عرض مشاركة واحدة
قديم 02-16-2023, 11:22 AM
المشاركة 647
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ الثّالثُ والأربعونَ


في البَاءَاتِ


منهَا باءُ الزِّيَادَةِ وقَدْ تَقَدَّمَ ذِكرُهَا، ويُقالُ لبَعْضِهَا باءُ
التَّبعِيضِ كمَا قَالَ عَزَّ وجَلَّ {وامْسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ}* أيْ
بَعْضِها. ومنها باءُ القَسَم كَقولِهِمْ: باللّهِ وبالبيتِ الحرامِ
وبِحَيَاتِكَ. ومنها باءُ الإلصاقِ كقوْلِكَ: مَسَحتُ يَدِي بالأرْضِ.
ومِنْهَا باءُ الاعْتِمَالِ كقوْلِكَ: كَتَبْتُ بِالقَلَم، وضَرَبتُ بالسَّيف،
وزَعَمَ قَوْمٌ أنَّ هذهِ والتي قبلَها سواءٌ.
ومنها باءُ المُصَاحَبَةِ كما تَقُولُ: دَخَلَ فُلانٌ بِثِيابِ سَفَرِهِ،
ورَكِبَ فُلانٌ بِسلَاحِهِ، وفي القُرْآنِ {وقَدْ دَخَلُوا بِالكُفْرِ وهُمْ
قَدْ خَرجُوا بِهِ واللّهُ أعْلَمُ بِما كَانُوا يَكتُمُون}**، واللهُ أعلمُ.
ومِنْهَا باءُ السَّبَبِ كقولِهِ تَعَالَى {وكَانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِين}***
أيْ مِنْ أَجْلِ شُرَكَائِهِمْ. وكما قالَ {والَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا
يُشْرِكُونَ}= أيْ مِنْ أَجْلِهِ. ومِنْها البَاءُ الدَّاخِلَةُ عَلى نَفْسِ
المُخْبِرِ والظَّاهِرِ أنَّها لِغَيرِهِ كقوْلِكَ: رأيتُ بِفلانٍ رَجُلًا جَلْدًا،
ولَقِيتُ بِزَيدٍ كَرِيمًا، تُوهِمُ أنّكَ لَقيتَ بزيدٍ كريمًا آخَرَ غيرَ
زَيْدٍ، وليس كذلِكَ وإنَّما أرَدْتَ نَفَسَهُ، كما قالَ الشاعرُ:

إذَا مَا تأمَّلتَهُ مُقْبِلًا
رَأيتَ بِهِ جَمْرَةً مُشعَلةْ


وفي القرآن {فاسْأل بِهِ خَبيرًا}==. ومِنْهَا الباءُ الواقعةُ مَوقِعَ
(مِنْ وعَنْ) كما قال عزَّ وجلَّ {سَأَلَ سائِلٌ بِعَذَابٍ واقِعٍ}===
أيْ عَنْ عَذابٍ وَاقِعٍ، وكما قال {عَيْنًا يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللّهِ}+
أي مِنْهَا.
ومِنْهَا الباءُ الّتي في مَوضِعِ (في)، كما قالَ الأعْشَى:

*مَا بُكاءُ الكَبيرِ بِالأطْلَالِ*

أيْ في الأطلَالِ، وقالَ الآخرُ:

ولَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَ السَّمَاءِ
بِهِ مُقَلٌ رَنَّقَتْ++ للهُجُوعِ


أيْ فيهِ. ومِنْهَا البَاءُ التي في مَوضِعِ (عَلَى)، كما قالَ الشاعرُ:

أَرَبٌّ يَبولُ الثُّعلُبَانُ بِرأسهِ
لقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالتْ عَلَيهِ الثَّعالبُ+++

أيْ عَلَى رأسه. ومنها باءُ البَدَلِ كما تَقُولُ: هَذَا بِذَاكَ، أي
عِوَضٌ عنْهُ وبَدَلٌ مِنْهُ، كما قالَ الشاعرُ:

إنْ تَجْفُنِي فَلَطالَما واصَلتَنِي
هذَا بِذاكَ فَمَا عَليكَ مَلَامُ

ومِنْهَا باءُ التَّعْدِيَةِ كقولِكَ: ذَهَبتُ ورَجَعْتُ بِهِ. ومنها البَاءُ
بمعنى (حَيثُ) كَقَولِهِمْ: أنْتَ بالمُجَرَّب، أي حَيْثُ التَّجريبِ،
وفي كتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ العَذابِ}&
أي حَيْثُ يَفُوزُونَ.


*"6" من سورة المائدة.
**"61" من سورة المائدة.
***"13" من سورة الروم.
="59" من سورة المؤمنون.
=="59" من سورة الفرقان.
==="1" من سورة المعارج.
+"6" من سورة الإنسان.
++يقال: رنق الطائر خفق بجناحيه ورفرف ولم يطر، ورنق
النوم في عينيه غشيهما وهو المراد هنا من قول الشاعر.
+++قوله الثعلبان: مثنى ثعلب وليس مفردا كما يفهم من
القاموس، وضبط في بعض النسخ منه بضم الثاء والنون
واستشهد به على أنه مفرد مذكر.
&"188" من سورة آل عمران.