عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-2011, 11:10 AM
المشاركة 3
عمرأبوحسام الحسني
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
لا شك أن المقال السابق كانت توطئة لعد أفكار تخالجني حول مسألة السير إلى الله ، وما نعايشه من تصادم عما نقرأه في كتب خواص اهل الله تعالى ، وماهو عليه واقع الطرق الصوفية. تختلط على الملاحظ و المراقب في ساحة العمل الإسلامي عدة : كيف يغيب الجانب التربوي عند الفاعلين في الحقل الدعوي ؟ فإن تحدثوا عنه تحدثوا عن مضض؟ و في الجانب الآخر لم النفور من الشيوخ الفاعلين في هذا المجال أمثال الحبيب الجفري ؟ ولم اللذع المثير المبك على تراث و مذكرات أهل الله تعالى ؟ و لم اختلاط مفاهيم التربية الروحية و الشعوذة والدجل عند هؤلاء؟.
في قناة الناس ، استضاف الأخ عبد الله يوم الأحد ، أحل الفاعلين في البحث و القراءة و العمل افسلامي ، وقال أن للصوفية عالم خيالي خاص بهم لم نجد لهم أصلا في كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وجاء يكتاب منطق الطير كنموذج ، كتاب ختم الأولياء ، ونوادر الأصول ، وتحدث عما يحكيه أهل الله من كشف حول القطب و الأبدال ، وغيرها من المراتب.
و في حلقات أخرى استنكرأحد العلماء الأفاضل هناك التربية الصوفية و اعتبرها تربية لا تعتمد على سند صحيح في التربية ، يقصد الأذكار ؟ ثم قال أن الصلوات و الصيغ التي جائت على لسانهم تخص الحبيب صلى الله عليه وسلم تشوبها صفة التأليه و الوثنية لما فيها من مدح مبارك مبالغ فيه للحبيب صلى الله عليه وسلم.
وفي برنامج آخر ، صرح أحدهم أن ابن عربي رضي الله عنه كافر بإجماع المسلمين ، وعليه فمهما كانت البحوث و الدراسات التي سيكتبها عنه المدافعين ، فإن العاقل اللبيب لا يتنازل عن أمر أجمع عليه أسلاف الأمة الكرام.
فكيف ستدافع عن حوزتك المباركة أيها الخامل القاعد ؟ .
واجب نصرة أهل الله تعالى واجب شرعي و ضرورة فيمن انتسب إليهم ، وليس واجب فيمن لم يذق و يفهم و يقرأ عنهم. يقول الشيخ عبد السلام ياسين في كتاب الإحسان : ( ....لست أدعو إلى التصوف، ولا أحب الاِسم والشكل لأني لا أجدهما في كتاب الله وسنة رسوله بعد أن اخترت جوار القرآن والجلوس عند منبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. لا، ولا حاجة لي بالمصطلحات المحدثة، فلي غنى عنها بلغة القرآن وبيان إمام أهل الإحسان. لكن الحق الذي مع الصوفية، حق حب الله تعالى وابتغاء وجهه وإرادة الوصول إليه والتماس الطريق لمعرفته وما يكرم به الحنان المنان المصطفين من عباده، حق ثابت في القرآن والسنة، ثابت في حياة من تعرض لنفحات الله وصدق في الله وذكر الله وسار إلى الله. ذاك حق شهد به الرجال تحدثا بنعمة الله عليهم، وأنا أسعد الناس إن كان لشهادتي سامعون واعون هبوا من سبات الغفلة لصرختي هذه الهادئة، وتيقظوا يقظة القلب، وتجافوا عن الحياة الدنيا، وفزعوا إلى من يدلهم على الله حتى يعرفوا الله. أنا أسعد الناس إذاً إن حصل في ميزان حسناتي أفواج من المحسنين كنت لهم صوتا يقول: من هنا الطريق، من هنا البداية.
إن عُرى الإسلام أول ما انتقض منها الحكم، ثم توالى نقض عُرى أخرى حتى اختل المجتمع الإسلامي، والعقل الإسلامي، والوحدة الإسلامية، والشورى والعدل الإسلاميان. ولئن بقي للأمة وجود البتة، ولئن بقي لها تماسك استعصى على عوامل النقض والتفتيت أن تبلغ مداها، فالفضل لله عز وجل ولكتابه وسنة رسوله ثم لرجال كانوا غياث الخلق مصابيح الهدى. في كل إقليم كان دعاة مربون. كان الواعظ مربيا له نفوذه الروحي على قدر ما معه من خشية الله. كان المدرس مربيا على مقدار ما وصل العلم بالعمل الصالح. كان الجار للجار وإمام المسجد وعائل الأسرة مربين على قدر ما ورثوا بالصحبة والملازمة لمن قبلهم من تقوى الله.
كان النسب القلبي الفطري حياة سارية بالإيمان في أوصال الأمة، وكان أهل النسبة الوثقى أولياء الله تعالى أهل كرامته محطات يشع منها الإيمان الأقرب فالأقرب.
هذا التماسك الموروث بالانتساب القلبي، بالتحاب في الله، والخلة في الله والتواصي بالحق والصبر، هو كان ولا يزال روح الأمة ومناط وجودها وبقائها ومنعتها على الفتن.
في عصرنا توشك هذه العروة القلبية أن تتلاشى. لذلك يكون المطلب الإحساني أسبق المطالب في سلم الأولويات، ويكون طب القلوب أهم علم، وتطبيقه أهم عمل. جسد الأمة متداع نهب للناهبين. يستطيع المحلل السياسي والخبير الاقتصادي والباحث الاجتماعي أن يشخصوا أعراض الانحلال في جسد الأمة. وينبري أصحاب "الحل الإسلامي" و"البديل الإسلامي" ليقترحوا علاجا "إسلاميا" وفقا لذلك التشخيص، وفي مستواه من المادية والعقلانية، واستجابة له، وتبنيا لما تعرفه المجتمعات البشرية من بواعث ومنازع.
التشخيص النبوي وصف داء الأمة حين تنحل وتصبح غثاء كغثاء السيل، وسماه "وهنا" وهو حب الدنيا وكراهية الموت. العلاج النبوي لهذا الفساد نستنبطه من حديث المصطفى الكريم عن الأجساد تفسد أو تصلح بفساد أو صلاح مضغة فيها تسمى القلب. من حديث رواه الشيخان وغيرهما عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "... ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
صلاح التيار القلبي الإيماني الساري في أوصال الأمة يكون بصلاح قلوب المؤمنين. وصلاح القلوب يكون بالتربية. وللتربية أصول وقواعد من كتاب الله وسنة رسوله. حفظها وحافظ عليها القوم رضي الله عنهم، واجتهدوا واجتهادهم فرع. ونحن، وإن استدللنا في طفولتنا بالفرع على وجود الأصل واقتبسنا والتمسنا نورا من الفروع، لا نبتغي بالأصل بدلا. ) مقتطف من فقرة ، ألا و إن في الجسد مضغة ، كتاب الإحسان.
وضعت هذا النص كمقدمة ، في إشارة بليغة إلى واقع مريدي أهل الله ، وهي غياب فرقان واضح و نير في الزيال بين الفرع و الأصل.
ما وصلنا عن أهل الله تعالى في مذكراتهم مجرد اجتهاد فرعي ، ومن الواجب علينا أن نعود إلى الأصل. ومن المنتسبين إلى أهل الله تعالى من يرون في مثل هذا القول تجاوز بل طي لمرحلة تقديس كتب القوم.
في التصوف حق ، والحق هو ما كانوا عليه من الحب لله تعالى و اشتغالا به ، و خذمتهم للحبيب صلى الله عليه وسلم في حفظ التربية النبوية و النور النبوي و الشجرة النبوية المباركة من الضياع ، لكن مع هذا الحفظ و هذا الجهد كان لأهل الله ابتداع اساليب تربوية ليس لها سند في الشرع ، كترك بعض الطيبات ، والمبالغة في الفقر ، و انعزال فظيع عن هموم المسلمين.
فهل الأساليب التي ابتدعوها و طوروها عبر الأزمان فريضة ملزمة لأهل الطريق في زماننا هذا ؟.
لهذا كان التجديد في الجانب الصوفي و خصوصا في شكله سبة بل جريمة لمن أراد الدعوة لها ، ذالك أن أهل الله تعالى بل الأحرى المنتسبين إليهم يرون فيها جحودا بل عدوانا على الحوزة المباركة.
إن كان التجديد أن أحافظ على المعنى لكن في قالب شرعي فلم لا.؟
مثلا في جانب الذكر ، كل شيخ له أذكار مقرونة بالوقوف العددي و الزماني ثم حضور بالقلب ، أضف على ذالكما يفيض عليه الملك الوهاب من صيغة نورانية نبوية ، فإن دعى من دعى الرجوع إلى الذكر المسنون في السنة ، و يكون مأذونا إذنا عاما كان كمثل من دعى إلى الزنا الروحي الخيالي ؟
و كأن أوراد الشيخ نزلت وحيا من السماء؟.
مثلا نجد في كتاب الله دعوة إلى نظام الذكر وفق الزمان ، استغفار للأسحار ، قرآن الفجر أي قيام الليل ، تسبيح قبل شروق الشمس و قبل غروبها ، و في السنة قول لا إله إلا الله الى قبيل الشروق ثم يكون هناك تسبيح ثم ركعتي الشروق.
فلم لا نحرص على هذه الآداب النبوية بإذنها العام لكل مؤمن.؟.
ولكن مع ذلك لا ننكر كل ولي عارف كانت له أذكاره الخاصة بخاصية الإذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم و هي حرمة من الحرمات ، وفيها إشارة إلى اختلاف قابليات العباد و أمزجتهم و روحانيتهم في الذكر اسال الله تعالى أن يرحمنا آمين.
نسال الله تعالى أن يرحمنا آمين