الموضوع: حكمة و فرجة
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-27-2013, 02:48 PM
المشاركة 5
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

حكاية خنزير





يحكى أن حاكما جائرا احترف الاستبداد وجعله سنة دائمة ، و كان له خنزير بري يسرح ويمرح ويرتع في حقول الذرة والخضروات ، يفسد الحرث والزرع ، تهامست الرعية عصرا واجتمعوا عشاء ، فقرروا الاحتجاج على منهج الخنزير . لاستحكام الخوف في قلوبهم و تعظيمهم لغلظة حاكمهم فلا أحد يستطيع المبادرة بالكلام أمام الآمر والناهي المخرس لكل الألسن المستبيح لكل الأعراض ، تطوع رجل معروف بشجاعته متسلحا بشهامته قائلا : " إذا قلت خنزيرك سيدي ، فقولوا جميعا أهلك حرثنا وأفسد زرعنا " فاستحسن الجمع فكرته .
صبحا انطلقوا وهم يتخافتون ألا يخذلنهم في قولهم أحد ، و لا يتبرمن عن عهدهم صغير ولا كبير ، وتأكدوا من قدرة صاحبهم على إنجاز البداية والصدح أمام سلطان الخوف ، و جبروت القمع . و صلوا باب الحاكم فكان لهم الحراس بالمرصاد ، يصدونهم صدا فقامت وشوشة فصيحات لم تسكتها إلا هالة الحاكم وقد فتح الحاجب الباب ، فصرخ في وجوههم : " ما هذا ؟ أجئتم بهدية ؟ أم أصابكم العمى و السعار !"
فقال الباسل : " خنزيرك سيدي " فرد عليه الحاكم : " هل أصابه مكروه ؟ " صمت الجميع فرد الشجاع : " خنزيرك سيدي !" فنهره الحاكم : " أفصح وإلا نلت من العذاب شره و أذقتك من الخزي مره و جعلتك صاغرا وضيعا حقيرا " مازال الشجاع ينصت لغضب الحاكم و شره المتطاير حتى حملته الزبانية ، فصدح مستغيثا : " سيدي الحاكم ، لطفك سيدي ، فقد عقد الحياء لساني ، ما أبغي بالخنزير شرا ، فهو حبيبي وقرة عيني ، وقد جئنا مسترحمين جودك ، ومستذرين كرمك ، أن لا تردها في وجوهنا ، فخنزيرك يشتكي وحدته ، و يبكي وحشته ، فهلا تفضلت وأكرمتنا و أنعمت عليه بخنزيرة جميلة ، تشد أزره و تلد له صغارا يديمون نسله ، ودمتم في خدمة هذه الرعية الوفية أبد الآبدين ."
فقال لهم الحاكم :" خلوا سبيله فهو منا أقرب ."