عرض مشاركة واحدة
قديم 07-14-2011, 06:22 PM
المشاركة 6
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حياك الله و أكثر في الأدباء أمثالك!
أحسنت أيما إحسان .
و قضية الغموض و الرمز حجة يحتج بها من لا حجة له بله أن تكون له موهبة.
و لا يحتاج السليم للرمز إلا للضرورة و لنا في قصة زكرياء عليه السلام المثل القرآني حين جوّز لنبيه الكريم استخدام الرمز لعدم قدرته على الكلام كآية لمجيء الولد بعد طول عقم .
و الإبانة هي لباب الفصاحة (بلسانٍ عربي مبين) و البغمة في الأصوات تقرب من لغة الطيور و الحيوانات.
و يسرني أخي الكريم أن أقتبس كلمات للعقاد رحمه الله تعالى حول هذه المعضلة قديماً و حديثاً:
(( مسوغات الرمزية
و التعبير بالرموز عادة قديمة في تعبير الإنسان , بل عادة قديمة في بديهة الانسان.
فالحالم مثلا يعبر في منامه عن شعور الضيق أو الخوف بقصة رمزية يتمثل شيئاً مخيفاً في صورة وحش أو مارد مرهوب.
و الكاتب الذي لم يعرف الحروف الأبجدية يرمز إلي المعاني بالشخوص و الرسوم ...
و كهان الديانات يرمزون و يعمدون كثيرا إلي الكنايات و الألغاز, لأنهم يجعلون لغة الدين لغة سرية ينفردون بها و لا يطلعون سواد النَّاس على دخائلها, فيختارون الرمز في التعبير و إن قدروا على الإفصاح و التصريح.
و النساك المتصوفون يرمزون لأنهم لا يستوضحون المعاني الغامضة التي تجيش بها نفوسهم في حالة كحالة الغيبوبة أو نشوة من نشوات الذهول , فيُؤثرون التشبيه لأنهم عاجزون عن التوضيح و يخاطبون من يعرف حالهم برمز منم هنا و تورية من هناك فلا يحتاج منهم إلي زيادة إيضاح.
و كان بعض الدول يقهر الرعية على عقيدة لا يدينون بها و قد يدينون بغيرها, فيشيرون إلي عقائدهم برموز يفهمونها و يجعلون للألفاظ الشائعة معاني غير معانيها المتفق عليها في اللغة المتداولة , ثمّ ينبذون تلك الرموز إذا ارتفع عنهم الضغط و الإكراه.
و قد يكون الرمز اختصاراً لعبارة مفهومة أو صورة ظاهرة , كرمز الرياضيين, و الكيميائيين بالخطوط و النقط إلي الأفلاك أو العناصر أو المقادير.
فالرمز شيء مألوف في تعبير الإنسان و في طبيعة الإنسان, و لكنه مألوف على حالة واحدة لا يخلو منها معرض الرمز و الكتابة , و هي حالة الاضطرار و العجز عن الإفصاح , فلم يرمز الإنسان قطُّ و هو قادرٌ على التصريح و التوضيح, و لم يجد كلمة واضحةً لمعنى واضح ثم آثر عليها الالتواء شغفاً باللالتواء.
.... لكنها ظهرت سائغة مدعوة إلي الظهور بدعوة التطور في التفكير و الشعور , ثمَّ استحقت الاحتجاب قبل أن تتمكن من الثبات على الأساس الصحيح .... و صدقت عليها الفكاهة التي تحدّتَ بها ظرفاء بغداد عن بهلولٍ المجنون, حين قالوا: إنه كان يغني بدرهم و يسكت بدرهمين.
فالمدرسة الرمزية التي وجب ظهورها مرة وجب سكوتها بعد ذلك مرتين , و لم يلبث الفرنسيون أن أطلقوا عليها اسم مدرسة الهبوط و الإنحدار(Decadents) ...)*

و مداخلتي مع أستاذنا المحبوب أيوب صابر:
هل العقل الباطن قديمٌ أم محدث؟
فإنْ كان قديماً قدمَ الإنسانية فما بال العرب في الأجل الأعظم من كلامهم صرحاء المعاني و القرآن يحاورهم بلسان عربي مبين لا بغمة فيه و لا رمز , و إن كان حديثاً فهل حُرم منه السابقون و استأثر عليه المحدثون؟

و شكرا للجميع.
تثبيت.

* عباس محمود العقاد,
المجموعة الكاملة , المجلد الثاني و العشرون, دار الكتاب العربي.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا