عرض مشاركة واحدة
قديم 04-11-2023, 04:05 PM
المشاركة 703
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفَصْلُ السّابعُ والتّسعُونَ


في الكِنَايَةِ عَمَّا يُسْتَقْبَحُ ذِكْرُهُ بِمَا يُسْتَحْسَنُ لَفْظُهُ


هِيَ مِنْ سُنَنِ العَربِ، وفي القُرآنِ {وقَالُوا لِجُلُودِهِمْ}1 أيْ:
فُرُوجِهِمْ. وقَالَ تَعَالَى {أو جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ}2
فَكَنَّى عَنِ الحَدَثِ. وقَالَ تَعَالَى {فَأْتُوا حَرْثَكُم أنَّى شِئْتُمْ}3
وقَالَ عَزّ وجَلّ {فَلَمَّا تَغَشَّاها}4 فَكَنّى عَنِ الجِمَاعِ، واللّهُ
كَرِيمٌ يُكَنّي. وقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّم لِقائِدِ الإبِلِ
الَّتي عَلَيْهَا نِسَاؤُهُ (رِفْقًا بِالقَوَارِيرِ)5 فَكَنَّى عَنِ الحُرَم.
وقَالَ عَليهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ (اتَّقُوا المَلَاعِنَ)6 أيْ: لَا تُحْدِّثُوا
في الشَّوارع فَتُلْعَنُوا.
ومِنْ كِنَايَاتِ البُلَغَاءِ: بِهِ حَاجَةٌ لا يَقْضيها غَيرُه، كِنَايَةً عَنِ
الحَدَثِ. وذَكَرَ ابْنُ العَمِيدِ مُحْتَشِمًا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ. فقالَ:
آلَى يَمينًا ذَكَرَ فِيهَا حَرَائِرَهُ. وذَكَرَ ابْنُ مُكرَّم سَائِلًا فَقَالَ: هُوَ
مِنْ قُرَّاءِ سُورَةِ يُوسُفَ، يَعْنِي أنَّ السُّؤَّالَ يَسْتَكْثِرُونَ مِنْ
قِراءَةِ هَذهِ السُّورَةِ في الأسْوَاقِ والمَجَامِعِ والجَوَامِعِ، وكَنَّى
ابْنُ عَائشَةَ عَمَّنْ بِهِ الأُبْنَةُ بِقولِهِ: هُوَ غُرَابٌ، يَعْنِي أنَّه يُوَارِي
سَوأَةَ أخِيهِ. وكَنّى غَيْرُهُ عَنِ اللَّقِيطِ: بِتَرْبِيَةِ القَاضِي. وعَنِ
الرَّقِيبِ بِثانِي الحَبِيبِ. وكَانَ قَابُوسُ بْنُ وَشْمَكِيرٍ إذَا وَصَفَ
رَجُلًا بِالبَلَهِ قَالَ: هُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، يَعْنِي قَولَ النَّبِيّ صَلّى
اللّهُ عَلَيهِ وسَلّمَ (أكثَرُ أهْلِ الجَنَّةِ البُلْهُ). ومِنْ كَنَايَاتِهِمْ عَنْ
مَوْتِ الرُّؤساء والأجِلَّةِ والمُلُوكِ: انْتَقَلَ إلَى جِوارِ رَبِّه، اسْتَأثَرَ
اللّهُ بِه.


1 "21" من سورة فصلت.
2 "43" من سورة النساء.
3 "223" من سورة البقرة.
4 "189" من سورة الأعراف.
5 وقائد الإبل: هو أنجشة الأسود، ذكر هذه الرواية
بهذا اللفظ الإمام الذهبي في كتابه تجريد أسماء
الصحابة، ورواه البخاري بلفظ (ارفق يا أنجشة بالقوارير)
6 تقدم تخريجه.
7 رواه البيهقي والبزار والديلمي بسند فيه لين. وهذا
الحديث يعني الذين لم يهتموا بالدنيا اهتمام المقبلين
عليها، فأصبحوا فيها كالبله، انظر كتاب النهاية في غريب
الحديث للإمام ابن الأثير الجزري.