عرض مشاركة واحدة
قديم 09-15-2010, 05:44 AM
المشاركة 35
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( تزاحم الخواطر في الصلاة )
-------------------------------------


إن أغلب الناس يشتكي من مسألة تزاحم الخواطر في الصلوات اليومية ..
فالإنسان يتعجب من نفسه في بعض الحالات !.. مثلا :
في ليلة القدر ، يعيش حالة الإقبال طوال الليل ، وعندما يريد أن يصلي صلاة الفجر ؛ يرى أن هذه الخواطر تهجم عليه بشكل قهري ، فلا يتمكن من التركيز والتوجه ..
وفي حال الطواف ، يطوف سبعة أشواط، ويقرأ بعض الأدعية البليغة والمؤثرة وبدموع جارية ، ولكن عندما يريد أن يصلي ركعتي الطواف خلف المقام ، أيضا تأتيه هذه الخواطر ..

إن المسألة عميقة جدا ، وعلاج هذه الحالة قد لا يتأتى في سنوات ، بل قد يحتاج الأمر إلى مجاهدة طويلة .. ومن أعلى مقامات القرب إلى الله - عز وجل - أن يعيش الإنسان حالة التركيز ، عندما يريد أن يصلي ..
أو حتى خارج الصلاة ، عندما يريد أن يعيش حالة التوجه المركز إلى الله - عز وجل - يكون الأمر بيده .

إن هناك حلولا آنية وحلولا أساسية لهذه المشكلة ..
- الحلول الآنية : وهي أن يقسم المصلي خواطره إلى قسمين :
أولاً :
الخواطر القهرية :
عندما يصلي الإنسان صلاة خاشعة ، ويكون بناؤه على عدم السرحان ، وتأتيه خاطرة معينة ، فإنه يتأذى منها ويصرف نفسه عنها وقهرا .. هذا شيء جيد !.. فالخاطرة أتته ، ولكنها لم تستقر في النفس ..
وهذا مثل إنسان يصلي في السوق وأمامه المارة ، هذا الذي يمر قد يشغله لحظات ، ولكن بعد أن يغيب عن مجال البصر ، لا يرى له صورة في نفسه ..
كما أن هناك أفرادا يمرون أمام المصلي وهو في الحرمين الشريفين والمشاهد المشرفة ، فإن صورهم لا تشغله ..
كذلك في عالم الخواطر، فإنها تمر مرورا على صفحة القلب ، كما أن الأفراد يمرون مرورا أمام العين .
ثانياً :
الخواطر الاختيارية :
وكل المشكلة تكمن في هذه الخواطر !.. فالشيطان يعطيك رأس الخيط، وأنت باختيارك تتابع هذه الخاطرة ، مثلا :
الشيطان يذكرك بمشكلة وقعت بينك وبين إنسان ، وقد تكون هذه المشكلة من سنوات طويلة ، ونسيت الأمر.. ولكن الإنسان - بعض الأوقات - بسوء اختياره ، يتابع الخاطرة السلبية .. فإذا به يكبر وتبدأ معه الخاطرة ، ويسلم وتنتهي معه الخاطرة ، وقد لا تنتهي !..

فإذن ، نحن غير محاسبين على الخواطر اللااختيارية ، إنما الحساب على الخواطر الاختيارية ..
إذا صلى الإنسان ، وطوال الصلاة وهو يدفع ويقارع الخواطر اللااختيارية ، ولا يتابع الخيوط؛ هذا الإنسان إنسان خاشع ، وصلاته مقبولة ، وإن لم يخشع .. وذلك لأنه كان في كل لحظة يأتيه الشيطان بفكرة ، وهو يرفض المتابعة والاستسلام للإيحاء الشيطاني ، وطوال صلاته وهو في حال عراك وصراع مع إبليس ..
هذا الإنسان إنسان محمود ، لا يذم على هذا الشرود ؛ لأنه كان في حال مجاهدة مع نفسه .

15 / 9 / 2010