عرض مشاركة واحدة
قديم 11-06-2020, 07:18 PM
المشاركة 32
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: [ المستطرف في كل فن مستظرف - الأبشيهي ]
وقال عز من قائل: «وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعز عليّ منك. بك آخذ وبك أعطي وبك أحاسب وبك أعاقب» «1» .

وقال أهل المعرفة والعلم: العقل جوهر مضيء خلقه الله عز وجل في الدماغ، وجعل نوره في القلب يدرك به المعلومات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدة.

واعلم أن العقل ينقسم إلى قسمين: قسم لا يقبل الزيادة والنقصان، وقسم يقبلهما. فأما الأول فهو العقل الغريزي المشترك بين العقلاء. وأما الثاني فهو العقل التجريبي وهو مكتسب، وتحصل زيادته بكثرة التجارب والوقائع، وباعتبار هذه الحالة يقال أن الشيخ أكمل عقلا وأتم دراية، وإن صاحب التجارب أكثر فهما وأرجح معرفة، ولهذا قيل: من بيّضت الحوادث سواد لمته «2» ، وأخلقت التجارب لباس جدته، وأراه الله تعالى لكثرة ممارسته، تصاريف أقداره وأقضيته كان جديرا برزانة العقل ورجاحة الدراية. وقد يخص الله تعالى بألطافه الخفية من يشاء من عباده، فيفيض عليه من خزائن مواهبه رزانة عقل وزيادة معرفة تخرجه عن حد الاكتساب ويصير بها راجحا على ذوي التجارب والآداب، ويدل على ذلك قصة يحيى بن زكريا عليهما السلام فيما أخبر الله تعالى به في محكم كتابه العزيز حيث يقول: وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا

«3» . فمن سبقت له سابقة من الله تعالى في قسم السعادة، وأدركته عناية أزلية، أشرقت على باطنه أنوار ملكوتية وهداية ربانية، فاتصف بالذكاء والفطنة قلبه، وأسفر عن وجه الإصابة ظنه، وإن كان حديث السن قليل التجربة، كما نقل في قصة سليمان بن داود عليهما السلام وهو صبي حيث رد حكم أبيه داود عليه السلام في أمر الغنم والحرث.