عرض مشاركة واحدة
قديم 09-19-2012, 12:08 AM
المشاركة 8
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[justify]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الأخ الحبيب أيوب صابر ..
اشكرك جدا على ردودك النارية والعميقة والمفيدة ، ولو ان فيها حدة غير ضرورية،
أما الحدة فى الردود فأنا أعتذر عنها ..
واحمل اعتذارى إليك فى وعاء من قولى لك أننى أريد لك ولى وللجميع الخير إن شاء الله , هذا هو هدفي والله .. وأنا اقسم هنا لأن داعى القسم موجود , أقسمت لك حتى لا أعينك على نفسك فتظن بي ما قلته هنا :
والتي لا شك انك تبذل من اجل اعدادها الوقت والجهد، فهي تخدم الهدف والمتمثل في اشعال الحوار هنا وترفع من درجة الوعي في المحصلة النهائية.
لا يا أخى .. وبارك الله فيك
ليس من أهدافي أبدا إشعال المحاورات والنقاش , والوعى لن يتأتى بقصد النقاشات المشتعلة وجعلها الهدف الأسمى من محاوراتنا ..
بل الهدف ــ كما قلت أنت ــ هو زيادة الوعى فى المحصلة النهائية ,
ولو كان هدفي من المحاورة التناطح أو الأخذ والرد لما قلت لك ما قلته عن كراهية استقدام أمثال تلك الموضوعات وإثارتها , أليس كذلك ..
وهى نصيحة ليس إلا , رأيت من واجبي توجيهها و وليس لزاما على من لم يقتنع بها العمل بها ..

ونعود لنقاش النقطة التى أثرتها ..
تقول الكاتبة:
- أتساءل كيف لشعوب تستورد كل شيء حتى الخبز الذي تأكله وتتبجح على بقية الشعوب بأنها هي التي صدرت لها الحضارة في زمن توقف عنده نموها النفسي؟
- لا احد ينكر اننا نستورد الخبز وكل شيء آخر لكن ذلك لا يقلل من قيمة الحضارة العربية الاسلامية ابدا، ولنا ان نفتخر ونتبجح في اننا كنا رواد في اخراج اوروبا من عصور الظلام بما قدمناه من معارف وباحياء الفكر الذي كاد ينقرض في حينه وباعمالنا للعقل.

هنا أخى الكريم وقعت الكاتبة فى الخلط والتخليط ..
واسمح لى ببيان ذلك بإيجاز غير مخل ..
فهى خلطت بين حال الأمة اليوم إلى النهضة والحضارة , وبين ماضينا وتراثنا , والاعتزاز بهما ..
وأرى أن البعض هنا أيضا أخذته الحمية للكاتبة فخلط بين الأمرين بشكل عجيب ,
ولو كانت الكاتبة حسنة النية لعرضت لنا أحوالنا التى نعانى منها ولا ننكرها , ولعرضت إلى جوارها الحل المتمثل فى ضرورة العودة للنهضة الفكرية التى كنا عليها عندما كنا أمة العلم والفكر
لكن الكاتبة فعلت العكس تماما ,
فهى تشير من طرف خفي إلى أن تمسكنا وافتخارنا بماضي أمتنا إنما هو ناجم عن عقدة النقص والحل من وجهة نظرها , ووجهة نظر من يأخذ برأيها أن نطرح عنا هذا الإعتزاز الحضاري بماضي الأمة ونحل مشكلاتنا المعاصرة
وهذا تناقض رهيب ..
لأن هذه الأمة تعانى من البداية من أزمة فكر فى المقام الأول ,
وحل أزمة الفكر والعقيدة لن يتأتى إلا بضرورة الإنتباه لما صلحت به الأمة فى السابق , لأن القاعدة النبوية تقول أنه لن يصلح حال الأمة اليوم إلا ما صلحت به فى القرون الخيرة ,
ولن نتمكن من حل مشكلاتنا المعاصرة إلا إذا انتبهنا لقضية الحفاظ على الهوية والتصدى لأفكار جيل كامل حمل إلينا التغريب فى كل شيئ وطلب إلينا أن نتبع الغرب فى كل شيئ حتى نحظى بتقدمه العلمى ,
وهو كما قلت خلط خبيث النية يفترض فينا إفتراضا وهميا من أصله ألا وهو أن الأمة اليوم تفتخر وتتمسك بماضيها , ولعمرى لو كان هذا هو حالنا حقا لما وصلت بنا الأحداث إلى الدرجة التى وصلت إليها اليوم من التردى لمهاوى الضلال والتخلف ,
ولو كنا حقا نفتخر ونشعر بتراث الأمة والسابقين لما تركنا مبادئهم التى عاشوا لها وبها فصلحت دنياهم وأخراهم ..

ولقد مرت الفتن على هذه الأمة كقطع الليل المظلم , ومرت على الأمة أحداث عصفت بها بأشد مما نمر نحن اليوم , ولكنهم أفاقوا واستعادوا صحوتهم فى كل مرة ,
ذلك أنهم تمسكوا بهدى الجيل الأول وطبقوا القواعد الصحيحة للفكر الإسلامى المبنى على القرآن والسنة والثوابت الحضارية ..
أما نحن ففشلنا فشلا ذريعا إزاء حوادث هى أقل مما تعرضت له أمتنا فى السابق , ورغم امتلاكنا اليوم للثروات والأدوات وللطاقة البشرية بشكل استعصي على أمتنا السابقة إلا أننا لم نستطع القيام بربع ما قاموا به هم عندما نهضوا من الفتنة الكبري فأعادوا الوحدة الإسلامية , وعندما نهضوا من كبوة التتار بعين جالوت , وعندما نهضوا من كبوة الصليبيين بمعركة حطين , وعندما نهضوا من فتنة المماليك بالخلافة العثمانية ..
هذه الأجيال السابقة قامت ونهضت لأنها يوما لم تتخل قط عن مبادئها وعقيدتها السليمة , فجددت نفسها بسهولة ,
أما نحن ..
فبدأت الطامة بالفكر الغربي الوافد الذى قام أساسا على نبذ الفكر الإسلامى وحضارته بالجملة ,
ففقدت الأمة أهم ميزة وأهم قوة تقوم بها ألا وهى الهوية والعقيدة الصحيحة ,
فماذا كانت النتيجة , أصبحت الأمة الإسلامية اليوم تابعة للغرب منذ أكثر من مائة عام يتحكم فيها كيفما شاء ..
وليس هناك عاقل لا يدرك أن السبب الحقيقي إنما يكمن فى التخلى عن ثوابتنا ومسخ أفكارنا بفكر وافد أحالنا أتباعا بعد أن عشنا أربعة عشر قرنا ونحن متبوعون ..

والله المستعان

[/justify]