الموضوع: الدنيا حظوظ
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
9

المشاهدات
1370
 
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9


ياسَمِين الْحُمود will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
35,006

+التقييم
5.45

تاريخ التسجيل
Oct 2006

الاقامة
قلب أبي

رقم العضوية
2028
05-19-2021, 12:24 PM
المشاركة 1
05-19-2021, 12:24 PM
المشاركة 1
افتراضي الدنيا حظوظ
فكرتُ في ابن الرومي، وتألمت من أجله!!
وعجبت، لماذا لا نجد مطعمًا في بلاد المطاعم، ولا ملهىً ليليًا ، في بلاد الملاهي ولا رستوران، في فنادق خمس نجوم، يحمل اسم هذا الشاعر المظلوم: ابن الرومي، مع أنه أكثر الشعراء القدماء ذكرًا لأنواع الطعام، والفاكهة، والشراب " الشرعي" والشراب في مستوى المادة "206" من القانون الكويتي، حتى جمال المرأة رسمه بأنواع من الفواكه، وجعل من المرأة الجميلة " حديقة" بمعنى الكلمة، تجمع بين الألوان الزاهية، والطعم الزاكي، والروائح المبهجة في تآلف وتناسق ليس لها مثيل .
سألتُ نفسي: لماذا كسب أبو نواس- لوحده تقريبًا- الجولة؟
في كل مدينة مطعم، ملهى، كافتيريا، مرقص، بار( والعياذ بالله) محجوز باسم هذا الشاعر، مع أنه - بدون أي رغبة في الوقيعة بين الشاعرين- لايصل فيما كتب من خمريات، ومداعبات، " طعاميات" إلى وصف ماكتب ابن الرومي" الغلبان المقهور بالظلم" حتى في العصر الحديث أجد وليّ أمري، أمير الشعراء أحمد شوقي يسمي قصره الباذخ على النيل: "كرمة ابن هانئ" وابن هانئ هو : أبو نواس، وفي هذه التسمية إشارة ذكية إلى المادة206 من قانون العقوبات.
حين أراد أن يدلي ببعض اعترافاته، اصطنع لها قالبًا حواريًا، والحوار يستلزم شخصين" على الأقل" فلم يجد كامل الشناوي- الله يسامحه- غير الحسن بن هانئ وسمّى كتابه: ( اعترافات أبي نواس) فاسم الشاعر أبي نواس، على غلاف الكتاب، أكبر من اسم كامل الشناوي!!
ما هذا الخط العجيب؟
ماذا كان يحدث لو أنه اختار ابن الرومي؟
أنا أعرف من قراءاتي لابن الرومي أنه كان حسًاسا جدا،كان متوتر دائما،كان يميل إلى التشاؤم،. لكنه " مات" من ألف سنة ، بتشاؤمه ، وتوتره،. لم يبق إلا شعره، وليس في هذا الشعر توتر، ولا تشاؤم.
فهل يصح أن يقع الظلم على شاعر حيّا أو ميتًا ، وبعد ألف سنة وأكثر، لمجرد أنه كان متوترا، يتوجس الشر من الناس، ومن الحياة؟!
وهذا الظلم الذي وقع عليه، ولايزال يقع، ألا يدل على أن توتره وتشاؤمه كانا في محلهما ، وأن الناس ظَلمة بالطبيعة ويصدق عليهم قول الآخر:
والظلم من شِيمِ النفوس فإن تجد
ذاعفّــةٍ فَلِعِــلة لا يظـلِمُ

واحد فقط، أعطى ابن الرومي حقه، هو الأستاذ العقّاد، إذ ألّف كتابًا، نسبه فيه إلى العقلية اليونانية( الروم) وفسّر فيها فنّه الشعري.
أشك أن العقاد أراد بهذا الكتاب أن يغيظ الشاعر أحمد شوقي، الذي سمّى قصره: كرمة ابن هانئ، والذي قال الرومي، نموذجًا للعقل اليوناني، على سبيل المعايرة والمكايدة، وكأنه قريبه.
ما يُخالف…
مع حبي الخاص لشوقي، وإن كان السبب في البحث والقراءة كثيرًا، ولكن ما فعله العقاد هو مجرد كتاب، فأين باقي الشواهد، الشواخص على الوجود؟!
ثم فكرت مرة أخرى…
هل إذا رأيت مطعمًا، كتب عليه بالخط المضيء: مطعم ابن الرومي!!
هل حقّا سأدخل، وأتناول وجبتي هنيئة مريئة، أم سأجري بعيدًا، وأنسى موضوع الجوع حتى إشعار آخر؟!
ألم أقل لكم: الدنيا حظوظ، حتى بعد الرحيل عنها؟!