنها هدير الرعد, تسير بسرعة البرق, ستلعن أبا أبيكم, وتحرث قبوركم, و لا تبقي شيئاً قائماً فوق أرضكم حتى شواهد القبور. هيّا انصرف وأخبر قومك, وانظر ما هم فاعلون من حيطة وحذر, مشى راجعاً، وهو يحدث نفسه:" عجوز النحس قاتلها الله, وما أنا إلاّ كبالع الموسى على الحدّين, إن أبلغت قومي لم يصدقوني, وإن طنّشتْ ولم أخبرهم, فنصبح كقوم الزرقاء الذين لم يصدقوها".
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة ..
يُعتبر هذا الشاهد على العتمة, سليل عائلة عربية عريقة, ويملك بحوزته سيفاً عربياً جميلاً صقيلاً, ولكنه عتيق, ولما أفلس العبد الفقير من جرّاء إسرافه على ملّذاته.. توجه لبيع مقتنياته من أثاث ولباس فاخر وأحذية وأدوات كهربائية وغير كهربائية.
باع.. وباع, ولم يتبق لديه من ممتلكات غير السيف, ولم يطلع على الورقة والتي تعتبر كوصية من والده بخصوص هذا السيف, إلاّ تلك اللحظة التي دنا فيها أجل بيعه, فقرأها وتبللت بالدموع, حينما علم أن هذا السيف هو السيف الحقيقي لعنترة بن شداد العبسي..
سلّمه للسمسار, وتوكل على الله, وقال: وهل عنترة وسيفه سيطعمنا الخبز..
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه أصبح لاجئاً, بعدما خرج من بيته، وخرج من بلده قاصداً مخيم الزعتري, فدخله, وأصبح رقماً على بطاقة المفوضية...
على ذمة الراوي



شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن الوطن العربي من طنجة حتى رأس الخيمة، قد أصبح دولة واحدة, ولها رئيس واحد, وجيش واحد, وخطر له أن يسافر سياحة في أرجاء الولايات العربية المتحدة, فقطع تذكرة في القطار من طنجة مروراً بالجزائر وتونس وطرابلس وبنغازي والإسكندرية والقاهرة, والشام وبغداد إلى الكويت فأبو ظبي ومسقط وعدن وصنعاء, ثم انتهت رحلته في مكة والمدينة.
كل هذه الرحلة ببطاقة الهوية الشخصية, وقد كانت فرحته عظيمة, وقد تخلص من جواز السفر و الأختام الكثيرة للعبور والخروج من الدول العربية قبل إنجاز الإتحاد.
على ذمة الراوي ..

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم, أن أسطول الولايات العربية المتحدة يسيطر على مضيق جبل طارق, ويحمي شواطئ الولايات العربية الإفريقية المتاخمة للمحيط
الأطلسي, بينما هناك على مضيق باب المندب ترابط مجموعات من قطع الأسطول العربي لحماية مصالح الولايات العربية المُطِلّة على البحر الأحمر, وفي بحر العرب الذي أصبح مركزاً لقيادة القوات المشتركة الشرقية, وعند مضيق هرمز أيضاً له عمله الهام في حماية الملاحة في الخليج العربي, كما أن إدارة قناة السويس التابعة لقيادة القوات المشتركة, لا تسمح بمرور البواخر التي تعود للدول التي تناوئ مصالح الدولة العتيدة..
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن ساحة كبيرة جداً، فيها نار عظيمة , تشتعل بأكوامٍ وأكداسٍ من الكتب, فسأل أحدهم: ما الذي يجري هنا, وما هذه المحرقة من الكتب, وهل هذه من أفعال هولاكو؟.
قال له: " لا يا سيدي, لا تتار ولا مغول ولا هولاكو, هذا تجمع للكتاب العرب, وقد جلبوا كل مؤلفاتهم معهم, و أضرموا النار بها, احتجاجاً على ما يحصل في غزة ودمشق وبغداد, وكل جنبات الوطن الجريح لأن أفكارهم، لم يكن لها نصيب في النهوض بالأمة.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن المعركة بين المسلمين والعدو قائمة, وهو جندي ولكنه مختبئ وراء صخرة خوفاً على نفسه, وبينما هو على هذه الحال, وإذ بالقائد صلاح الدين الأيوبي يمرّ راكباً حصانه الأبيض.
فوقف( الشاهد) وكأن الحياة دبّت في نفسه من جديد, و نادى على صلاح الدين, قائلا:" يا صلاح الدين, دبّر نفسك تُرانا قد أكلنا هَوَا.. حيث أنه لا رجاء مني".
على ذمة الراوي




شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه مرّ بإزاء أهرامات الجيزة, وهناك جماعات كبيرة من العمال, وهم يفككون أحجار الأهرامات حجراً حجراً، لوضعها في ناقلة كبيرة عملاقة، لتقوم بنقلها إلى حافة البحر، حيث ترسو هناك البواخر التي لا تقلّ ضخامة عن ناقلات البترول العابرة للمحيطات بلا كلل ولا ملل.
سأل أحدهم : إلى أين أنتم ذاهبون بتلك الأحجار والأهرامات؟.
قال: وقّعنا عقداً استثمارياً مع أصحابها لمدة 99 سنة, وسنعيدها إلى هنا ثانية بعد انتهاء عقد شركتنا.
غاب الشاهد في عتمة الليل من جديد, وقد أشعل سيجارة حشيش, وراح يدندن بأغنية غير مفهومة, ويهز رأسه مبتهجاً من تحسن الوضع الاقتصادي في بلاده من مثل تلك الاستثمارات.
على ذمة الراوي






شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن خبيراً دولياً استراتيجياً, قد اقترح على دول عربية في سبيل حلّ القضية الفلسطينية التاريخية, التي صدّعت دماغ العالم الذي لم يصل لنتيجة حولها بإنصاف أهلها ولو جزئياً, بإنشاء فرقة رقّاصات في كل جيش عربي, مهمة هذه الفرقة أن تتقدم الجيوش العربية عند بداية كل معركة مع العدو , وبذلك ينشغل العدو بالراقصات, وتكون فرصة سانحة لجيوشنا للانقضاض عليه, وتحقيق النصر.
كنت أتمنى على الزعماء العرب أن يأخذوا بنصيحته , بكل تأكيد لكان قد تغير وجه التاريخ حسب الوصفة السحرية.
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم, أنه في سوق للمزادات العلنية في صالة ( جروسبي ) في لندن, وحضر مزاد الوطن المعروض للبيع .., والسماسرة يتشوّفون لإعلان لحظة المزاد.., جلس ودموعه تنساح من غير إرادة منه, وقلبه يرتجف من الخوف..
على ذمة الراوي




شاهدٌ على العتمة
أثناء غطيطه وشخيره ونخيره وقد استغرق في حلم, سمع من مصادر مقربة من مراكز اتخاذ القرار في الدول العربية, أن القادة العرب, كان في نيتهم أن يفرطوا القضية الفلسطينية, ويسامحوا إسرائيل بها, وحجتهم أن الفلسطينيين في كل بلاد العالم هم من الأثرياء, ورجال الأعمال, وحَمَلَة الشهادات العالية, وحالتهم المادية عال العال.. وأنهم لن يعودوا لمقارعة اليهود, ويضحوا بمكتسباتهم هناك ليخسروها هنا في بلادهم، لذلك عمل الزعماء خيراً في المحافظة على ثروات الفلسطينيين.. وشاهد أن الطاولة في غزّة انقلبت, وفسد كل ما كان عليها.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه في صالة فسيحة وجميلة, لحضور أمسية شعرية لأحدهم, الذي بدأ أمسيته, بقوله: " لو أن لي وطنان, لبِعتُ الأول وتاجرتُ بالثاني". فقال لنفسه: " تبّاً لك أيها الشاعر اللعين ", وقام من مكانه متوجهاً إلى الباب خارجاً وتاركاً الأمسية التي كان متشوقاً لها..
على ذمة الراوي



شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن مجموعات كبيرة من الناس تفرُّ من بلادها خفية تحت جنح الظلام , وطريقهم محفوفة بالخوف والرعب, وهم يحملون وطنهم في حقيبة ملابسهم باتجاه مخيم الزعتري, الذي أصبح جنّة الأمان المفقود في وطنهم المذبوح قرباناً لحريتهم المغتصبة.
على ذمة الراوي

شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أن الوافدين ليلاً إلى مخيم الزعتري, قد لقوا حُسن الاستقبال من إخوتهم وأهلهم على الضفة الأخرى من حوران, وأعدّوا كل ما هو ضروري لهم من مأوى وعلاج, وبشاشة الوجه وسعة الصدر, مع الوجبة الأولى من الطعام الذي تناولوه بعد رحلة شاقة في قطع المنطقة العازلة, وارتاحت أعصابهم وقلوبهم, بعد شعورهم بالطمأنينة على حياتهم وهي أعزّ ما يملكون.
على ذمة الراوي




شاهد على العتمة
زعم الشاهد: أنه التقى بصديق قد نزح من بلده, وهو مقيم في مخيّم الزعتري للعلاج من مرض قلبي عضال بعد طول جهد, دخل المشفى الميداني الذي حوّله بدوره إلى مشفى العَوْن, بعد إتمام إجراءات الدخول، قابل الطبيب المقيم هناك, فعرض عليه التقارير الطبية وصور الأشعة مرفقة بالسيرة المرضية التي سطرها له أطباء بلده, ناولها للطبيب الذي وضعها جانباً على طاولة المكتب دون أن يلتفت إليها, وراح يلقي عليه الأسئلة، بعد ذلك قال له" عليك مراجعتنا بعد شهر" رفع المريض حاجبيه و الدهشة تعلو وجهه, وقال للطبيب : " أف .. لماذا الشهر؟, وحالتي مستعجلة و التقارير تثبت ذلك, جاءه الجواب, حتى نرفعها لمكتب المفوضية في عمان, ومن ثم يرسلوها لمكتب المفوضية في لندن, ومن هناك سترفع للأمم المتحدة في واشنطن الذين سيأخذون قراراً بتقرير وضعك.
تساءل المريض بدهشة واستغراب ..!! :" وهل قضيتي تستحق كل هذا الجهد من الأمم المتحدة؟, هذا يعني أن مَرَضِي أصبح قضيةً دُوليّة تستحق كل هذا الاهتمام من المجتمع الدولي, ويبدو أنني شخص على درجة عالية من الأهمية, علماً أنني أجهل ذلك, جُزيتُمْ خيراً على لًفِتْ انتباهي لهذه القضية, حيث أنني و للمرة الأولى في حياتي, وعيت هذه الحقيقة, يعني أن السيد( بان كي مون) سيقرأ اسمي, ويحفظ سيرتي المرضية, ويأخذ قراراً أممياً بتغيير واقع حياتي, كما غيّرت القرارات حياة العراق وأفغانستان وكثير من بقاع الدنيا وأحالتها إلى الجحيم والدمار والضياع؟.
ولكن يا سيادة الطبيب, أخاف أن تستعصي قضيتي وتصبح كقضية فلسطين التي استعصت على الأمم المتحدة, التي لم تستطع أن تفهم فلسطين و قضيّتها, وبذلك يتوجب عليّ انتظار الستين سنة القادمة حتى يجيء دوري, وأكون قد غادرت الدنيا إلى رحاب الله, وسأوصي ابني بمتابعة مَلَفّي, قام و خرج من مكتب الطبيب, ونظراته زائغة، وقد أطبق فمه علي الكثير من الكلام، حيث توقف تفكيره عند هول الصدمة التي تلقاها, وراح يندبُ حظّه العاثر الذي قاده لمخيمات اللجوء، التي تشرف عليها مفوضية اللاجئين التابعة لهيئة الأمم المتحدة الفاقدة للروح الإنسانية.
من جديد تأبطَ مَلَفّه، وهو يعاتب نفسه على المصير الذي قاد نفسه إليه, وغاب في زحمة الخيام التي تلتف بالبؤس والشقاء, وهو يتُفّ على الشعار الأزرق المطبوع على خيمته عندما وقف أمامها.
على ذمة الراوي



شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه رأى جموع الناس المتجهة لمكاتب المفوضيّة في بوتقة فراغ هائل, قد استغرقت كل ساعات يومهم من مطلع الشمس إلى مغيبها, وهم يصطفّون بالدور على الطوابير الطويلة بطول الطريق إلى مخيّم الزعتري, الجميع منقطع عن العالم الخارجي، هموم مستحدثة، يبدو أنها تحاول أن تنسيهم مشكلة بلدهم ومعاناة أهليهم، هناك.كُشُوحٌ باهتٌ قد أذهب نضارة وجوههم, التي تقرأ فيها سوء حالهم التي مالت, وكأنها جريدة حكومية يومية.
على ذمة الراوي



شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, صديقاً له, وهو يتحدث عن دعاء الدبابات فقال: لقد سمعت شيخاً يدعو في الركعة الأخيرة من صلاة المغرب في أول يوم دخلت فيه الدبابات قريتهم, قائلاً": اللهم إنا نشكو إليك هذه الدبابات التي لم تطلق طلقةً واحدة على إسرائيل فإنها تطلق علينا, وقد آذتنا, فهدمت بيوتنا وقتلت نساءنا وأطفالنا, اللهم أفشل رميها, وعطّل آلتها, واجعلها برداً وسلاماً, وشُلّ أيدي العاملين عليها, واعْمِ بصيرتهم, واجعل دائرة السوْء تدور عليهم.. اللهم آمين.
على ذمة الراوي


شاهد على العتمة
رأى فيما النائم خيراً, أن أول دقيقة صمت على أول شهيد في الثورة السورية قد دخلت موسوعة غينس للأرقام القياسية, حيث اعتبرت أطول دقيقة صمت في التاريخ، حيث ستبلغ قرابة 640 يوماً حتى غاية 15\12\2012.
على ذمة الراوي





شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه تسلل خِلسةً، وفي غفلة من أعين الحراس الذين يحيطون بالمبنىً الكبير، الذي يبدو أنه ذو أهمية بالغة، وذلك من هيبة منظره الخارجي, وتحيط به حديقة مليئة بالورود والزهور ونباتات الزينة والأشجار المنسقة بإتقان عجيب.
ووصل أمام باب القاعة الكبرى في نهاية الممر, وأحنى ظهره لاستراق النظر من ثقب المفتاح. رأى الوجوه التي كان يراها على شاشات الفضائيات, وكل وجه يحمل ملامح شخص متناقض عن وجه الآخر, كما يبدون للمشاهد أنهم أعداء, ولكنهم أحباب وأخلاء وراء الأبواب الموصدة.
أصيب بالذهول من الصدمة التي جعلته يراجع شريط ذكرياته عن الأعداء والأصدقاء على الشاشات, انسحب بسرعة عندما سمع وقع أقدام قادمة من هناك قاصدة القاعة المغلقة التي تعقد فيها المؤامرات، لاختلاق الأزمات وافتعالها.
على ذمة الراوي






شاهد على العتمة
رأى فيما يرى النائم خيراً, صديقاً له يقرأ بصوت عالٍ, أن الكلمة أنثى .. والورقة أنثى, والقلم ذكر .. فهل هي مصادفة؟, ويبدو أن قصة أنوثة الكلمة هي التي أوصلتها إلى أسماع وقلوب الجماهير, ولم تفقد بريقها منذ بدء الخليقة, وما زال الشعراء والقراء يستشهدون بامرئ القيس.. معنى ذلك أن خصوبة الأنوثة هي التي نثرت خيرها على البشرية.. والكلمة هي ثمرة تجمع الحروف، ونتاج القلم الذي ترعرع في حضن الورقة والتي هي بمثابة الأم الرؤوم. فلا فائدة من الكلمة إذا لم تقترب وتتآلف مع القلم الذي يقيد حركتها ويجعلها ثابتة خالدة , عندما تكون مصطفّة بأناقة على شكل سطور في صفحة . فالأحرف و الكلمات طيور تتطاير هنا وهناك، و قيدها الكتابة, وهذه الحكمة الجليّة التي تجعل من الكلمة الهادفة النافعة التي تسير في ركاب الحق وأهله أن تبقى مستمرة بمفعولها مدى الحياة. سكت القارئ والدموع ملأت مآقيه, وهو يرى ضياع الحق وأهله, عند أهل اللؤم والظلم.
على ذمة الراوي







....... -- يتبع -- .......