عرض مشاركة واحدة
قديم 12-26-2020, 07:49 AM
المشاركة 3325
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... عِنْدَ جُهَيْنَةَ الخَبَرُ اليَقِينُ* ....

قال هشام بن الكلبي : كان من حديثه أن حُصَيْن بن
عَمْرو بن مُعَاوية بن كِلَاب ، خرج ومعه رجل من جُهَينة
يقال له : الأَخْنَس بن كعب ، وكان الأخْنَس قد أَحْدَث
في قومه حَدَثًا ، فخرج هاربًا ، فلقيه الحُصَين فقال له :
مَنْ أنت ثكلتك أمك ؟ فقال له الأخنس : بل من أنت
ثكلتك أمك ؟ فردد هذا القول حتى قال الأخنس : أنا
الأخنس بن كعب ، فأخبرني مَنْ أنت وإلَّا أَنْفَذْتُ قلبك
بهذا السنان ، فقال له الحصين : أنا الحصين بن عمرو
الكلابي ، ويقال : بل هو الحصين بن سبيع الغطفاني ،
فقال له الأخنس : فما الذي تريد ؟ قال : خرجت لما
يخرج له الفِتْيَانُ ، قال الأخنس : وأنا خرجتُ لمثل ذلك ،
فقال له الحصين : هل لك أن نتعاقَدَ أن لا نلقى أحدًا من
عشيرتك أو عشيرتي إلا سلبناه ؟ قال : نعم ، فتعاقدا على
ذلك ، وكلاهما فاتِكٌ يَحْذَرُ صاحبه ، فلقيا رجلاً فسلبَاهُ ،
فقال لهما : هل لكما أن تردَّا عليَّ بعض ما أخذتما مني وأدلكما
على مغنم ؟ قالا : نعم ، فقال : هذا رجل من لَخْم قد قدم
من عند بعض الملوك بمغنم كثير ، وهو خَلْفِي في موضع كذا
وكذا ، فردَّا عليه بعضَ ماله وطلبا اللَّخْمِيَّ فوجَدَاه نازلًا في
ظلِّ شجرة ، وقُدَّامه طعام وشراب ، فَحَيَّيَاه وحَيَّاهما ،
وعرض عليهما الطعام ، فكره كل واحد أن ينزل قبل صاحبه
فيفتك به ، فنزلا جميعًا فأكلا وشربا مع اللخمي ، ثم إن
الأخنس ذَهَبَ لبعض شأنه فرجع واللخميُّ يتشحَّطُ في
دمه ، فقال الجهني - وهو الأخنس - وسَلَّ سيفه لأن
سيف صاحبه كان مَسلولًا : وَيْحَكَ فَتَكْتَ برجل قد
تحرَّمْنَا بطعامه وشرابه ، فقال : اقعد يا أخا جهينة ، فلهذا
وشبهه خرجْنَا ، فشربا ساعةً وتحدّثا ، ثم إن الحصين قال :
يا أخا جهينة أتدري ما صعلة وما صعل ؟ قال الجهني : هذا
يوم شُرْبٍ وأكل ، فسكت الحصين ، حتى إذا ظن أن
الجهني قد نسي ما يُرَاد به ، قال : يا أخا جهينة ، هل أنت
للطير زاجر ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : ما تقول هذه العُقَاب
الكاسر ؟ قال الجهني : وأين تراها ؟ قال : هي ذه ، وتطاوَلَ
ورفع رأسَه إلى السماء ، فوضع الجهني بادرةَ السيف في نَحْره
فقال : أنا الزاجر والناحِرْ ، واحتوى على مَتَاعه ومتاع
اللخمي ، وانصرف راجعًا إلى قومه ، فمر ببطنين من قيس
يقال لهما : مراح وأنمار ، فإذا هو بامرأة تَنْشُدُ الحصينَ بن
سبيع ، فقال لها : من أنت ؟ قالت : أنا صخرة امرأة الحصين ،
قال : أنا قتلته ، فقالت : كذبت ما مِثْلُك يقتل مثله ، أما لو
لم يكن الحي خلوًا ما تكلمتَ بهذا ، فانصرف إلى قومه فأصلحَ
أمرهم ثم جاءهم ، فوقف حيث يسمعهم ، وقال :

وَكَمْ مِنْ ضَيْغَمٍ وَرْدٍ هَمُوسٍ
أَبِي شِبْلَيْن مَسْكَنُهُ العَرِينُ

عَلَوْتُ بَيَاضَ مَفْرِقِهِ بَعَضْبٍ
فَأَضْحَى فِي الفَلَاةِ لَهُ سُكونُ

وَأَضْحَتْ عِرْسُهُ ولهَا عَليه
بُعَيْدَ هُدُوءِ لَيلتِها رَنِيْنُ

وَكَمْ منْ فارسٍ لَا تَزْدَرِيهِ
إذَا شَخَصَتْ لِمَوقِعِهِ العُيُونُ

كصخرة إذ تسائلُ في مَرَاحٍ
وأَنْمارٍ وعِلْمُهُمَا ظُنُونُ

تُسَائِلُ عَنْ حُصَيْنٍ كُلَّ رَكْبٍ
وعنْدَ جُهَيْنَةَ الخَبَرُ اليَقِينُ

فَمَنْ يَكُ سَائِلًا عَنْهُ فَعِنْدِي
لِصَاحِبِهِ البَيَانُ المُسْتَبِينُ

جُهَيْنَةُ مَعْشَرِي وَهُمُ مُلُوكٌ
إذَا طَلَبُوا المَعَالِي لَمْ يَهُونُوا


قال الأصمعي وابن الأعرابي : هو جُفَينة - بالفاء -
وكان عنده خبر رجل مقتول ، وفيه يقول الشاعر :

تُسائلُ عَن أَبيهَا كُلَّ رَكْبٍ
وعِند جُفَيْنَةَ الخَبَرُ اليَقينُ


قال : فسألوا جفينةَ فأخبرهم خبرَ القتيلِ ، وقال بعضهم :
هو حُفَينة ، بالحاء المهملة .
يضرب في معرفة الشيء حقيقَةً .

* انظر الفاخر 102 فقد ذكر له أحاديث أخر .