عرض مشاركة واحدة
قديم 04-06-2021, 06:17 PM
المشاركة 3855
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال


2550

.... أَعْطِنِي حَظِّي مِنْ شُوَايَةِ الرَّضْفِ ....

قَال يونس‏:‏ هذا مثل قَالته امرَأة كانت غريرة، وكان لها
زوج يكرمها في المطعم والملبس، وكانت قد أوتيت حظًّا
من جمال فَحُسِدَتْ على ذلك، فابتدرت لها امرَأة لِتَشِينَهَا،
فسألتها عن صنيع زوجها، فأخبرتها بإحسانه إليها، فلما
سمعت ذلك قَالت: وما إحسانه، وقد منعك حظك من
شُوَايَةِ الرضف‏؟‏ قَالت‏:‏ وما شُوَاية الرضف‏؟‏ قَالَت‏:‏ هي من
أطيب الطعام، وقد استأثر بها عليك فاطْلُبيها منه، فأحبَّتْ
قولها لغَرَارَتها، وظنت أنها قد نصحت لها، فتغيرت على
زوجها، فلما أتاها وَجَدَها على غير ما كان يعهدها، فسألها
ما بالها، قَالت‏:‏ يا ابن عَمِّ تزعم أني عليك كريمة، وأنَّ لي عندك
مزية، كيف وقد حرمتني شُوَاية الرَّضْف‏؟‏ بَلِّغْنِي حظي منها،
فلما سمع مقَالتها عرف أنها قد دُهِيَتْ، فأصاخ وكره أن
يمنعها فترى أنه إنما منعها إياها ضَنًّا بها، فَقَال‏:‏ نعم وكرامة،
أنا فاعل الليلة إذا راح الرعاء، فلما راحوا وَفَرَغُوا من مهنهم
وَرَضَفُوا غَبُوقهم دعاها فاحتمل منها رضفة فوضعها في كفها،
وقد كانت التي أوردتها قَالت لها‏:‏ إنك ستجدين لها سخنا في
بطن كفك فلا تطرحيها فتفسد، ولكن عَاقِبِي بين كفيك ولسانك،
فلما وضعها في كفها أحرقتها فلم تَرْمِ بها، فاستعانت بكفها
الأخرى فأحرقتها، فاستعانت بلسانها تبردها به فاحترق، فمجلت
يديها، ونفطت لسانها، وخاب مطلبها، فقالت: قد كان عِنِّي
وشِيِّي يَصْرِيني عن شر، فذهبت مثلًا.
يضرب في الذرابة على العاثر الذي يتكلَّفُ ما كُفِيَ.
قال: وقولها " أَعْطِنِي حَظِّي مِنْ شُوَايَةِ الرَّضْفِ " يضرب للذي
يسمو إلى ما لا حظ له فيه، ذا ما حكاه يونس عن أبي عمرو،
وكذلك في أمثال شمر.
قلت: قولها " شُوَايَةِ الرَّضْفِ " الشُّوَاية بالضم: الشيء الصغير
من الكبير كالقطعة من الشاة، يقال: ما بقي من الشاة إلا
شُوَاية، وشُوَاية الخبز: القُرْصُ منه، وشُوَاية الرضف: اللبن
يغلى بالرَّضْفة، فيبقى منه شيءٌ يسيرٌ قد انشوى على الرَّضْفة.
وقولها " قد كان عِنِّي وشِيِّي يَصْرِيني " الصَّرْيُ‏:‏ القَطْع، ومنه:

* هَواهُنَّ إنْ لَمْ يصره اللهُ قَاتِلُهْ *


والعيُّ‏:‏ مصدر قولهم‏:‏ عَيِيَ بالكلام يَعْيَا عِيًّا، والشِّيُّ‏:‏ إتباع
له، ويقَال ‏"‏ عَيِيٌّ شَيِيٌ‏ّ "‏ إتباع له، وبعضهم يقول‏:‏ شَوِيّ،
ويقَال‏:‏ ما أَعْيَاه وما أَشْيَاه وما أَشْواه، أي ما أصغره، وجاء
بالعي والشي، فالعي:‏ من بنات الياء، والشي‏:‏ من بنات الواو
وصارت الواو ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها، ومعناه جاء
بالشيء الذي يَعْيَا فيه لحقارته.
ومعنى المثل قد كان عجزي عن الكلام وسكوتي يدفع عني
هذا الشر، تَنْدَمُ على ما فَرَطَ منها.