عرض مشاركة واحدة
قديم 05-20-2022, 01:54 PM
المشاركة 7483
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
3610

.... لَا تَجْعَلَنَّ بِجَنْبِكَ الأَسِدَّةَ ....

قُلت‏:‏ هذا مثلٌ يَقَع فيه التصحيف، فقد رَوَى بعضُ النَّاس
‏"‏لاَ تحفلنَّ بجنبك الأشد‏"‏ وتحمَّلَ له معنى يبعد عن سَنَن
الصواب، وقد تمثل به أبو مُسْلم صَاحبُ الدولة حين وردَ
عليه رؤبة بن العجاج وأنشده شِعره، ثم قَالَ له أبو مسلم:
إنك أتَيتَنا والأموالُ مَشْفُوهَة والنوائبُ كَثيرة، ولكَ علينا
مُعَوَّل، وإلينا عَوْدَة، وأنتَ لنا عاذر، وقد أمرنا لكَ بشيء وهو
وَتِح ‏(‏الوتح - بفتح الواو وسكون التاء أو فتحها أو كسرها -
ومثله الوتيح‏:‏ القليل التافه من الشيء‏)‏ فلَا تجعلنَّ بجنبك
الأَسِدَّة، هكذا أورَدهُ السلامي في تاريخه، فإن الدَّهر أطْرَقُ
مستتبٌّ، ثُم دعا بِكِيسٍ فيه ألفُ دينار فدفَعَه إليه، قَالَ رؤبة:
فوالله ما أدْرِي كيفَ أُجِيبه، قَالَ الجوهَري‏:‏ السَّد - بالفتح -
واحدُ الأَسِدَّة، وهيَ العُيُوب مثلُ العَمَى والصَّمَ والبَكَم، جمع
عَلى غَير قياس، وكان قياسه سُدُودًا، ومنه قولهم ‏"‏لَا تجعلن
بجنبك الأَسِدّة‏"‏ أي لَا يضيقَنَّ صدرُك فَتَسكت عن الجَواب
كمن به صَمَم أو بكم، قَالَ الكُمَيْت:

وَمَا بَجْنَبيَّ مِن صَفْحٍ وَعَائِدَةٍ
عِنْدَ الأَسِدَّة إنَّ العِيَّ كَالْعَضَبِ

يقول‏:‏ ليس بي عي ولَا بكم عَن جَواب الكاشح، ولكني أصفح
عنه؛ لأن العي عن الجواب كالعَضب، وهو قَطع يَد أو ذهاب
عضو، والعَائدة‏:‏ العَطف، هذا كلامُهُ، وأما قول أبي مسلم
"‏فإن الدهر أطْرَقُ مستتب‏"‏ فالطرق‏:‏ استرخاء وضُعف في
الرُّكبتين، والاستتباب‏:‏ الاستقامة، يريد أن الدهر تارة يَعْوَجُّ
وتارة يستقيم، وهذا كالاعتذار منه إلى رؤبة.