عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2010, 01:58 PM
المشاركة 2
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحلقة الأولى

حرب يونيو .. والصحوة العربية ..


التوقيت ..
الصباح الباكر من يوم الخامس من يونيو لعام 1967م ..
المكان ..
الأرض العربية فى كل من ..
شبه جزيرة سيناء المصرية ..
هضبة الجولان السورية ..
الضفة الغربية لنهر الأردن ..
القدس الفلسطينية ..

الحدث ..
الجولة الثالثة فى الصراع العربي الاسرائيلي المرير ..
النتيجة ..
دحر القوات العربية كاملة .. واحتلال القوات المعادية للأراضي السابق ذكرها دونما أى مقاومة مجدية فى أسوأ كارثة عسكرية فى تاريخ العسكرى الحديث على وجه الاطلاق

من الصعوبة بمكان ..
أن يتصور غير المعاصرين لتلك الأزمة مدى طعم الهزيمة المر فى الحلوق .. كيف كان وما هى آثاره
كانت صدمة مروعه ..
ليست عسكريا فحسب .. بل على جميع المستويات دون استثناء ..
دوامة كاملة من المرارة والحيرة ألقت بظلالها السوداء على بلاد العرب جميعا .. للتغير نظرة العالم اليهم ونظرتهم الى أنفسهم كذلك .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

كانت صفعه مدوية ..
حسبها اليهود ضربة قاضية .. غير أن المقاتلين كان لهم رأى آخر ..
فما ان ذهبت الرجفة المريرة حتى امتدت الأيدى بكل اصرار ورغبة لتمسح الدموع عن العيون لتتأمل وتتدبر وتحاول استيعاب الضربة ..
تحاول أن تجعلها ضربة موجعه .. لكنها ليست قاضية .. بل محفزة .. داعية القلوب والبصائر التى عميت للانتفاض على نفسها ومحاولة القيام والانتصاب مرة أخرى ..

فهل نجحوا فى ذلك يا ترى ..


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



الصحوة


كانت البداية عند مصر ...
كما هو طبيعى فى العالم العربي أو كما يقال ..
ان مصر اذا انتفضت انتفض العرب .. واذا نامت نام العرب ..
كانت الانتفاضة هنا فارسها الفارس المصري والمواطن البسيط ..

التقت العيون الشاحبة يوم التاسع من يونيو .. يوم اكتشاف الأكاذيب وانهيار سياسة التضليل عقب خطاب الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذى أعلن فيه التنحى نتيجة للهزيمة الساحقة التى دمرت القوات المصرية وتعرضت بها لما يشبه الابادة للأفراد والمعدات ..

كانت الانتفاضة على مرحلتين ..
مرحلة عند الجبهه ..
عند رأس العش .. حيث رفضت مجموعه المقاتلين بهذا الموقع الاستجابة لأمر الانسحاب العشوائي الذى صدر قبل أن تكون هناك حربا من الأساس
وأجبروا العدو على التراجع أمام بسالتهم المطلقة ..
ومرحلة أخرى
فى أعماق الشعب المصري .. وبغض النظر عما ان كان خطاب التنحى من قبيل اللعبة السياسية من الرئيس المصري الا أن الشواهد القاطعه تشي أن الشعب المصري أجل الحسالب نهائيا الى ما بعد الافاقة ..
كان لسان الحال يقول ..
" الى أين تذهب الآن .. ابق وفيما بعد يحين الحساب "
وفى فترة قياسية مدهشة ..
تم اعادة البنية المتبقية من الجيش عقب التخلص من الفساد الضارب بأعماقه فى القوات المسلحه بمحاكمات مختلفة وتطهير صارم .. وتولى الفريق أول محمد فوزى رئيس الأركان المصري وزارة الدفاع ليبدأ التنظيم الجديد وفق الأساليب العسكرية الواضحه
وانهالت المساعدات العينية والمادية من سائر الدول العربية وكان أولها تبرع الجزائر بعدد من طائرات الميج السوفيتية لتدعيم سلاح الطيران لدى دول المواجهة ..
وفى فترة ومرحلة متقدمة .. وصلت القوات المصرية التى كانت تشارك فى معارك اليمن أو فلنقل مهزلة اليمن !!

لتسرع باتخاذ موافعها على جبهة القتال .. وتبدأ ملحمة كبري ومعركة لا تقل روعتها عن حرب التحرير التى تلتها وأعنى بها حرب الاستنزاف التى استمرت من عام 1967 م الى عام 1970 م عند قبول القيادة المصرية لوقف اطلاق النار سعيا لاستكمال حائط الصواريخ الدفاعى لحماية العمق المصري من الهجمات المتدنية التى انتهجها العدو قاصدا بها المدنيين ردا على ضربات المصريين فى حرب الاستنزاف ..
أى أن مصر دخلت أجواء حرب النكسة دون حائط صواريخ دفاعى يحمى العمق من هجمات عدو يعتمد بصفة أساسية على سلاح طيرانه البالغ التفوق !!

حرب الاستنزاف .. 1967 الى 1970 م


بدأت فى أكتوبر التالى للنكسة مباشرة .. وكان أبطالها من رجال الجيش المصري الذين استيقظت همتمهم فى سرعه قياسية بالرغم من الضربة القاصمة لهم والتى تحدث عنها المراقبون العسكريون قائلين بأن مصر تحتاج مائة عام لكى تفيق وتستعيد توازنها لحرب جديدة ..
وهناك معلومات مختلطة يجب ايضاحها هنا ..
ومنها أن استعداد العدو للحرب القادمة عن طريق اقامة تحصيناته المختلفة .. كان استعدادا جبارا وان كان لم يصمد أمام العزيمة المصرية ..
فأنشأ العدو خطوطا مختلفة التحصين بطول الجبهة وعمقها اضافة الى المانع المائي بالغ الصعوبة المتمثل فى قناة السويس

والخلط الواقع هنا والذى يجب ايضاحه كما يقول مفكرنا الكبير جمال حمدان ..
هو أن خط بارليف المنيع لم يكن خطا واحدا ..
بل خطين ..
تم تدمير الأول خلال حرب الاستنزاف تدميرا تاما ..
ليعود العدو الى تأسيس خط بارليف الثانى بأسس دفاعية صلبة تفوقت بألف مرة على الخطوط المماثلة كخط سيجفريد الألمانى وخط ماجينو الفرنسي فى تطبيق لنظرية الحرب الدفاعية والتى كانت سقطت منذ الحرب العالمية الثانية ..
وأمام خط بارليف كان الساتر الرملى الذى يرتفع بمقدار عشرة أمتار ويبتلع ضربات المدفعية مهما بلغت قوتها .. وخلف خط بارليف كانت توجد خطوط دفاعية أخرى على مراحل متباعدة من عمق الجبهة ..

ليتنشي العدو بدفاعاته وتحصيناته وتبدأ الحرب الاعلامية الرهيبة لتدمير الروح المعنوية للمقاتلين والجماهير
الا أن حرب الاستنزاف أعادت الروح وصمدت أمام الدعاية الاسرائيلية بعد عدد من العمليات فائقة الابهار وبطولات سطرتها الصفحات المشرقة على الجبهتين المصرية والسورية ..
وتعددت عمليات الابرار والاسقاط الجوى للقوات المصرية خلف خطوط العدو قاصدة مواقعه ومدمرة اياها مما أصاب القيادة الاسرائيلية بالجنون ...



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

واضطر موشي ديان لاحتمال التأنيب الرهيب الذى صبه على رأسه " جيمس أنجلتون " وكيل المخابرات المركزية الأمريكية المسئول عن العلاقات الاستراتيجية بين الحليفين

وان غضب القيادة الأمريكية مستعرا نظرا لبطولات حرب الاستنزاف ونتائجها المدوية والتى تراوحت بين تدمير المدمرة " ايلات " بقارب طوربيد لا يساوى ثمنه ثمن محرك واحد من محركات تلك المدمرة .. اضافة الى السلاح والذخائر التى تم تدميرها فى الضفة الشرقية للقناة بعمليات الصاعقه المصرية ..
وسجلت اسرائيل اسم الأبطال الذين هزوا سمعه جيشها هزا .. وكان على رأسهم
العقيد ابراهيم الرفاعى

الذى عبر بمجموعته الفدائية عشرات المرات محققا نتائج عسكرية وانسانية مذهلة .. واكتلمت بطولته باستشهاده فى أول أيام الحرب تاركا خلفه تاريخا مجيدا ..
وفى ذلك الوقت ..
كانت القيادتان المصرية والسورية تنسقان الجهود لبدء ملحمه التحرير ..
وكانت الأنظار ترقب وتنتظر القرار السياسي ببدء العمليات فى نهاية عام 1970 م .. وهو الموعد الذى كان يخطط له الرئيس عبد الناصر واضعا فى ذهنه اسم الفريق عبد المنعم رياض رئيس الأركان فى ذلك الوقت كقائد ووزير حربية أثناء المعركة ..
ويتدخل القدر ..
ويـُستشهد الفريق عبد النعم رياض فى الجبهه فى نهاية عام 1968 م ..
ويصاب عبد الناصر بالاحباط المرير .. لوفاة القائد الفذ ... وأيضا لتفجر الخلافات بينه وبين القيادة السوفيتية حول صفقات السلاح التى تعطل بدء المعركة , ..
وثالثة الأسافي
كانت تفجر أحداث أيلول الأسود وما استتبع ذلك من ففرقة عربية فى وقت تحتاج فيه الأمة الى الصلابة أمام مقدرات القتال المفتوحه أمامها ..
حيث كانت أحداث سبتمبر " أيلول " فى الأردن عقب تفجر وتصاعد الخلاف بين الملك حسين ملك الأردن فى ذلك الوقت وبين منظمة التحرير الفلسطينية ليبلغ الخلاف منحنى دمويا بعد تدخل الجيش الأردنى لتصفية الوجود الفلسطينى بالأردن ..
وتنعقد القمة العربية فى سبتمبر 1970 م .. بعد قبول مبادرة روجرز والتى أنهت بها معارك الاستنزاف .. والتقي القادة العرب بالقاهرة .. وما ان انفضت القمة .. حتى جاءت وفاة الرئيس عبد الناصر تعطل قليلا الطموح العربي فى بدء القتال ..

ويتولى الرئيس السادات مقاليد الأمور فى عام 70 .. ولكن ونظرا للخلافات السياسية علبى التركة المصرية بين القيادات المصرية المختلفة .. لم يصبح التولى فعليا الا بعد ازاحه مجموعه مراكز القوى عن الحكم عام 1971 ..
وتولى حافظ الأسد رياسة الجمهورية السورية .. لتلتقي القيادتان المصرية والسورية على قلب رجل واحد سعيا وراء ازالة آثار العدوان ..

ولكن ما الذى كان يسعى اليه العرب من الحرب القادمة ..؟!!

أهداف معركة التحرير ..


لم يكن النصر هو الهدف المطلوب أمام الجماهير العربية المختنقة الأنفاس منذ يوم الخامس من يونيو
كما لم يكن هو الهدف الوحيد للمقاتل العربي البسيط ..
كان الهدف رد الاعتبار ..
وعكس نتائج حرب يونيو المخزية .. وتلك النتئج كانت تتمثل فيما يلي

أولا ..
إعادة الكرامة العربية المهدرة بعد أن هانت العروبة والعرب بين دول العالم وأصبح الانتساب الى العروبة داعيا للسخرية وتم تصويرهم على أنهم من مقاتلى الجمال والسيوف ولا يفقهون شيئا فى الحرب الحديثة ..
ثانيا ..
تم تدمير الجيش المصري ـ لا سيما سلاح الجو ـ على الأرض ودون أن يمنحه أحدُ فرصة القتال الحقيقية أمام الجندى الاسرائيلي فى ظل الضربة الخاطفة التى انتهجت فيها اسرائيل السياسة العسكرية الألمانية فى الحرب العالمية الثانية ..
فكان المطوب الرد بالمثل .
وذلك بالرغم من الفارق الضخم فى الحالتين ..
فلم تكن ضربة اسرائيل ضربة متفوقة بقدر ما كانت ضعفا من خصومها ..
أما فى حالة الرد .. فستكون المواجهة مع عدو متفوق وتكنولوجى فى كامل تألقه
ثالثا ..
أبطال المؤامرة الاسرائيلية فى يونيو .
بداية من ليفي أشكول رئيس الوزراء وحكومته ووزير دفاعه موشي ديان وقادة وجنود الجيش الاسرائيلي .. ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية المتواطئ " ليندون جينسون " وادارته ..
كان المطلوب كسر أنوف هؤلاء الذين حضروا التفوق الاسرائيلي واذاقتهم من نفس الكأس
رابعا ..
منح الفرصة الكاملة للجندى العربي المثابر والمصري بصفة خاصة .. منحه فرصة حرب مواجهة متكافئة ومباشرة لأول مرة فى تاريخ المواجهات
فلم يسبق أن واجه العرب اليهود فى معركة قوة مباشرة على جبهات القتال سواء فى حرب 1948 م أو حرب السويس 1956 م .. أو حرب يونيو 1967 م ..

فهل نجح العرب يا ترى فى تحقيق تلك الأهداف ..؟!

نعم ..
حققوها بل وزادوا عليها فى ملحمة بطولة .. ما زالت تقف شاهدة على شعب أحسن ترك الأمر لله .. وبذل جهده فأوفاه الله أجر المومئنين ..
وكيف لا ..
وقد أفاق المغيبون من فوتهم الطاحنه ومظاهر البطولة الزائفة ..
حققوا النصر المؤزر فى معركة بدر الصغري ..

فقط عندما استبدلوا كلمة .. " باسم الأمة " الى كلمة " بسم الله .. "

على نحو ما سنرى فى قادم الصفحات ان شاء الله