بؤرة
عندما خلع الليل لباسه كشف عورة البلدة النائمة. في الزقاق القديم انتفض الكلب الأجرب وأثار نقعا كثيفا وهرول نحو الصباح. أطلت أم سعدية من نافذتها ذات الستائر الممزقة، لترى أين تبرز الليل، وأين القى قاذوراته؟ لتشعل البلدة بحديث الليل، شاهدت بهانة الحلبية تخرج مسرعة، من دار الفتوة الغريب الذى لا يعرف له منبت ولا يشبه أحدا في حبه للنساء. توارت خلف بابها الذي أرسل صريرا عاليا أوجسها، خلعت ملابس الرزيلة واغتسلت لتثبت طهارتها للصباح الجديد. ابتسمت ام سعدية لهذا الصيد، على عتبة الدار يرقد هو لقد منعه والده من الدخول حتى يعرف أين قضى ليلته السوداء، ما زال صوت نحيبها يخترق الجدران فقد جاء زوجها مخمورا وصفعها ردا على سؤالها المكرور: أين قضيت الليلة؟. لململت حواء الحاقدة بقايا القوارير وحطام الكراسي، وطلبت من رجال الليل أن يجمعوا أبعادهم ويغادروا خمّارتها، فقد تعرى الليل وهي تخشى العسعس..الحاج فتح لم يرفع نداءه لصلاة الفجر، وُجد يئن تحت جرح نازف من آلة حادة، أودعها جسده المختلفون وفروا. لم ينهض الحاكم ليستقبل الصباح الجديد، أصابته نوبة قلبية عندما لم يجد زوجته الثانية في مخدعها للمرة الرابعة، ولا يدري أين تمضى لياليها، عندما يغيب متجولا في المخادع الأخرى، ولكن حراسها يعلمون!
نُكس العلم وأعلن الحداد، كان صباح البلدة الجديد مشرقا!