عرض مشاركة واحدة
قديم 07-04-2021, 04:34 AM
المشاركة 16
فيصل أحمد الجعمي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: على بيـــــادِرِ الشَّجَنْ
أستاذتي ومعلمتي الفاضلة ، ثريا نبوي .
قرأت قصيدة: *على بيادر الشجن*.
ولا أخفيك حقيقة، أن تلميذك لا قدرة له على كتابة هذا النمط من الشعر ، فقط يستمتع بقراءة الصور الجميلة، عندما يتمكن من قراءة أبعاد القصيدة، وفك رموزها الغامضة والمثيرة، وفي اعتقاده أن الغوص في أعماقها ومحاولة قراءتها، لمن دواعي السرور، لو أنه كان من المتمرسين، لكنه أبى أن يفعل فعل القارئين المبتدئين، وغير المتمكنين من الناقدين، خشية أن يجانب الفهم ويخطئ الصواب ..
=================

لِجُرحِنا الحافي على مدارجِ الأشواكِ واليَبابْ

في ضوءِ قِنديلٍ ضريرٍ مِن سَنا زيتونةٍ

مَعصورةٍ في ظِلِّ أهدابِ الغِيابْ؛

رِسالةٌ مِن بينِ أرتالِ الرَّغامِ والنَّشيجِ

والشَّرايينِ التي تَكَفَّلَتْ بِحُمرةِ الخِضابْ:

يجتاحُنا حنينُنا.. تُطِلُّ مِن جروحِنا أشواقُنا العِذابْ

...............................

وقفت أمام كلمة "الحافي" في قولك: لجرحنا (الحافي) وكذلك في ضوء " قنديل ضرير " والكثير من الألفاظِ والتعابير، وقفت طويلا طويلا أمام رمزيتها ودلالتها، وسألت نفسي مرارا وتكرارا، سؤال المتعلم التواق إلى الفهم والإدراك، الذي يحاول الولوج من البوابة ليصل البستان ويقتطف بعض الزهرات الرائعات؛ لكنني رأيت عدم الخوض فيما لا أحسن الخوض فيه ، ورحم الله من عرف قدر نفسه، صحيح أنني لمحت الرمزية هنا متشبعة بالمعاني والدلالات القريبة والبعيدة في آن معًا، وبالتالي فما عليَّ إلا أن أترك الأمر لأهله، لأقرأ فقط صرخة الضمير والوجع الإنساني الذي أستشعره هنا وهو يتحدث عن حجم المأساة ، والكارثة الحقيقية ، التي عصفت بهذا القلب المكلوم ؛ الذي ينزف دموع القهر ، ويبكي بكاء الفقد ، وتتردد في صدره آهات ونشيج الثكالى، على أوطان جريحة ، وشعوب مغلوبة على أمرها، تقاسي أشد أنواع العذاب، وشتى صنوف القهر والظلم، وما أتعس الحياة في ظل واقع كهذا..
ورغم أنني لا علم لي كما أسلفت بمرامي وأبعاد هذا النمط من الشعر، إلا أني أعتقد أن الرمزية هنا موفقة جمالا وبلاغة، وقد زانها التناص الجميل في بعض الأبيات، وزادها قوة في المعنى وجمالا في الأسلوب، هذا التناص والقدرة على توظيفه يزيدني فهما وإدراكا لمدى تعلق شاعرتنا القديرة وإبحارها في اللغة العربية، وحبها للغة القرآن الكريم:
حفظك الله شاعرتنا القديرة ووفقنا وإياك، إلى ما يحبه من القول والعمل، إنه ولي ذلك والقادر عليه.