الموضوع: حكايتنا
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-21-2022, 12:06 AM
المشاركة 73
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: حكايتنا
لعلّك تذكرين أيضًا تجوّلنا في كرم الزّيتون المجاور لبيت جدّي، لم يكن يعجبك شكل حبّات الزيتون في ذلك الكرم كونها لا تشبه تلك الحبّات في خلّاتنا المغتصبة في فلسطين، أذكر كيف كنت تمتعضين من عدم اهتمام صاحب الكرم بغراس الزّيتون وتنعتينه باللامبالاة والجحود كونه لا يفلح أرض الكرم على الدّوام ولا يصنع حول الشّجر سواقي دائريّة الشّكل كي لا يضيع ماء المطر هباءً حين تأتي السّماء بقطيع السّحب الماطرة.

لا بد أنّك تذكرين وبعد كلّ هذا الوقت كيف استطاع ولدٌ مثلي أن يتسلّق شجرة الزّيتون الكبيرة ليقبض على فراخ عصفورةٍ صنعت لها ولهم عشًا على أغصانها، فعاقبتني حينها الطّبيعة بسقطةٍ أثارت فزعك وأطلقت للفضاء شهقةً منكِ كادت تنضج حبّات الزّيتون من حدّة صوتها.

واليوم وقد عدتِ إلى فلسطين، وسكن قلبك وهدأت روحك بلقاء زيتوناتنا، كان لا بد لي من أن أرفع هذا الهاتف اللوحي المحمول صانعًا مكالمةً مصوّرة معك، لأرى في عينيك انعكاس صورٍ كثيرةٍ لفلسطين، صورٌ تمتزج بها مشاعر العائدين بمشاعر المنتظرين في المنافي البعيدة، كان لا بد لي أن أحدّثك عن كرم جارنا الأهوج الذي بيع لصانع البنايات الطويلة وانتهى بزيتوناته المصير إلى القطع، كان لا بد لي أن أحدّثك عن نكبة الزّيتون في كرم جارنا، وهجرة العصافير بعد خراب بيوتها..

تلك العصافير التي لطالما طاردتها عيونك بحثًا عن الغائبين، من نافذةٍ شرقيةٍ تطلّ على اللاشيء، حتّى العتبة الحزينة، المتروكة للانتظار.

#فلسطين
#رواية_أم_أسعد

موسى المحمود