عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2010, 02:05 PM
المشاركة 5
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
والآن مع محاولة الاجابة للسؤال الذى ظل سرا مغلقا لثلاثين عاما ..

هل علمت اسرائيل بموعد بدء العمليات العسكرية .. ؟!
ومتى .. وكيف .. وكيف تحققت المفاجأة الاستراتيجية بالرغم من ذلك ..؟

واقع الأمر وباستقراء الوثائق السرية التى تم الافراج عنها فى اسرائيل والولايات المتحدة طبقا لقانون الوثائق بعد مضي ثلاثين عاما .. انقشعت السحب عن عدد من المفاجأت التى ظلت سرا مغلقا لمدة ليست بالهينة ..
وليس خافيا أن هناك أسرارا عن حرب رمضان ما زالت رهن الأدراج وحبيسة الوثائق لخطورتها
بل ان النكسة ذاتها .. بالذات فيما يخص أوراق التعاون الاستراتيجى عليها بين الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل لا زالت الى اليوم محظورة على النشر .. !!

وفيما يخص أمر بلوغ خبر بدء العمليات وموعدها وتسربه لاسرائيل ..
فقد بلغها الأمربالفعل ولكن بعد فوات الأوان
فقد خرج علينا المحلل السياسي الأمريكى " هوراد بلوم " بكتابه اللافت " عشية التدمير" محللا أمر الوثائق المفرج عنها
عام 2000 م ..

وتضمنت تلك الحقائق الصاعقة

أولا ..
تم ابلاغ اسرائيل بموعد الحرب يوم الخامس من أكتوبر عن طريق احدى الشخصيات العربية المسئولة .. شخصية كبيرة للأسف الشديد ..
طارت الى تل أبيب فى رحلة بالغه السرية وتم استقبال طائرة تلك الشخصية باجراءات سرية بالغه التعقيد فى احد المطارات الحربية السرية الملاصقة لتل أبيب
ومن المطار الى مكان سري مأمون لتقابل " جولدا مائير " رئيسة الحكومة الاسرائيلية فى ذلك الوقت وتضع على مائدتها تفاصيل الموعد المقرر للحرب وهو غروب شمس يوم السادس من أكتوبر ..
وتستمع جولدا مائير لتلك التفاصيل المذهلة وعقلها يتراوح بين طعم الخداع وبين التصديق لمكانة الشخصية ومسئوليتها فى العالم العربي ..!!
وتقوم جولدا مائير باستدعاء قيادات الدولة اليهودية .. وأرسلت فى طلب " ايلي زاعيرا " مدير المخابرات الحربية وكذلك " مائير آميت " رئيس الموساد
وتتابعت اتصالاتها بالمخابرات المركزية الأمريكية لاستطلاع رأيها
وجاءت جميع الآراء والتوقعات والتقارير تشير الى كذب وزيف تلك المعلومات وأن المصريين والسوريين من المستحيل تماما أن يفكروا فى حرب شاملة تؤدى الى تحطيم جيوشهم مع قوة التحصينات الخرافية أمام الجبهتين المصرية والسورية
وبالذات الجبهة المصرية بعائق القناة والساتر الرملى المرتفع والذى يستوعب أطنان المتفجرات دون أن تشق منه جدارا واحدا
اضافة الى الخط العملاق " خط بارليف " بكل تحصيناته وفوق كل هذا خط النار والنابالم المجهز لاشعال مياه القناة فور بدء العبور مما يحيل سطح القناة لجحيم مستعر
وانتهت التقارير والاجتماعات الى استحالة صدق تلك المعلومات !!

ثانيا ..
فى فجر الخامس من أكتوبر وصلت الى رئيس الموساد الجنرال " مائير آميت " برقية بالغه السرية من أخطر عملاء اسرائيل فى مصر على الاطلاق
العميل فائق الغموض والذى كان تعامله المباشر مع رئيس الموساد دون وساطة لخطورة مكانته بالقيادة المصرية وهو العميل ذو الاسم الكودى " الصهر " أو " النسيب "
والذى كان يشغل منصبا بالغ الحساسية بالقيادة السياسية المصرية وبالتالى فقد تم حجب اسمه وكينونته عن جميع قيادات اسرائيل فيما عدا رئيس الموساد ورئيس الوزارة الاسرائيلية والوزراء أعضاء حكومة الطوارئ المصغرة ..
وقصة هذا العميل لها حكاية كبري وهى المعروفة بقصة أو لغز " أشرف مروان "



لغز أشرف مروان



أشرف مروان هو أحد أعضاء المكتب السياسي برياسة الجمهورية المصرية . . وهو فى نفس الوقت زوج الابنة الكبري للرئيس جمال عبد الناصر وقد شغل هذا المنصب أيام حكم عبد الناصر واستمر فى منصبه أيام حكم السادات خلال فترة أكتوبر
وكان أشرف مروان هو العميل البالغ لخطورة المعروف فى القيادة الاسرائيلية العليا
باسم " الصهر " !!

وقد طرح أمره علانية مؤخرا فى الصحف المصرية والتى طالبت أشرف مروان رجل الأعمال حاليا بكشف حقيقة الدور الذى لعبه خلال فترة حرب أكتوبر ..
وهل كان عميلا بالفعل أم أنه كان موفدا كعميل مزدوج لخداع اسرائيل خاصة أنه أبلغ مدير الموساد فى لقائه الذى سبق التنويه عنه بالعاصمة البريطانية " لندن " .. أبلغه بأن موعد الحرب هو غروب شمس آخر ضوء من يوم السادس من أكتوبر

وظل أشرف مروان صامتا حتى وفاته الغامضة فى لندن , وعند هذا تم كشف السر المغلق وهو أن الرجل أحد أبطال المخابرات المصرية الكبار وأن أنه أدى لوطنه خدمات جليلة لم يحن وقت الكشف عنها بعد وهو مجمل تصريح الرئيس حسنى مبارك بعد وفاة الرجل لينتهى الجدل ويحسمه تصريح الرئيس لا سيما وأن أشرف مروان تلقي قبل وفاته دعوة لحفل زفاف نجل الرئيس جمال مبارك وحضره بالفعل
وقد أوضح تصريح الرئيس المصري سر سكوت الرجل وأنه تم بأوامر رسمية لحساسية مهماته التى تولاها لا سيما مهمته فى حرب أكتوبر والتى كان تنفيذها ضروريا لإحباط عملية الإبلاغ التى وصلت لإسرائيل بالفعل ودفع قادة إسرائيل للتشكك وعدم حسم الجدل قبل موعد بدء العمليات المقرر لا سيما وأن أشرف مروان خدع إسرائيل فى موعد الحرب الحقيقي وأبلغهم أنه فى آخر ضوء أى بعد الموعد الأصلي بست ساعات تقريبا

وقام إيلي زاعيرا مدير المخابرات الإسرائيلية أثناء حرب أكتوبر بإعلان هذه الحقيقة فعلا وكان نص تعبيره أن أشرف مروان كان أكبر صفعة تلقتها إسرائيل فى تاريخها ,


وعودة الى موقف القيادة الاسرائيلية بشأن المعلومات التى وصلتها
عليه فقد اتضح لها من مصدرين مختلفين أن موعد المعركة هو آخر ضوء من يوم السادس من أكتوبر أى فى حوالى الساعه السادسة مساء ذلك اليوم ..
وتتابعت الجلسات والمناقشات ووقف موشي ديان وزير الدفاع الاسرائيلي وايلي زاعيرا رئيس المخابرات العسكرية وكذلك مائير آمنيت مدير الموساد ضد منطق المعلومات القائل بوجود حرب متوقعه .. بل وقللوا من أهمية كون المعلومات صحيحة .. لأنهم وبناء على التحصينات الخرافية السابق شرحها من المستحيل أن يقدم المصريون بالذات على حماقة تكلفهم ثلاثين ألف مقاتل لمجرد العبور فقط ..
" كان هذا هو المقياس الطبيعى لضحايا العبور "

وقامت جولدا مائير مع التردد والشك .. بالمطالبة بعقد جلسة للوزارة الاسرائيلية صباح يوم السادس من أكتوبر على أن نتنهى قبل الساعه الثانية عشرة لاتخاذ القرار بضربة اجهاض على الجبهتين المصرية والسورية أم لا ..
الغريب فى الأمر ..

أن حادثتين هامتين وقعتا قبل يومين من بدء العمليات كانتا كفيلتين بتنبيه الاسرائيليين تماما للمعركة ..
فقد قام الاتحاد السوفيتى وهو الحليف العسكرى للعرب بارتكاب حماقة رهيبة عندما أرسل الى كل من مصر وسوريا طائرات " أنتينوف " لنقل الرعايا الروس من مصر وسوريا بعد أن قامت القيادة المشتركة بابلاغ السوفيات باقتراب موعد الحرب دون تحديد موعد معين ..
مما حدا بالرئيس السادات الى شد شعر رأس غيظا من حماقات موسكو ..

وكانت الحماقة التالية ..
صادرة من رئيس شركة مصر للطيران ..
فبجوار مطار القاهرة الدولى يقع على الجانب الشرقي منه مطار عسكرى " مطار شرق القاهرة " وقد تسرب موعد بدء العمليات العسكرية الى رئيس الشركة فخشي أن تبدأ العمليات العسكرية وتتطرق الى العاصمة فتتعرض طائرات الشركة للضرب حال تواجدها بالمطار
فقام باصدار أوامره بإعادة الطائرات إلى حظائرها وغلق الممرات وإطفائها فى إشارة يفهمها أى أعمى أن البلد بصدد حرب وشيكة !!..
ولا داعى أن أخبركم أن المخابرات المصرية ورجال الاعداد للخطة عندما علموا بالأمر كادوا يفتكون بالرجل القصير النظر منعدم البصيرة ..

وبالرغم من ذلك ..
فقد كانت البرقيات والتقارير من قلب اسرائيل تشير الى عدم احساسهم بشيئ حتى الصباح الباكر من يوم العبور ..
ثم جاءت البرقية الأخيرة قبل المعركة مباشرة من البطل المصري رفعت الجمال تشير الى اعلان حالة التعبئة العامة فى حوالى الثانية عشر ظهرا
لكن بعد فوات الأوان ..
وحتى قرار إعلان التعبئة العامة كان قرارا احتياطيا ولم تتخذه القيادة الإسرائيلية فعليا بغرض يقينها من الهجوم أى أنها قامت به كإجراء احترازى

ومما تجدر الاشارة اليه ..
أن اسرائيل كانت تتصرف على أن أنباء المعركة لو صدقت فستظل أمامهم ست ساعات كاملة تمكنهم من ضربة اجهاض تنقذ الموقف قبل موعد بدء العمليات فى السادسة مساء كما نصت المصادر واتفقت ..
خاصة أن الحروب لا يمكن وفقا للاستراتيجيات العسكرية أن تبدأ الا فى موعدين
أول ضوء .. وهو الشروق ..
وآخر ضوء .. وهو الغروب ..
وتعد تلك القاعدة من القواعد العسكرية التى تم كسرها تماما بحرب أكتوبر .. ومما يثير الفخر بقلب أى عربي أن تلك الحرب أسست علوما جديدة وقواعد جديدة وأنهت دراسات ومسلمات عسكرية كبري كما عبر عنها المحللون العسكريون فى العالم ..

ونأتى لموعد المعركة ..
وباستقراء جميع المصادر الممكنه لم أتمكن من تحديد ما اذا كان موعد الحرب الفعلى تحدد قبل بدء العمليات بالساعه الثانية من ظهر يوم العاشر من رمضان
أم أن الموعد تغير فى آخرلحظة طبقا لتطورات الموقف وتم تقديم الهجوم ست ساعات ..
والحقيقة المؤكدة أن الموعد كان من البداية فى الثانية من ظهر يوم السادس من أكتوبر ولم يتم تغييره وقام أشرف مروان بخداع الموساد بإبلاغهم أن الموعد فى آخر ضوء أى فى السادسة مساء وساعدت النظريات العسكرية على تأكيد بلاغه حيث أن الهجوم لابد له من اختيار موعد بين أول ضوء أو آخر ضوء
لكن الهجوم المصري المنفرد فى الساعة الثانية كان أحد أوجه الإعجاز فى التخطيط وهو معقود ومخطط له من البداية ولم تقم مصر بتغييره كما زعم البعض لأن الضربة الجوية الأولى التى افتتحت بها المعركة كانت هى أول خطوة فى الهجوم ,
ولو كان الهجوم مخططا له آخر ضوء لما كان فى استطاعة القوات الجوية توجيه الضربة فالطيران لا يعمل ليلا


وبهذا .. تم عرض خطة الخداع الاستراتيجى والتمويه على العدو فى موعد المعركة بالشكل البالغ التفوق الذى ظهرت عليه المخابرات العامة المصرية وظهر للعيان شاهدا على قدرة الله وبراعه الرجال عندما تحققت المفاجأة بحذافيرها للجيش الاسرائيلي مما كان له أبلغ الأثر فى تحقيق الأرقام القياسية والمعجزات العسكرية التى حفلت بها أيام المعركة عامة ..

والست ساعات الأولى منها خاصة كما سنرى فى الحلقة القادمة

" العــبـــــــــــــــــــــور "

،،