عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
3356
 
مباركة بشير أحمد
من آل منابر ثقافية

مباركة بشير أحمد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
61

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Feb 2014

الاقامة

رقم العضوية
12705
02-15-2014, 08:56 PM
المشاركة 1
02-15-2014, 08:56 PM
المشاركة 1
Lightbulb ( وليس الذكر كالأنثى )
يقول الله جل وعلا: ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )

ربما يعتقد كثير من الناس ،أن هذه الآية الكريمة ، دلالة تفضيل الرجل على المرأة، نظرا لمقدرة هذا الأخير، وتمتعه ببعض ماليس لها من قدرات جسمية، أو حتى عقلية ،بدليل قوله تعالى " وليس الذكر كالأنثى".
لكننا لو أمعنا التأمل في الآية الكريمة ،وجعلنا العقل حاكما بعيدا عن أي أفكار مسبقة ،أواعتقادات موروثة ،فسنكتشف ما سيصدم تصوراتنا الإنسانية الضئيلة ،ونعود إلى واقعنا محملين بما سيثبت العكس .
أول ما يجلب انتباهنا في الآية الكريمة هو : "امرأة عمران" ،فلماذا لم تذكر باسمها وهي المرأة الصالحة مستجابة الدعاء ؟
الإجابة بببساطة هي أن هذه المرأة رغم صلاحها ورفعة قدرها عند الله عزوجل إلا أنها وجدت في بيئة تنتقص من قدر المرأة، وتحتقر انضمامها للكينونة الإنسانية ،وتولي اهتماما بالذكر دونا عن الأنثى ،وهذه سلوكات ورثوها واكتسبوها من المفاهيم الجاهلية التي احتستها أذهانهم المريضة بداء التوهان .فهي إذن تنعت باسم زوجها ،ولقد أشارت إليه الآية الكريمة ،وهذا هو حال النساء في مجتمعات متخلفة حتى في عصرنا الإسلامي الحديث .فمتى اضمحل جسد المعرفة ،وتقلصت خلايا العقيدة في مساماته ، وازداد عملاق الجهل طولا ، تذوب حقوق المرأة، ويتلاشى وميض مقامها ،فتغدو مجرد تابع مطيع للرجل .
وبما أن امرأة عمران وهي المرأة الحكيمة ،العاقلة تدرك مالذي سوف تكابده ابنتها التي ستكون خادمة لبيت المقدس بين الذكور ،فلقد أصابها حرج أمام عظمة الله سبحانه ،وهي التي نذرت له ما في بطنها ظنا منها أنها ستنجب غلاما . كانت مستجابة الدعاء أي نعم ،لكن الله سبحانه لم يرزقها ذكرا إنما رزقها أنثى وهو العزيز الحكيم وهوالقائل : "والله أعلم بما وضعت" بمعنى أنه سبحانه أعلم منها أي امرأة اعمران بما أنجبت و بشأن تلك الأنثى والتي ستفضَل على الرجال، الذين اغتموا وامتعضوا لوجودها في بيت المقدس ،وحاربوها بألسنتهم المسمومة واتهموها بالزنى عليها السلام ،وهي الصدَيقة ،الشريفة ،العفيفة " " فــلو كان القصد هو علم الله كونها أنثى فقط " لجاء الفعل " يعلم " وليس " أعلم " والذي يدل على مابعد العلم الحاضر ،أي المستقبل.
والذي يثبت علاء منزلتها- تلك الأنثى- هو: أولا، أنها حملت بدون أن يمسها ذكر، وهذه دلالة الإستغناء التي أرادها الله لهذه الأنثى ...فهي إذن ستنعت باسمها دونا عن زوج لها بمعنى هي " مريم " وليست امرأة فلان" ثانيا ،أنها أنجبت "عيسى عليه السلام" ،الذي نطق في المهد ،وهوالنبي الوحيد الذي دعا قومه رضيعا ، وكان معجزة زمانه وكل الأزمنة....ولقد نسب لوالدته مريم...."عيسى ابن مريم "

يقول تعالى ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ )

إذن فامرأة عمران كانت تعلم بأن ابنتها مريم سيتعسر حراكها بين الذكور، وأن مهمتها ليست بالسهلة كما للغلام في محيط ضبابية رؤيته إلى المرأة وناقصة الموازين ، فرفعت ببصرها مناجية ربها وطالبة منه المغفرة أن قد أنجبت أنثى " وليس الذكر كالأنثى " ولكن الله سبحانه أعلم منها وبتلك الأنثى، التي ستتقتني على عرش السمو مكانة لم يطلها ذكر آنذاك .
والذي يحسب ُأن الله عزوجل يفضل الذكر عن الأنثى في هذه الآية الكريمة ،نقول له ما أصابت سهام فكرك عين الحقيقة أبدا فــ " ليس الذكر كالأنثى " جاءت على لسان امرأة عمران ،ولكن القدر أثبت لها غير ما كانت تعتقده ...فابنتها "مريم" قد حفظها الله سبحانه ورفع قدرها بين الأنبياء والصالحين .

- والله أعلم -