عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2011, 03:40 PM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
جميل هذا الحوار حول قضية الرمز.
الأستاذ عبده فايز الزبيدي

واضح انك اخترت الاصطفاف إلى جانب من يرفض الرمز ويعتبره نوع من الفذلكة الدالة على ضعف القدرة في الملكة الإبداعية، لكن:
تقول في مداخلتك بأن: اقتباس" لنا في قصة زكريا عليه السلام المثل القرآني حين جوّز لنبيه الكريم استخدام الرمز لعدم قدرته على الكلام كآية لمجيء الولد بعد طول عقم"
وأنت تشير هنا إلى أن الرمز هنا قد جاء أية لمجيء الولد...ألا يشير هذا الطرح إلى أن الرمز في النصوص إنما يزيدها إعجازا وقوة وبلاعة ويرتقي بها؟ إذا قد تكون الإبانة فصاحة لكن الرمز إعجاز.

قضية أخرى مهمة وهي أن الكلمة تأخذ أهميتها بما يرتبط بها من معنى دلالي (المحتوىconnotation ) وليس اللفظ هو المهم، من هنا فأن إغناء النص برموز يغنيه حتما، حيث أن الرموز المستخدمة تجعل للنص قيمة أعلى، ووزن اكبر بما تحتوه الرموز من دلالات عظيمة ترتبط بها كونها تستحضر تراثيا غنيا في الغالب. فمثلا إن استخدام طائر الفينيق كرمز إنما يعنى الكثير حول الخلود والانبعاث من الرماد. وهنا نجد أن كلمة واحدة تحكي الكثير وتقول ما لا يمكن قوله في كلمات كثيرة وذلك يخدم أسلوب الإيجاز المطلوب في الشعر حتما.

في الواقع إن الرمز مثله مثل النبوءة الشعرية فهو، وكما يقول ايليا الحاوي، ادآة تظهر النبوغ الشعري، وبغض النظر عن موقف الفرنسيين من المدرسة الرمزية، أرى بأن الرمز أسلوب يزيد من قيمة النص الشعري ويجعله أكثر إعجازا وتأثيرا وبلاغة، وربما أن موقف الفرنسيين جاء كنتيجة لفشل اللغة الفرنسية في تسخير هذه الأداة بينما نجد اللغة العربية اقدر على ذلك.

أما فيما يتعلق بالعقل الباطن فهو حتما قديم قدم البشرية، ولا بد أن الإنسان قد بدأ التواصل بلغة الرموز قبل أن يطور لغة الحروف والكلمات، وهذا ما يشير إليه كلام العقاد المذكور أعلاه" التعبير بالرموز عادة قديمة في تعبير الإنسان , بل عادة قديمة في بديهة الإنسان" .

ولو تصورنا العقل الباطن كآلة تعمل بالطاقة نجد انه كلما زادت قوة هذه الآلة كلما زادت قدرتها على توليد نصوص أكثر قيمة ووزن وعبقرية، وهنا نجد أن الشاعر الذي تولد نصوصه الشعرية من العقل الباطن يكون اقدر على توليد نصوص عبقرية ومن ذلك تسخير الرمز واستحضار مثل تلك الرموز الغنية بالمعاني فتكون نصوصه أكثر إعجازا وتأثيرا.

وحتما نجد أن عدم احتواء النص الشعري على النبوءة والرمز، من بين امور اخرى، ما هو إلا مؤشر يشير إلى أن مصدر القصيدة عنده ليست أعماق العقل الباطن.

ومن هنا نجد ان الشاعر الاكثر استخداما للرمز يكون دائما شخص وحيد يشعر بوحدة قاتله كونه يقول اشعار قد لا يفهم ما ترمز اليه الا القلة القليلة...وقد ينعته البعض بالجنون ولكن الزمن سوف يكون كفيل باظهار انه كان سابقا لعصره حتما.