..
..
إني أراه الآن يصطحب الشباب
عيناي راعشتان أرَّقها مجيء الغائب المنفي من زمن الضباب
"قد كنت أعرف أنه سيجيءيوما
كنت أعرف قبل هذا،
أن فجرا قادما بعد الغياب
هل مات صوت القهر ِ؟
هل سيموت صوت القهر ِ؟"
كنت أقول : للناي العذاب
والآن أهتف:أن هذا الناي يطرب بالسحاب
لا زلت منذ الأمس أجلس هاهنا
بين المسافة والمسافة رحلة من خطوتين
وأراهما تتجاذبان الغيم والأمل البعيد
قد كنت أعرف، ليس لي حق الكلام
وليس لي حق اختيار الرحلتين
لكنني لا زلت أمشي حائرا
وأجدف الأرض التي تدعى يباب
فرأيت طفلا جاء نحوك حالفا:
يا أيها المنفي من زمن الضباب
أنت الذي بين الرمال تجود بالأمل الوحيد
وأغيب دهرا اكتفي بالصمت في زمن العذاب
وأنا هنا في الركن استجدي الغيابْ
بين الحقيقة والخديعة جولة ٌ
قد كنت أعرف ليس لي حق اختيار اللحظتين
وأنا غريبٌ في رمال الصمت
أهرع للنجاةِ أكون بين رصاصتين
قد كنت ألهث راكضا في داخلي
وأقول في أذن الرياح:
"يا ليته ما جاءنا بالمعجزاتْ"
قد كان زيفا أرهقته النائبات
-"يستنوق الجمل الملثـّم بالخمار"
فأمدُّ من تحت الرمال يديَّ
كي أنشقَّ منه وأفتدي بالروح أروقة الحصار
وأقول ما بيني وبينك نقطةٌ "عدمُ التقاءْ"
فارحل شمالا يا غريب عن الرؤى
إذ نحن أبناء الجنوبِ
ولا نحب من الشمال سوى الغياب
..
..
سعيد العواجي