عرض مشاركة واحدة
قديم 08-23-2021, 07:38 AM
المشاركة 20
ثريا نبوي
المراقب اللغوي العام
الشعراء العرب

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية التميز الألفية الأولى القسم المميز شاعر مميز المشرف المميز 
مجموع الاوسمة: 8

  • موجود
افتراضي رد: وَشَالُ الصَّبْرِ يُسْتَبْقَى .. مُهداة إلى ابنتي الغالية النابغةِ الياسَمين
لأن الشعر حالة وجدانية تعبر عن إحساس أو أحاسيس الشاعر تجاه أي موقف من المواقف الحياتية التي يتعرض لها ، حزنا وكمدا ، أو فرحا وسرورا ، فقد كان لقصيدة رثاء الشاعرة ياسمين الحمود / لزوجها الراحل ، أثرها في نفوس القارئين ، ولا سيما الشعراء فالتأثر بالطبع أكبر وأشد ، ولا أدل على ذلك من هذه القصيدة للشاعرة الكبيرة والأديبة الغالية والدتنا الثريا ، *وشال الصبر يستبقى* ،
مررت على القصيدة وقرأت فيها من الصدق الشاعري والبلاغي ، الذي يعبر إلى القلوب بلا حواجز فيأوي إليها ، يهز الشعور ويحرك المشاعر ، ويوقظ الأحلام الغافية ..
وكما تفضلت شاعرتنا ، هذا هو حال الدنيا ، إن ابتسمت اليوم ، تعبس في الغد ، تسعد وتحزن ، وتقرب وتبعد ، فهي حمالة أوجه ، والحياة بطبيعتها مجموعة من المتناقضات ولا يمكن لها أن تستقيم إلا بها ، وهي سنة الله في الكون .
" ولن تجد لسنة الله تبديلا "

رائع هو الشعر عندما يحمل في طياته الحكمة البليغة ، بالدليل القاطع ، والحقيقة الساطعة ، التي تروح عن النفس وتهون من شدة الصدمة ، فالدنيا دار الشقاء والعناء ، توهمنا بالأمل والبقاء ، وإنها لفانية حتما
" كل من عليها فان "
" وللدار الآخرة خير للذين يتقون "

حمالة الأوجه استعصت على الغرقى
أن يسبروا غورها أو يدركوا العمقا

دار الشقاء وبالآمال توهمنا أن البقاء على أغصانها أبقى

خضراء سحنتها غرت مفاتنها
ريب المنون على اعتابها تلقى

غزّت خوافقنا في كل نازلة
والحزن كفٌّ غدا يستجمع الورقا

تهمي الدموع مع الآهات إن هدلتْ
غيثًا لمن أضرمت أوجاعهم حرقا

وهنا كم راق لي وأعجبني عندما خلصت الشاعرة إلى إبداء الاعتذار وشرحت الأسباب والظروف القاهرة التي تحول عن الوصول للطرف الآخر ، لتقديم واجب العزاء والمواساة ، كي تكفكف الدموع ، وتنزع الهموم ، وتخفف وطأة المصاب ، ثم تختم قصيدتها بالإشادة بموقف الشاعرة من مصابها وصبرها واحتسابها ، وتحمد الله تعالى على أن وفقها إلى الثبات ، كم هي رائعة القصيدة بكل ما حملت من المواساة الصادقة النابعة من قلب صادق ..

مِلْحُ المسافاتِ أكْداسٌ تُعانِدُني
إمَّا وَدِدْتُ إلى عينيكِ أنْ أرقَى

أُكَفْكِفُ الدَّمْعَ، والأحمالُ أرفعُها
عنْ مِنْكَبَيكِ وشالُ الصَّبرِ يُسْتَبْقَى

يا ليتَني في زمانِ المِحنَةِ التَقَطَتْ
حبلَ الوِصالِ بَنَانُ المِنْحَةِ الوُثْقَى

تُقَرِّبُ القلبَ مَكْلومًا لأَحضِنَهُ
وأنزِعَ الهم من شرفاته الأنقَى

لكنَّهُ الأملُ المعصومُ مِنْ غَرَقٍ
أنْ يَمنحَ اللهُ مِنْ أنَّاتِنَا عِتْقَا

مِنْ رِبقةِ الوَهْنِ والفَقْدِ المُزلزِلِنا
لِنَلتَقي في جِنانِ الخُلْدِ لا نَشْقَى
***
عادَتْ شَظاياكِ لا مِرآةَ تَجمَعُها
تُضَمِّدُ الجُرحَ تَسْتَسْقي بِهِ الرِّفْقَا

للهِ دَرُّكِ .. والأحـــــزانُ تَرفِــــدُهُ
حتى المَصَبِّ فما خانتْ لهُ دَفْقَا

والحمــدُ للهِ أنَّ الهَنْدَبــَــــا ثَبَتَتْ
في وجْهِ عاصفةٍ كم تكسِرُ العُنْقَا
------------------------------------
في الأخير ، أستميحُك معلمتي الفاضلة عذرا عن الإطالة في هذه القراءة المتواضعة ، والتي قد تكون في غير محلها ربما ، لكنه تأثري بموضوع القصيدة وشاعريتها وجمالها وصدقها ، مع خالص تحيتي والتقدير ...

حيَّاك الله وبيّاكَ شاعرنا المبدعَ الفيصل
بل إنه الشكرُ قوافلَ والعِرفانُ قبائلَ لحضورِكَ المهيب وجمالِ التعقيب
وما أكرمتني به من وقتِكَ الثمين لتحليل القصيدة وقراءة ما بين السطور
ثم تعتذرُ عن هذا الكرم والإكرام؟!
مُبهرٌ هذا الحضور ليس له إلّا جزاكَ الله خيرًا وأحسن إليكَ إحسانا
ودُمتَ مُحقَّقَ الآمالِ والأهلُ والوطنُ الغالي كله
وللياسمينِ الصبرُ والرضا ووضاءةُ الاحتساب