عرض مشاركة واحدة
قديم 04-11-2021, 07:58 AM
المشاركة 3970
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
2614

.... أَعْدَى مِنَ الشَّنْفَرَى ....

هذا من العَدْوِ، ومن حديثه - في ما ذكر أبو عمرو الشيباني - أنه
خرج هو وتأبَّطَ شرًّا‏‏ وعمرو بن بَرَّاق، فأغارو على بَجِيلة، فوجدوا
لهم رَصَدًا على الماء، فلما مالوا له في جوف الليل قَال لهما تأبط
شرًّا: إن بالماء رَصَدًا، وإني لأسْمَعُ وجِيبَ قلوب القوم، فَقَالا‏:‏ ما
تسمع شيئًا، وما هو إلا قَلْبك يَجِبُ، فوضع أيديَهُمَا على قلبه وقَال:
والله ما يَجِبُ وما كان وَجَّابًا، قَالوا‏:‏ فلا بُدَّ لنا من ورود الماء، فخرج
الشَّنْفَرى، فلما رآه الرصَدُ عَرَفُوه فتركوه حتى شرب من الماء، ورَجَع
إلى أصحابه فَقَال‏:‏ والله ما بالماء أحد، ولقد شربت من الحوض،
فَقَال تأبط شرًّا للشَّنفرى‏:‏ بلى، ولكن القوم لا يريدونك، وإنما
يريدونني، ثم ذهب ابْنُ بَرَّاقَ فشرب ورجع ولم يَعْرِضوا له، فَقَال
تأبط شرًّا للشنفرى‏:‏ إذا أنا كَرَعْتُ في الحوض، فإن القوم سيشدون
علي فيأسرونني، فاذْهَبْ كأنك تهرب، ثم كُنْ في أصل ذلك القَرْنِ فإذا
سمعتَنِي أقول‏:‏ خذوا خذوا، فتعال فأطْلِقْنِي، وقَال لابن براق‏:‏ إني
سآمُرُكَ أن تستأسر للقوم، فلا تَنْأَ عنهم ولا تمكنهم من نفسك، ثم مرّ
تأبط شرًّا حتى وَرَدَ الماء، فحين كَرَعَ في الحوض شَدُّوا عليه فأخذوه
وكتفوه بوتر، وطار الشنفرى، فأتى حيث أمره، وانحاز ابنُ برَّاقَ حيث
يَرَونْه، فَقَال تأبط شرًّا‏:‏ يا معشر بَجيلة، هل لكم في خير أن تُيَاسرونا
في الفِدَاء ويستأسر لكم ابنُ برَّاق‏؟‏ قَالوا‏:‏ نعم، فَقَال‏:‏ ويلك يا بن براقَ
أما الشفنرى فقد طار، وهو يصطلي نارَ بنى فلان، وقد علمت مابينَنَا
وبين أهلك، فهل لك أن تستأسر ويُيَاسرونا في الفداء‏؟‏ قَال‏:‏ لا والله
حتى أَرُوزَ نفسي شَوْطًا أوْ شوطين، فجعَلَ يَسْتَنُّ نحو الجبل ويرجع،
حتى إذا رأوا أنه قد أَعْيى طَمِعُوا فيه فاتبعوه ونادى تأبط شرًّا‏:‏ خذوا
خذوا، فخالف الشنفرى إلى تأبط شرًّا فقطع وَثَاقه، فلما رآه ابْنُ بَرَّاق
وقد خرج من وَثَاقه مال إلى عِنْده فناداهم تأبط شرًّا‏:‏ يا معشر بجيلة،
أعجبكم عَدْوُ ابن براق‏؟ أما والله لأعْدُوَنَّ لكم عدوا ينسيكم عَدْوَه،
ثم أحضروا ثلاثتُهم فَنَجَوْا، وفي ذلك يقول تأبط شرًّا:

لَيلَةَ صاحوا وَأغْرَوا بِي سِرَاعَهُمُ
بالعيبتين لدى مَعْدَى ابنِ بَرَّاقِ

كأنَّما حَثْحَثُوا حُصًّا قَوَادِمُهُ
أوْ أمَّ خَشْفٍ بِذِى شَثٍّ وَطبَّاقِ

لا شَيْءَ أَسْرَعُ منيَّ غَيْرُ ذِي عذر
أوْ ذِي جَنَاحٍ بجَنْبِ الرَّيْدِ خَفَّاقِ


فكل هؤلاء الثلاثة كانوا عَدَّائين، ولم يَسِرِ المثل إلا بالشَّنْفَرَى.