عرض مشاركة واحدة
قديم 07-18-2011, 02:41 AM
المشاركة 3
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
ونأتى للمشهد الثالث وهو تصريح بعض العلماء أن قتلى المظاهرات فى مصر وغيرها ليسوا شهداء !!!
ووالله لست أدرى لماذا لا يسكت هؤلاء حقا احتراما لأنفسهم ؟!!
وهؤلاء الذين يدعون العلم والتقوى والذين ما اكتفوا بأنهم كانوا ولا زالوا علماء السلطان والمروجين لسياسات الإنحراف والإكتفاء من الشريعة بالمظاهر حتى أصبحت بلادنا بلاد المسلمين أوكارا للدعارة السياسية الأمريكية دون أن يجرؤ عالم منهم على فتح فمه بكلمة , وهو الذى تجده زاعقا صارخا بالدعاء للسلطان كما لو كان الحكام أمثال عمر وأبي وبكر !!
وتجده على المنبر يكاد يمزق ثوبه من الإنفعال وهو يدعو الناس للّحية المرسلة , ولعدم مصافحة أو معاملة النصاري , بينما لا نحفظ لأحدهم حرفا واحدا قال به أمام سلطان جائر ؟!
فصاروا كأهل العراق ـ القدامى طبعا ـ يقتلون الحسين ويستفتون فى قتل نملة !! , على حد قول أحد الأئمة
وكأن الدين لا يحتوى إلا الشكل الخارجى ووجوب طاعة الحكام وفقط !!
أما الحديث عن فضح معاملات الحكام مع الغرب واستعانتهم بالكفار على إخوانهم المسلمين , واستثمار أموال الثروات العربة فى بنوك وإقتصاديات الغرب , وقتل وسفك الدم الحرام ليل نهار , وتعذيب وتشريد كل صادح بكلمة حق ,فهذه الأحاديث لا تليق وكبر عمامة شيوخنا الأجلاء !!
وهؤلاء الذين أفتوا أمس بشرعية استقدام القوات الأمريكية للمنطقة العربية واتخاذها مخزنا للسلاح وموطنا لضرب بلاد المسلمين واحتلالها , هم أنفسهم الذين هبوا اليوم لحماية تلك العروش ببيع الضمير والعلم بثمن بخس ,
وأصبح الهدر بكلمة الحق ـ وهى أعلى أنواع الجهاد ـ عند هؤلاء نوع من أكبر الكبائر وخروج على السلطان وميتة جاهلية !!

الغريب أن هذه الفتوى الغريبة تستند إلى ما تظنه دليلا لها رغم كونه دليلا عليها ,
فقد استند مطلقوها إلى أن عقيدة أهل السنة والجماعة قائمة على عدم الشهادة لأحد بجنة أو نار أو بشهادة فى سبيل الله بخلاف أولئك الذين نصت عليهم آيات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ,
وهذا صحيح بلا جدال ..
ولكن لماذا لا يكملون الإستدلال ويتعاملون معه بطريقة ( ولا تقربوا الصلاة ... )
بقية الإستدلال أنه من صلب عقيدة أهل السنة والجماعة أيضا الشهادة للميت أو القتيل بالشهادة والجنة إذا قلناها مردفين القول ( نحسبه كذلك والله حسيبه ) , لا سيما وأن الله تعالى أعطانا عبر القرآن والسنة أدلة قطعية نستدل بها على وجوب الشهادة لمن مات على حالات معينة حددتها الشريعة ..
هذا وقد جعل الله تعالى من كرامات هذه الأمة أنها تشهد على أفرادها كما تشهد على غيرها من الأمم ..
(كان النبي صلىالله عليه واله وصحابته وسلم جالسا مع صحابته فمرت جنازه فأثنى الصحابه عليها خيرا فقال: وجبت ثممرت جنازه فأثنى الصحابه عليها شرا فقال : وجبت
قالوا يا رسول الله مرت الأولى فقلت وجبت ومرت الثانيه فقلتوجبت؟
قال:أما الأولى فأثنيتم عليها خيرا فوجبت لها الجنه وأماالثانيه فذكرتم عنها شرا فوجبت لها النار أنتم شهود الله في أرضه أنتم شهود الله فيأرضه أنتم شهود الله في أرضه )

فإذا كان الله تعالى جعل هذه الأمة شهوده فى أرضه على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام , فلماذا تحجرتم واسعا , وضيقتم رحبا ؟!
ما هذا الغل الغريب على من خرج لا هم له وهدف إلا الدفاع عن وطنه وأمته وحريته ؟!! فبخلتم حتى بالدعاء المجرد لأخيك المسلم الذى دافع عن حقه بينما غيره فى ركاب السلطان
( انت مالك يا أخى مات شهيد ولا حتى مات يهودى !! وما شأنك برحمة الله التى لا يحدها شيئ حتى تحدها أنت بألفاظك ! )
المصيبة الأغرب أن مطلق الفتوى لم ينتبه إلى أنه ارتكب موبقة من الموبقات عندما جزم بعدم اعتبار هؤلاء القتلى شهداء , وذلك أن قوله ذلك تأليا على الله تعالى والذى لم يعط علمه أحدا من العالمين حتى يأتى فلان من الناس فينصب نفسه وصيا على باب الشهداء فى الجنة ؟!
فما شأن مطلق الفتوى فى ذلك وأى فائدة يرجوها هذا التعيس من تعميم وصف كهذا على قتلى المظاهرات ؟!
خاصة وأننا فى اعتبارنا لهؤلاء الشهداء .. شهداء حقا إنما نقولها تمنيا على الله وثقة فى صدق وعده ( ومن أصدق من الله قيلا )

والأدلة فى اعتبار قتلى المتظاهرين شهداء لله تعالى لا تعد ولا تحصي .. منها مثلا
أولا : الحديث السابق الذى أوضح أن شهادة الأمة دليل للميت إلى النجاة ,
ثانيا : جعل الله تعالى كلمة الحق عند سلطان جائر هى أعلى مرتبة فى الجهاد على الإطلاق ,
( خير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر )
وخروج المتظاهرين للهتاف بكلمة الحق والعدل والحرية فى وجه الظالمين والفاسقين ـ وبلا أدنى منفعة شخصية ـ تطبيق عملى مباشر لهذه الكلمة حيث لم يمنع الثوار سطوة السلطة ولا تهديدات الشرطة بالقتل ولا تنفيذهم للتهديد بالقتل بأبشع الوسائل وهتفوا بكلمة الحق فى وجوه الظالمين ..
والهتافات تملأ الفضاء , فعودوا لها وتأملوها
ثالثا : حتى لو كان هذا الخروج بهدف الدفاع عن مصالح المتظاهر الشخصية كأن يخرج دفاعا عن نفسه وبيته وأهله وحقوقه المنهوبة , ـ وهو الأمر الذى دندن عليه الكثيرون ليعتبروا القتلى لا يستحقون وصف الشهادة ـ فهذا أمر غريب , لأنه حتى فى هذه الحالة فالقتيل يستحق وصف الشهيد لأنه مات دفاعا عن حقه , والحديث النبوى ثابت بالشهادة لمن مات دون ماله ونفسه وأهله ..
رابعا : وقوع فعل القتل نفسه على متظاهرين سلميين لا يملكون سلاحا واستحلال تلك الدماء الطاهرة بلا مبرر لا شك أنه فى الإسلام ظلم عظيم يستوجب طرفين ,
أولهما الظالم الفاسق وهو الآمر بالقتل ومنفذيه ..
وثانيهما : المظلوم وهو القتيل أو المصاب الذى وقع عليه الفعل ,
وهو الذى جعل الله له تعالى حقا لا يجادل به أحد
( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا )
خامسا : وقوف هؤلاء المتظاهرين البواسل صفا كأنهم بنيان مرصوص يؤدون الصلاة فى جماعة هادرة باسم الله تعالى , وتضرعوا إلى الله تعالى وهم بالملايين راجين عفوه ومغفرته وتوفيقه ,
فكيف لا نشهد لأمثال هؤلاء ؟!
سادسا : عندما تآمرت الشرطة وخانت واجبها , وتركت البلاد والعباد نهبا للبلطجة المدبرة , نزل هؤلاء فوقفوا بأنفسهم وبما طالته أيديهم دفاعا عن بيوتهم وميادينهم وأهليهم ,
بل ودفاعا عن الضعفاء فكانت اللجان الشعبية تسأل وتستفسر عن البيوت التى لا تحتوى إلا العجائز والأطفال والنساء ليكثفوا من تواجدهم حولها ويلبون طلباتهم حتى لا يضطر هؤلاء الضعفاء للخروج من منازلهم ,
أليست هذه العيون التى باتت تحرس فى سبيل الله , وبلا أدنى مقابل , تستحق الشهادة ؟

ووالله إن المرء لا يملك إلا التعجب من هؤلاء النفر , سواء من أقوالهم العجيبة أو مواقفهم المتخاذلة الغريبة , أو الحقد غير المبرر على مخالفيهم ,
ولست أدرى حقا متى يسكت هؤلاء ؟!

والله المستعان