عرض مشاركة واحدة
قديم 10-30-2019, 07:43 AM
المشاركة 69
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: هـــــــي الـدنيـــــــــــا !!
الدنيا فانية.. فلماذا هذا التعب؟!!
للكاتب / أحمد زمان


هل تستحق منا الحياة كل هذه المعاناة، وكل هذا الشقاء ما دام الإنسان مصيره إلى الموت؟

سؤال طرحه الكثير من الفلاسفة والمفكرين منذ آلاف السنين ومازال البحث عن إجابة له جاريا حتى عصرنا الحاضر.

لماذا نعمل؟ ولماذا ننتج؟ ولماذا نبدع؟ ولماذا نحرث ونحصد؟ ولماذا؟ ولماذا؟ ولماذا؟، ما دام مصير كل ذلك إلى الفناء وإلى الهلاك؟

الإنسان يموت وكذلك الحيوان والنبات الذي يأكله.. الحضارات تقوم ثم تضعف وتتلاشى وتموت.. وشعوب كثيرة عاشت قرونا طويلة وسحيقة، ثم اختفت من الأرض.. فلماذا نتعب أنفسنا ونشقيها؟ ولماذا لا نمتع أنفسنا بهذه الأيام القصيرة لنا على هذه الأرض؟

الناس تتقاتل وتتصارع على كل شيء، على كسرة الخبز وعلى المنصب والوظيفة، وعلى قطعة الأرض وعلى حفنة من المال، وكل يكيد للآخر ويحفر له.. من أجل ماذا، ما دام كل هذا المكسب مصيره للزوال.. وما دامت الأمور ستصل بنا في النهاية إلى أن نترك كل ذلك وراءنا لنورثه إلى أبنائنا الذين لم يتعبوا فيه ولم ولن يعرفوا قيمته؟!

إنها حكمة الله في خلقه وفي الإنسان الذي أكرمه رب العالمين (ولقد كرمنا بني آدم).. إنه الفرق بين الإنسان والحيوان.. إنه صراع البقاء وصراع الحياة.. لا بد للدورة أن تكتمل حتى يرث الله الأرض ومن عليها.. أناس تولد وأناس تموت.. نحن نزرع ليأكل أبناؤنا من بعدنا، ونحن نبني لنعمر الأرض.. هذه هي رسالة الإنسان في إعمار الأرض.. فالحيوانات عاشت ملايين السنين دون أن تطور نفسها أو تطور الأرض التي عاشت عليها، ولذلك انقرض الكثير من أنواعها التي لم تستطع أن تكيف نفسها مع ظروف الطقس والمناخ، لكن الإنسان أمر بإعمار الأرض والسعي في مناكبها، فإذا ضاقت في مكان انفرجت في أماكن أخرى.. هذه هي دورة الحياة، وهذه هي زبدتها وحلاوتها الممزوجة بالمرارة والتعب والعناء.

ومن هنا تأتي كلمة «ثم» في القرآن الكريم لتعطي دلالات التتابع والاستمرار والخلود (وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور)، وقوله سبحانه وتعالى: (الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم).. فنحن وسائل خلقها الله العلي القدير لتحقيق غاية نبيلة، لكن الأمر كله بيد الله يصرف الكون كيف يشاء (هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) أي أمرنا بإعمارها وتطويرها حتى تستمر الحياة عليها ليوم حدده سبحانه، علمه عنده هو لا إله إلا هو، بعدها تزلزل الأرض وتفنى وتنسف الجبال نسفا وتفور المياه والبحار والمحيطات، لينتقل الإنسان إلى حياة أخرى دائمة لا نعلم عنها إلا النزر اليسير.

ونعود إلى السؤال الأول، هل تستحق منا هذه الحياة كل هذا التعب والشقاء ما دام الموت سيحصد كل شيء وسينهي كل أمر؟!

ولعل الإجابة نجدها في ثنايا القرآن الكريم، فالمؤمن هو الذي يأتي تصوره عن الحياة الدنيا موافقا لما في القرآن الكريم، فهو الذي يرى أن الدنيا مطية الآخرة، وهو من يرى أن الدنيا دار عمل وتكليف ويرى الآخرة دار تشريف (وأن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون).