الموضوع: ولادة شجرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-23-2017, 11:35 AM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي

مرحبا
استاذة صبا
استاذ ياسر
استاذة اميمية
اقتباس من القصة " بعد عودتها من المدرسة أصبحت تمرّ على الأرض الزراعية المحاذية للمنزل، تجلس فوق التراب مباشرة، تحت شجرة سنديان كبيرة، تشعر بالارتياح الكبير حين ترى أغصانها تتمايل بخفة، وكأنها ترحّب بها.
رائحة التراب الأحمر تبعث فيها الحياة، وتدفعها للاسترخاء مجدداً، كانت تحادث نفسها بصوت عالٍ، تتساءل عن أبجدية الرغبات في كتب الحياة، كيف تتعامل مع أحاسيسها وسط أصوات مختلفة، كيف يعود صدى الصوت أحياناً من أماكن بعيدة جداً، وكيف يغيب وننتظر عودته دون فائدة من أماكن أكثر قرباً، أسعدتها الأغصان المتمايلة من جديد، وكأنّها تسمع هواجسها وتهزّ برأسها.
أخرجت من حقيبتها أوراقها المضمّدة بشرائط اللاصق، حفرت حفرة صغيرة أمام جذع الشجرة ودفنتها في داخلها، أعادت ردمها، وهمّت بالمغادرة، لكنّ شيئاً خفياً سحبها للأسفل، حتى غاصت ركبتاها بالتراب، لم يكن بإمكانها الخروج، تشبثت أقدامها بجذور تفوح منها رائحة الحبر، وامتدت يداها باتجاه الأفق، كل نقطة حبر علقت فوقها تحولت لغصن غض، تزين نهايته بعض الزهور الصغيرة.
غدت تلك الشجرة الغريبة ملاذ مئات الناس الذين لم يصدقوا أعينهم، شجرة تولد في ليلة وضحاها، حتى تحولت الأرض الزراعية لمزار عجائبي، يقصده الباحثون عن انعكاس أفكارهم؛ السكينة التي تبعثها في نفوسهم تدفعهم للإفضاء، و رمي حمولة كبيرة بين يديها.
توالت الأشجار بعد ذلك، أصبحت تلك الأرض المباركة حديث المدينة الوحيد، عشرات الأشجار تولد فيها بين يوم وآخر، والقاسم الوحيد بينها أغصان لها آذان تصغي، وجذور تنبت فيها أزهار برائحة الحبر."

- جميلة هذه القصة وبالغة التأثير حتى في الشق الاول منها الذي يغلب عليه الوصف الواقعي وكأن بطلة النص واحدة من بنات الحي الذي نسكن فيه. لكن من هذه النقطة في الفقرة اعلاه اصبح السرد سحريا وغاية في الجمال يأسر المتلقي بهذا الخيال العجائبي الذي حول فتاة الى شجرة.
ذلك على الرغم ان هناك بعض الغموض في سبب غوصها في التراب فهل هو الحبر؟ ولماذا لم يتحول ما كتبته الى شجرة بدلا من ان تتحول هي الى شجرة؟

وهذا المشهد هو مشهد تصويري وكأن النص تحول الى سيناريو من فلم سينمائي ويتحول المتلقي الى مشاهد لما يجري تحت شجرة السنديان تلك...

وفي هذه الفقرة ايضا نجد القاصة قد سخرت الحواس لزيادة اثر السرد فتحدثت عن روائح وآذان تسمع لاشجار يبدو انها استمرت تتوالد بعد ان انغرست تلك الفتاة في التراب لتنمو بين لحظة واخرى كشجرة لها اغصان وأزهار برائحة الحبر ...