الموضوع: ما هو الأهم ؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2013, 02:27 AM
المشاركة 3
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



" هل ستكون نهايته كباقي الفرسان ؟" هكذا استقبل الزعيم المجندة عندما رأي الجثة الممدودة على السرير ، و لما صامت عن الكلام أردف : " نقترب من نهاية المسرحية . على الأقل قمنا بالمحاولة ، كنا نظن يومها ، أن نجمتنا انطفأت و أن الطاقة نفذت ، ولكن لم تكن إلا لعنة الوباء ، كانت افتراضات العلماء صحيحة " لايزال وجهها يعبر بنظرات غريبة ربما تأنسنت مشاعرها أيضا ، هكذا تخيل الزعيم ، الذي مل من الصمت و الوحدة ، كانت عظمته بلغت أوجها عندما سيطر ملكه على الكوكب بأكمله ، يومها أحس أنه بلغ المجد ، وصلت الابتكارات العلمية مداها ، وعطلت العاطفة في مملكته ، القانون الصارم ، لا مجال للخطإ ، لا مجال للفضيلة ، لا شيء غير الانضباط ، بات جنسهم يقترب من الآلة ، و على حين غرة ظهر الوباء ، لعنة تأخذ الأرواح تباعا في ظرف قياسي ، فسرها بعض العلماء ممن شملهم التهجير عبر الفضاء ، بتلوث إشعاعي ، والآخرون بتحول استنساخي أخطأ هدفه ، و أحالها البعض إلى لعنة غياب العاطفة ، فحاول بعضهم على احتشام أن يظهر أن الطبيعة تتناغم مع النفس ، متى غابت الروابط الدافئة بين أفراد المجتمع ، ثارت ضدهم الطبيعة وجدانيا محاولة التخلص من هؤلاء الذين غيروا سنن الكون .

" تراه يستمتع بإنسانيته ؟ " تألمت المجندة لحاله وهي تقول : " لو كان يستمتع لاكتشفت ذلك من خلال نفسي ، ولكنت أيضا يا زعيم أول من يستمتع " زفر الزعيم بعمق و قال :" لا داعي للبروتوكل ، و كلمة الزعيم تلك فات أوانها ، كلنا نحتضر عاجلا أم آجلا ، لم يستطع الجسم البشري أن يمنحنا تلك القوة الكافية للصمود ، أكاد أميل أن اللعنة في جهازنا النفسي الذي أفرغ من العاطفة ، و من يدري ، ربما قلوبنا أصبحت سوداء .
فجأة ثارت ثائرته فلا أشجار الرمان أطفأت جنونه ، و لا الشمس بضيائها أنارت نفسه المكلومة ، يصيح صيحات مرعبة يريد الخروج من ذلك الحلم البهيج ، و هو يقول : " ما استطعت أن أكون إنسانا ، حاولت أن أجاريهم منذ نزولي إلى الأرض ، إنهم مختلفون ، رغم أن فيهم عيوبا كثيرة ، إلا أن قلوبهم لا تزال تنبض بالحب ، بالخير ، بالتطلع ، ربما يقودهم بعض المجانين إلى ما وصلنا إليه ، ولكن قوة خارقة تمنعهم من الجنوح لرغباتهم ، فعقولهم لا تزال نشطة ، ربما تجنبوا ما ألم بنا ، من فضلكم أريد أن أرتاح ، فأنا نادم عما اقترفه جنسي ، لا أريد التمزق أكثر مما أنا عليه الآن ."

" أيها الزعيم ، بعد إذنك سأخرج ذاكرته من تلك الأحلام الحاسوبية ، فهو أخيرا اتضحت عنده الصورة ." انتابت الزعيم نوبة حادة فاعترت جسده الإنساني تشوهات كبيرة و بدأت أطرافه الثعبانية تخترق و تنهش جسده فتملكه ألم عظيم وصاح آخر صيحاته . نظرت المجندة إلى المخلوق الغريب أمامها و هي تقول ما أبشع صورتنا الحقيقية . أطفأت آلة البرمجة الخاصة بالفارس فقال في خفوت ، شكرا أختي العزيزة و الأهم أنني مؤمن بالأقدار و ربما هذا أفضل ما اكتشفته على الأرض ، فانجر جسمه أشلاء .

تحركت نحو الآلة الطبية الكاشفة فلاحظت أنها تقترب كثيرا من ساعة النهاية فهم جميعا آخر نسخة أبتكرها الطبيب قبل وفاته أملا في تجنب الانقراض ، صاحت متألمة وهي تضغط على زر تفجير المحطة الفضائية .

انتهى