عرض مشاركة واحدة
قديم 08-29-2021, 09:50 AM
المشاركة 5
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الدكتوراه التي لم يحصل عليها سيدنا شعيب؟

الدكتوراه التي لم يحصل عليها سيدنا شعيب؟!

أرسل لي عدد كبير من الأصدقاء والزملاء ذلك الخبر العقيم عن منح دكتوراه فخريه لأحد البلطجية، وكنت أضطر للرد على كل واحد منهم في رسالة خاصة بما أراه، فلما كثرت الرسائل طرحت الأمر هنا للفائدة، والرد هنا على المثقفين وأصحاب القلم بالتحديد.
أولا:
أسوأ صفة تجذرت في عالمنا العربي اليوم هي الجدل، وهي سبب تخلفنا الرئيسي، وصدق فينا قول القائل:
(إذا غضب الله على قوم رزقهم الجدل ومنعهم العمل)
وهو ما تحقق الآن، ولذلك فإن كل إنسان يحترم نفسه عليه أن يركز في عمله وعلى الأمور التي تستحق اهتمامه ويبتعد عن ثقافة متابعة (الترند) فهي كابوس من كوابيس الثقافة في عصرنا، والعيب هنا ليس عيب المجتمع الذي يهتم بالتوافه، لكن عيب أي مثقف يتورط في المتابعة والتعليق على كل الموضوعات التي تثار يوميا.
فانقلبت الآية، بدلا من أن يتولى المثقفون قيادة وعي المجتمع، أصبح المجتمع بأخباره هو الذي يقود المثقفين حيث يريد وكل هذا تحت شماعة معالجة الواقع!
(يا عم الحج انت وهو، الواقع نفسه واقع تشغل نفسك بيه ليه)
ثانيا:
تأملوا الآية الكريمة المرفقة بالمقال والتي تحكي جانبا من قصة موسي عليه السلام، عندما هرب من مصر إلى (مدين) وشاهد ابنتي نبي الله شعيب عليه السلام يسقيان، فسقي لهما.
[وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ] {القصص:23}

تمر علينا القصة دون أن نتأمل فيها مغزى شديد الأهمية، وهو أن بنات سيدنا شعيب عليه السلام كانتا تسقيان، بمعنى أنهما قاما على خدمة أبيهما بأعمال الخدمة المنزلية حتى مهنة السقي التي تختص بالرجال لعدم وجود من يعمل لهما!
ليس هذا فقط.
بل إن مبرر قيامهما بمهمات الخدمة تلك أن أباهما شيخ كبير!!
فمن هو هذا الشيخ الكبير يا ترى؟!
هو نبي الله شعيب عليه السلام والذي كان في تلك الفترة قد بعث لقومه من أهل مدين فرفضوا الاستجابة إليه فخرج من قومه بمن آمن به ــ وهم قليل ــ وأرسل الله عذابه على قومه الذين كفروا فمحاهم من الأرض
يعني نبي مرسل، وكمان أرسل الله على يديه عذابا إلى قومه فأفناهم، بمعنى أن نبوته ورسالته ومعجزته ظهرت لكافة أهل المنطقة التي يسكن بها،
ثم كبرت سنه، ولم يجد من يخدمه من أهل تلك المناطق، فقامت على خدمته ابنتاه،
وليت الأمر اقتصر على هذا!
فابنتاه عندما قامتا بالعمل الخدمي لأبيهما لم تجدا من رجال قومهما من يتبرع بالسقي لهما، على الأقل تقديرا لنبي الله شعيب الذي أفنى عمره في النبوة والرسالة وهداية الناس!
والسؤال الآن...
المثقف أو العالم الذي يشتكي الآن عدم تقدير الناس له ولعلمه، ويعتبر ممارسات المجتمع في تقدير التافهين والمراهقين مبررا له كي يترك طريق الثقافة والعلم!
سؤالي لحضرتك...
انت أفضل أم نبي الله شعيب عليه السلام؟!
وإذا كانت الإجابة معروفة، فمن الطبيعي أن تضع هذا المثال أمام عينيك، لتعلم أن الناس منذ خلق الله الدنيا وهي على نفس الطباع في المعتاد.
وطالما أنك اخترت طريق الجدية بمحض إرادتك، فلا تلتفت لأهل الهزل في منتصف الطريق، لأنك تعلم وترى من البداية أن من يحوز الشهرة والنفوذ اليوم هم الفئة التي تراها، فلماذا لم تنضم لهم من البداية؟!
استرجل كده يا راجل واحمد ربنا، فهناك رموز وقامات علمية قبعوا في أعماق السجون والمعتقلات، وأنت كل شكواك من المجتمع يقتصر على أن المجتمع ترك القراءة وأهل الثقافة!



الأستاذ الفاضل محمّد جاد الزغبي،
دوافع العمل هي وقوده، ونية العامل والعالم والمفكر والريادي هي الأساس كي يستمر، فلينظر كل منا إلى دوافع عمله إن شعر يوماً ما بالفتور.

شعيبٌ عليه السلام عرف سبب وجوده ودعوته ونبوته، فاستمرّ دون كلل أو ملل، وكثيرٌ منا اليوم يعمل للناس وإرضاء الناس غاية لا تدرك، فلو كانت أعمالنا لله الواحد القهار الفرد الصمد لما شعرنا بالفتور لأن الله لا يتغير بل يغيّر.
فسبحان الله العظيم

كل الإحترام