عرض مشاركة واحدة
قديم 09-13-2010, 08:22 AM
المشاركة 33
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ عنوان الزاد ]
( الإقبال والإدبار
)
-------------------------------------


إن الناس صنفان :
صنف يعيش الهواجس المعنوية ، ويهتم بمسألة الإقبال والإدبار ..
وصنف لا تهمه هذه المسألة ؛ إنما كل همه ينحصر في الأكل والشرب واللبس ، وما إلى ذلك من متع الحياة الدنيا ؛ وهذا الصنف أقرب ما يكون إلى عالم البهائم ، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم :
{ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا } .
فإذن ، إن هناك قسما من الناس يعيش الهواجس المعنوية ، ويحمل همّ الروح التي بين جنبيه ..
هذه الروح الخالدة بخلود الله - عز وجل - وبإذن الله عز وجل ؛ فيعطي لهذه الروح الاهتمام الذي يتناسب مع خلود الأرواح ..
وعليه ، فإن مسألة الإقبال والإدبار من العوارض المهمة للروح الإنسانية ، ولطالما شغلت بال الذين هم في طريق التكامل ، وفي طريق القرب إلى رب العزة والجلال .
من أهم القواعد في هذا المجال :
- استشعار حالة الألم والمرارة ، من البعد عن الله عز وجل ..
فالإنسان الذي لا يعيش الهواجس المعنوية : إن أقبل يشكر الله على هذه النعمة ، وإن أدبر لا يعيش المرارة أبدا ولا يتألم لذلك ..
إن استيقظ لصلاة الفجر صلى صلاته، وإن لم يستيقظ فإن الأمر لا يحرك فيه ساكنا ؛ فهذا الإنسان بعيد كل البعد عن هذه الدائرة المقدسة !..
إنما المؤمنون المرهفون ، الذين يحملون هذا الهم ، عندما تنتابهم حالة الإدبار، وخصوصا في الصلاة الواجبة ، يعيشون حالة الألم العميق.
إن الإدبار عدة أنواع :
إدبار طبيعي : مثلا : إنسان مريض ، أو له هواجس دنيوية مشغلة؛ فهذا يكون من الصنف الذي يعذر في إدباره .
إدبار عقوبة : حيث أن هناك إدبارا يستشم منه العقوبة الإلهية ، بمثابة إنسان له موعد مع السلطان ، وعندما يفتح الباب ويقترب ، يأمر السلطان أعوانه بطرد ذلك الإنسان ..
هذا إدبار مؤلم ، ويثير الحزن الشديد .
إدبار لطف .. بعض أنواع الإدبار قد يكون من باب اللطف ؛ فرب العالمين قد لا يعطي بعض المزايا الروحية والمعنوية للعبد ؛ لئلا يعيش حالة العجب والغرور ..
ورد في الحديث : ( سيئة تسوء ك خير من حسنة تعجبك ) .
وعليه ، فإن المؤمن عندما يصاب بحالة الإدبار ، إن رأى سببا ظاهريا : إرهاقاً بدنياً ، أو تعب نفسياً ؛ قد لا يقلق لهذا الإدبار كثيرا ..
ولكن إن تكررت هذه الحالة : كأن يصلي أياما صلاة غير خاشعة ، أو مر أسبوع كامل وهو يصلي الفجر قضاء ، أو وهو في المشاهد المشرفة ، يذهب كل يوم إلى زيارة بيت الله الحرام وقبر النبي ( صلى اللهُ عليه ِ و آله ِ و سلم) ولا يتفاعل في هذه الزيارة ؛ فمن الممكن أن تكون هذه إشارة إلى أن هناك خللا في تركيبته الباطنية ..
عندئذ عليه بسبر غور النفس ، وعمل استقراء لواقعه ولحاله .
فإذن ، إن الخطوة الأولى هي البحث الدقيق عن الذنوب التي أوجبت له هذا الإدبار ..
وإن اكتشف ذنبا ، فلابد هنا من التعويض :
أولا : بإصلاح الأمر فيما بينه وبين الله عز وجل ؛ بمعنى الاستغفار العميق ، والتوبة النصوح .
ثانيا : البحث عما يوجب له الكفارة ، إذا كان هناك خطأ في البين : مثلا : آذى إنسانا ، أو كسر خاطر إنسان ، فعن الرسول ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ وسلم ) :
( من كسر مؤمناً، فعليه جبره ) .

منقول


13/ 9 / 2010