عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
12

المشاهدات
1616
 
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي


موسى المحمود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
670

+التقييم
0.67

تاريخ التسجيل
Aug 2021

الاقامة
الأردن

رقم العضوية
16809
09-27-2021, 12:49 PM
المشاركة 1
09-27-2021, 12:49 PM
المشاركة 1
افتراضي ملكة النحل وقائد الدبابير
خرجت ملكة النحل من خليّتها تقصد التفتيش عن حقلٍ من الأزهار وكان برفقتها بعض نحلات الإستطلاع وبعض نحلات الحراسة، وفي طريقها صادفت ملكة النحل دبّوراً كان قد سقط على الأرض مصاباً جرّاء مرور بعض الأطفال في المنطقة. يبدو عليه الإعياء والتعب الشديدين، أمرت ملكة النحل موكبها بالتوقف حالاً لإسعاف الدبّور المصاب، ولكن نحلات الحراسة حذرنها من غدر الدبّور وأنه قد يكون فخاً حاكه مع رفاقه الدبابير للإيقاع بموكب النحل، غير أن ملكة النحل تجاهلت تحذير نحلات الحراسة وهمّت بالهبوط نحو مكان استلقاء الدبّور، وقفت إلى جانبه ودار بينهما الحديث التالي:


الملكة: مرحباً دبّور، أراك مصاباً ومتعباً ويبدو عليك الإعياء الشديد.
الدبّور: نعم لقد داس عليّ الأطفال الأشقياء، وأنا أنتظر المساعدة من رفاقي الدبابير إنهم في طريقهم إليّ الآن.
الملكة: ولكن هل أستطيع أنا ورفيقاتي تقديم المساعدة لك ؟
الدبّور: أنا أشعر بالحرج منكِ أيتها الملكة الجميلة، تعرضين عليّ المساعدة وقد كنت في طريقي إلى خلاياكم حتى أدمّرها وأتغذى على بيضات النحل فيها.
الملكة: لا عليك، أنا أعلم أنك عدوّي، ولكنك الآن مصاب وتحتاج إلى مساعدة، ولا أعرض مساعدتي عليك كي تعود عن قرارك في الهجوم علينا ولكن لأن ضميري لن يسامحني إذا تركتك هنا تصارع الموت وحدك.
الدبّور: كما قلت لك من قبل، رفاقي الدبابير قادمون وسوف يسعفونني، ولكني سآمرهم بتأجيل موعد الهجوم إلى يوم غد تقديراً مني لمشاعرك الجميلة.
الملكة: حسناً إذاً، أتمنى لك الشفاء العاجل، ولا أتمنى أن أراك تهاجمنا.
ضحك الدبّور ضحكة صفراء بينما ملكة النحل تغادر المكان مع موكبها.

في المساء، وبينما المكلة عائدة إلى مملكتها قابلت صديقها آكل النمل، ودار بينهما حديث قصير جداً، ثم عادت ملكة النحل إلى الخلايا فلم تجد ما يدل على اعتداء من قبل الدبابير، وأمرت الجميع بوجوب الإرتحال حالاً عند بزوغ الفجر لأنها تتوقع هجومًا وشيكًا للدبابير غداً. بدأ النحل بالتجهيز للرحيل، حمل البيض والغذاء وارتحل بعيداً عن خلاياه قاصداً وجهةً أخرى تدلهم عليها ملكة النحل. وفي الطريق، صادفت النحلة صديقتها النملة تحمل حبة قمحٍ على ظهرها وتهمّ بدخول بيتها، فنادت عليها من بعيد وطلبت منها الإنتظار قليلاً لتتحدث معها في أمرٍ هامٍ جداً. توقفت النملة عن السير وانتظرت هبوط ملكة النحل إليها ودار بينهما الحديث التالي:


الملكة: مرحباً نملة، سعيدة بلقائك يا صديقتي!
النملة: أهلاً ومرحباً ملكة النحل الجميلة، ما الخطب ..؟! هل هاجمتكم أسراب الدبابير ؟
الملكة: لا، ولكنها ستفعل اليوم، فقررنا الإرتحال بحثاً عن ملاذٍ آمنْ. نحن ذاهبون إلى حقلٍ قريبٍ وجدته في الأمس أثناء جولتي الإستطلاعية.
النملة: هذا رائع ! سعيدة بلقائك وبأنك بخير.
الملكة: ولكن هل نستطيع النزول إلى بيتكم اليوم حتى يتنسى لنا الإستراحة من عناء الرحلة وفي الصباح نغادر؟
النملة: أعتذر يا صديقتي، لا يمكنكم ذلك، لا يوجد لدينا متسع لكل هذه الأعداد، ولكن قد أستطيع إقناع قومي باستقبالك أنتِ فقط.
الملكة: لا عليكِ يا صديقتي، وشكراً على مبادرتك الطيبة لكنني لا أستطيع التخلي عن النحل في مثل هذه الظروف الصعبة، إلى لقاءٍ آخر، مع السلامة.


وقفت النحلة حائرة تفتش عن حلٍ يخرجها من هذه الورطة، فالنحل ينتظر أوامرها للإنطلاق إلى مكانٍ آمنٍ يبني فيه خلايا جديدة، والغذاء يشارف على النفاذ، وبينما هي كذلك، سمعت صوت النحلة رئيسة الحرس تصرخ وتنادي: وااا ملكتاه .. واا ملكتاه .. إنها أسراب الدبابير قادمة نحونا!! ارتعدت الملكة وخافت على النحل من أسراب الدبابير، قررت أن تتحمل مسؤولية الأمر وحدها، أمرت النحل بالهبوط بين الأعشاب والمكوث حتى تعود، ثم انطلقت مسرعة نحو سرب الدبابير لتجد ذلك الدبّور الذي قابلته يوم أمس في مقدمة السرب ويبدو أنه القائد، نظر إليها الدبّور مدهوشاً ودار بنهم الحديث التالي:


الدبّور: الملكة الجميلة! ما الذي أتى بك إلى هنا؟ ألا تخافين على نفسك من أن ننقض عليكِ ونفترسك ؟!
الملكة: أيها القائد الدبّور، إنّما ألتمس الرحمة وسداد الدين.
الدبّور: أما الرحمة فهي ملكي أهبها من أشاء، وأمّا الدَّينُ فليسَ دَيناً، إنّما معروفاً تجزين بمثله، ولا أراكِ مصابةً ولا ألاحظ عليكِ آثار الإعياء والتعب .. فعن أيّ دينٍ تتحدثين ؟
الملكة: عندما غادرتك بالأمس عائدة إلى مملكتي، صادفت صديقي آكل النمل، وعرفت أنه إذا ما أكمل طريقه في نفس الإتجاه سيجدك ويلتهمك، فأوهمته بأنّ بيتاً قريباً للنمل يقع في الإتجاه المعاكس، وتمكنت من تغيير وجهته وبالتالي حميتك من الموت.
الدبّور: ما أنبلك أيتها الملكة الجميلة، فاقت طيبتك جميع التوقعات، فتارة تعرضين عليّ المساعدة وأنا عدوّك اللدود فأظنّها مجاملة تنافقينني بها كي أعود عن قرار هجومي على مملكتكم، وتارة أخرى تبدين رحمة بي في السر وقد تأكدت الآن من صدق نواياكِ، إذهبي أنت ومن معكِ فلن نهاجمكم بعد الآن أبداً، عودي إلى مملكتك واهنأي بها.


فرحت الملكة كثيراً بقرار الدبّور، شكرته وعادت مسرورةً إلى النحل تزف إليهم هذا الخبر الجميل، وبهذا عاد النحل إلى مملكته القديمة سالماً من كل مكروه.