الموضوع: رحلة للبحث عني
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-17-2010, 07:32 PM
المشاركة 9
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
شعرت فجأة بالخوف كأني لا أعرفني حاولت البحث عني ضاق صدري ، مللت البحث تركت العنان لقدميَ تأخذني إلى حيث تريد ، يرافقني ظل الخوف من المجهول ربما أجدني
الضباب يملأ المكان ما زالت الشمس غائبة تلقيت صفعات من الهواء البارد كأنه هو أيضاً لم يتعرف عليَ أو ربما يعاتبني
واصلت قدمايَ السير ولم تبال ِ بما فعل الهواء ، توقفتْ فجأةً كأنها تريد أن تُريني شيئاً نظرتُ أمامي رأيتُ الزهور الملونة تخالط الخضرة على امتداد البصر ، كأني في حلم أعاد الطريق للحياة كما كان منذ عشرين عاماً ، يالها من أعوام قاسية أصابته بالمشيب
ملأتْ التجاعيد وجهه لكنها الحياة لا تُبقي شيئاً على حاله
عادت قدمايَ للسير بعد التوقف أخذتني هذه المرة لمكان أعرفه جيداً
أأه ياله من حلم جميل يخفق قلبي بشدة كأنه يعلن عودته للحياه
أراني من بعيد أحمل حقيبتي يداعب الهواء ضفائري تلاعب قدمايَ الطريق في سعادة تركل الحصى بعيداً عنه تملأ ضحكاتي المكان
من بعيد تقف أمي تتبعني بقلبها وتصاحبني عيناها حتى أصل بسلام لذاك الباب الحديدي الكبير الذي يفتح ذراعيه في الصباح الباكر ليستقبلنا وعندما يطمئن لوجود الجميع يسرع ليغلق نفسه خوفاً من رحيلنا عنه قبل موعد الرحيل
عادت بي الذكريات لأول قلمٍ أمسكته و حرف تعلمته لأول فراشة رسمتها ألواني وأخفيتها عن الأعين حتى لا تطير
يا لجمال هذا المكان يحمل هواؤه الطهرَ والنقاء براعم حب صغيرة لا تعرف الكذب أو الخداع تتراقص فرحاً بالمطر لا تخاف برد الشتاء تحمل أعينها الأماني الجميلة
آه منكِ أيتها الأقدام لِمَ ذكرتني بأماني تحطمت فوق صخرة الأنين ؟
ما أنا هنا غير طفلة بضفائر لم يعد اليوم لها وجود
كل شيء تغير حتى الهواء لم يعد به غير بقايا من النقاء
ذلك القلب الذي كان يتبعني في كل مكان لم يعد على قيد الحياة تركني ورحل أصبح اليوم بقايا تسكن خلف جدران قبر
ليتك ترحلين بي إلى هناك ربما أجدني أتوسد ذراعيها
آآه أيتها الأقدام تأخذيني لحلم جميل أصحو على كابوس الحياة
أعيديني لجدراني الأربع سأجدني الآن هناك ، ربما تمطر السماء في طريق العودة فتفجّر نبع الأماني من صخرات الأنين أو أجد غيوم قصيدة تحمل رائحة القرنفل والياسمين
كل شيء عاد لطبيعتة باب مدرستي مغلق الطريق حزين لما أصابه ، لم أعد أراني طفلة ، تركني ظلُ الخوف ، شيء واحد لم يفارقني ، نظرات أعين مازالت تتبعني أشعر بها داخلي تسكن ، أستمد منها قوتي ، أستعيد نفسي ، أستقبلني باب غرفتي بابتسامة فلم يصدر صوت حين فتحته شعرت بالدفء داخل جدرانيَ الأربع كأن ذراعي أمي تستقبلني
ابتسمت الأوراق وناداني قلمي ، أسرعت لأحتضن حروفي ، قذفت في رأسي كلمات ، شعرت بآلام المخاض ، أخرجت دفتري ليستقبل مولدها ، أشعر أني أولد من جديد ، تلدني كلماتي لحظة ميلادها
الآن عُدت ، لن أتوه مني بعد اليوم
عُدت أحمل ذِكرى حُلمٍ جميل
أعاد ليَ قلب طفولتي
أعادني

آه يا منى
كم يتوه المرء عن نفسه ويفقدها ويبدأ رحلة في البحث عنها
آه يا غالية ..
لو أننا نعرف أول كلمة خطها قلمنا لما بخلنا عليها بكل صنوف التأبين على روحها
كلماتك جميلة كأنت

محبتي ... ناريمان