عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
9

المشاهدات
5383
 
رونق العطار
استاذ الفرنسية وكاتب وأديب عراقي

رونق العطار is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
84

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة
على كـفِّ القصيـدةِ في خفاءٍ وُلِدتُ ..وسوفَ أمضي في خفاءِ

رقم العضوية
10443
09-23-2011, 02:57 PM
المشاركة 1
09-23-2011, 02:57 PM
المشاركة 1
افتراضي ذكريات المطر الحزينة
تحية والسلام على جميع كادر وأعضاء منتديات منابر ثقافية


أستفتحُ مداخلتي هذه بحمدِ الله ، الذي هو مستحقُّ الحمد حتى لا انقطاع ، و موجبُ الشكر في عليائه بأقصى ما يُستطاع .
و بعدُ ،
لاحت لي من بعيدٍ تباشيرُ أنوارِ "منتديات منابر ثقافية".. فجئتُ مسرعَ الخطى.. ها قد ولجتُ ، فوجدتُ إخوة و خلان ، تاقت نفسي لمحاورتهم ، و الارتواء من معينِ أدبهم و معرفتهم .
فهل تقبلوني بين ظهرانيكم ؟ .. أو أعود أدراجي ؟..
تحياتي.


و أستسمحكم أن أنشر هنا بعض ما جادت به قريحتي .. ليته يكون شفيعاً لي .. بقبولكم لعضويتي في هذا الصرح ...العامر بأهله





في ليله باردة من ليالي الشتاء الطويلة
كان صوت الريح العالي ينساب إلى سمعي
كترنيمة لحن حزين
وكان منظر المطرِ يشبه لوحة قديمة
خطتها أنامل دافنشي تشابكت
وامتزجت فيها الالوان ليبعث في نفسي
حزناً كحزن يعقوب
ويفجر في داخلي بركاناً من الذكريات
المؤلمة المدفونة في أعماقي كبئرٍِ لا قاع لها .
في ذلك الجو الممتلئ بالحزن المفعم بالحنين
نظرت من حولي في الشرفة .
لا شيء سوى أعقاب السكائر وكرسي هزاز .
وصورة جميلة تذكرني بأعظم ساعات الفرح
الممزوج بالحزن .
في ذلك الجو بكيت وبكيت وبكيت .
كانت صورتك وهي أمامي عزائي الوحيد
لأعيش ما تبقى من أيامي على ذكريات
هي كل طعامي وشرابي
وهوائي الذي أتنفسه .
كانت كل قطرة من قطرات المطر
تعود بي يوماً إلى الماضي
أعادتني إلى سنين بعيدة ..طويلة ومؤلمة ..
كنت وقتها في الثامةه عشرة في السنة
الأخيرة من الدراسة الإعدادية
وأنتِ طالبة في السنة الأولى في كلية الآداب .
يا إلهي كيف التقينا ؟
كيف اشتبكت نظرات العيون ؟
كيف همست لك أول مرة ؟
وكيف خرجتُ عن كل النواميس
الطبيعية في أول لقاء بيننا
عندما صرخت بأعلى صوتي :
أيتها السـاحرة التي فتنتني بأنوثتها كفى
فلم أعد أحتمل كل هذا السحر الذي تبعثه عيناك .
يا إلهي كيف كان كل ذلك ؟
وكيف وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم ؟
نصرانية ؟ كيف لك أن تعشق
امرأه على غير دينك ؟
وكيف لكِ أن تحبي رجلاً
يعتنق الدين الإسلامي ؟
(تلك كانت كلماتهم)
يا إلهي هل يعرف الحب الحدود ؟
وهل يعرف العشق الفوارق؟
يا إلهي هل يقف الحب عند المذهب ؟
أو عند أبواب الطوائف ؟
هل كان ذنبي أنني عشقت
امرأه ..مسيحية..
تملك عينين لا تشبه كل عيون الكون!
قطرات المطرِ تذكرني بأول قبلة بيننا ,
كان الجو بارداً, وأنتِ ترتجفين,
خلعت المعطف ووضعته على كتفيك
أحمر خداك خجلاً، وفي لحظة
سكون وهدوء, قبلتك ؟
يا إلهي هل يمكن للإنسان ..أي إنسان..
أن يحتمل كل هذا المقدار من النشوة
واللذة ويبقى بعدها حياً ؟
ماذا فعلوا بنا ؟
وإلى أي حال أوصلونا ؟
الآن بعد خمسة وعشرين عاماً
على تلك القبلة,
وأنا أنظر إلى أطفالي الثلاثة,
زوجتي وهي نائمة بجانبهم
وأنا في الساعات الأخيرة من الصباح
أجلس في شرفتي على كرسيي الهزاز
وحيداً والمطر يبعث في نفسي شعوراً بالبكاء
أسأل نفسي: هل يمكن أن تكون مستيقظة الآن ؟
وهل تفكر بي؟ وهل يعتريها
نفس الإحساس هذه اللحظة؟
وبعد كل هذه السنين,
هل ماتزال تحبني؟
وهل تبكي في هذه اللحظة,
كما أفعل أنا الآن؟
وهل انتهى كل ذلك الحب
الذي دوخ عائلتين كبيرتين لست سنين
تنتميان لديانتين مختلفتين؟
وأنا قريب من بزوغ الفجر
ووسط كل هذه التساؤلات
التي تزدحم في عقلي,
رن هاتفي ..!

من الذي يمكن أن يهاتفني
في هذا الوقت المتأخر
سحبت الهاتف بسرعة
كي لا يستيقظ أحد أطفالي
نظرت في الهاتف، كان الرقم غريباً ...
فتحت "الحاكية" ...
وبصوت خافت قلت: نعم .
كان على الجانب الآخر صوت ملائكي,
تخنقه العبرة وبالكاد يستطيع أن يتكلم.
قالت وهي تبكي بحرقة:

(( هل ذكرتك قطرات المطرِ هذه بأول قبلة ))


بقلمي
رونق العطار