عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2023, 02:46 PM
المشاركة 613
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ التّاسعُ


في الحَمْلِ عَلى اللَّفْظِ والمَعَنى لِلمُجَاوَرَةِ


العَرَبُ تَفعلُ ذَلكَ فتقولُ: هذا حُجْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ. والخَرِبُ
نَعْتُ الحُجْرِ لا نَعتُ الضَّبِّ ولكنَّ الجِوَارَ عَمِلَ عَليهِ، كما
قال امرُؤُ القَيْسِ:

كأن ثَبيرًا* في عَرانِينِ وَبلِهِ
كَبيرُ أُناسٍ في بِجَادٍ** مُزَمَّلِ


فالمُزَمَّل: نَعْتُ الشَّيخِ لا نَعتُ البِجادِ،وحَقُّهُ الرَّفْعُ ولكنْ
خفَضَهُ للجِوارِ، وكما قالَ الآخرُ:

يا ليتَ شَيْخَكِ قدْ غَدا
مُتَقلِّدا سَيْفًا ورُمْحَا

والرُّمحُ لا يُتَقَلَّد، وإنّما قال ذلك لمجاوَرَتِهِ السَّيْفَ. وفي
القرآن الكريم: {فأَجْمِعوا أمْرَكُم وشُرَكاءَكُم}*** لا يُقالُ:
أجْمَعتُ الشُّركاءَ وإنما يُقالُ: جَمَعْتُ شُرَكَائي، وأجْمَعتُ
أمرِي، وإنّما قالَ ذلك للمُجَاورة كما قال النبيُّ صلى الله
عليه وسلم:(اِرجِعْنَ مأْزُورَاتٍ غيرَ مَأجُوراتٍ)**** وأصلُهَا
مَوْزُورَاتٌ من الوِزْر، ولكنْ أَجْرَاهَا مَجْرَى المَأجُورَاتِ للمُجاوَرَة
بَيْنَهما، وكقوله: بالغَدَايَا والعَشايَا، ولا يُقالُ: الغَدَايَا إذا أُفْرِدَتْ
عنِ العَشَايَا لأنها الغَدَوَاتُ، والعامَّةُ تَقولُ: جاء البَرْدُ والأَكْسِيَةُ****،
والأَكْسِيةُ لا تجيءُ ولكنْ للجِوارِ حقٌّ في كَلامِ العرب.


*قال في المصباح: "ثبير جبل بين مكة ومنى، ويرى من منى،
هو على يمين الداخل منها إلى مكة". والعرانين كفعاليل جمع
عرنين كفعليل: من كل شيء أوله، ومنه عرنين الأنف لأوله
وهو ما تحت مجمع الحاجبين المسمى موضع الشمم.
**والبجاد: نوع من الثياب، وقيل خباء أو خيمة.
***من الآية "71" من سورة يونس.
****رواه الإمام ابن ماجه في سننه.
*****ضبطت هنا "الأكسية" بالرفع عطفا على "البرد" وفي
شروح سقط الزند: شرح الخوارزمي ضبطه المحققون بالفتح،
فتصبح الواو واو المعية. والمثال فيه: "جاء البرد والطيالسة"
والطيالسة جمع طيلسان، وهو كساء يلبس عند البرد. انظر
شروح سقط الزند 427/1.