عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
3623
 
خا لد عبد اللطيف
قاص وروائي مغربي

خا لد عبد اللطيف is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
80

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Sep 2006

الاقامة

رقم العضوية
2006
08-30-2012, 06:33 PM
المشاركة 1
08-30-2012, 06:33 PM
المشاركة 1
افتراضي الثقافة الحربائية
[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5 Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image002.jpg[/IMG]



" الـــثــــقا فة الحربا ئــية"

لم تتردد بعض الأدبيات السياسية العريية من القول أن المثقف العربي يساري في أفكاره،يميني في أفعاله،تقدمي في كتاباته،رجعي سلفي في سلوكاته.ولعل مرد هذه الإزدواجية في شخصيته،كون المثقف المبدع ينتهز كل فرصة تتاح له للحصول على مبالغ مالية متفاوتة.والمثقف بطبعه لايتردد في الإنتماء إلى أي منبرأو حزب أو هيئة أو وكالة يرى فيها البقرة الحلوب التي تضمن له راتبا ماليا محترما ولو إلى حين. مهما كانت مشكوك فيها ومشتبه في عملتها.
من وجهة نظر وجيهة يبدو كتابنا معذورين لنهجهم هذا السلوك،لأن الكتاب لايمكنهم أن يعيشوا من مداخيل كتبهم الهزيلة والمعدمة قبليا بمسدسات كاتمة الصوت ،لذلك تراهم يتزاحمون في المحافل والمناسبات ليمدحوا مع المادحين،و يرثوا مع الراثين في أجواء التأبين شخصا لم يكن شاعرا ولاناقدا ولاكاتبا ولاهم يحزنون.
المثقفون في الأصل فقراء ماديا وهذا هو مبررهم،ولكنه تبرير واه لايمت بصلة الى شرف الكاتب وكرامته ووضعه الإعتباري في المجتمع.لتنذكر قول الأسلاف"تموت الحرة ولاتأكل بثدييها" هذا عن النساء فكيف عن الرجال.من كرامة بعض المثقفين كبازوليني أنه تنكر لثلاثيته السينمائية لما رآى السلطة تستعملها.
هناك كتاب فقراء ،لكنهم أغنياء بفكرهم وإبداعهم،يموتون جوعا ولايتسولون،منزوين في الظلام بعيدا عن الأضواء والبهرجة،دون أن تكلف الجهات الرسمية الوصية على الثقافة عناء السؤال عن هؤلاء.
لننبش في ذاكرنتا الثقافية الحية،ولنسائل الأجيال المعاصرة بما فيها التي وصلت للجامعة،من يعرف الخمار الكنوني؟ من قرأ له"رماد هسبريس" من يتذكر أحمد بركات صاحب ديوان"أبدا لن أساعد الزلزال؟ من قرأ ديوان الشاعر الجيد محمد الطوبي،من يعرف عبدالله زريقة ومحمد اللغافي وتوفيقي بلعيد وأحمد الملياني وعبدالقادر حسن،وأحمد الطريبق وديوانه الرائع"هكذا كلمني البحر" من يستحضر الروائي محمد غالمي بجمالية كتاباته، من يرفع أعلام النصربالفقيه بن صالح من الشاعروالقاص"عبدالله المتقي" وصديقه في مسار الإبداع"عبدالواحد كفيح"و"سعيد الشرقاوي" والشاعر الرقيق الاحساس"عبدالغني فوزي" والروائي ابن مدينة قصبة" رزوقي " ومعذرة لمن نسيتهم من جهة تادلة/ أزيلال.
كل هؤلاء الذين ذكرت مورست عليهم ثقافة حربائية،شددت عليهم الخناق،وحاولت رميهم في سلة المهملات لولا أنهم انتفضوا من الرماد وخرجوا للوجود كطائر الفينيق وحلقوا بعيدا،في سموات أخرى غير هذه السماء،وسعوا في أرض الله الواسعة بكدهم وجهدهم ووعيهم الإبداعي
كم عدد الشعراء والكتاب والنقاد الذين امتدت لهم أيادي بيضاء في العراق وليبيا ،وبعد سقوط هذه الأنظمة شحذت السكاكين والسيوف لإنهاء عملية السلخ والتقطيع،قبل أن تخرج أيادي الموتى من القبور لخنقهم على نكران الجميل.
كم عدد المثقفين الذين مدحوا أنظمة عربية أغدقت عليهم الأموال والهبات بسخاء،وبعد انهيارها اتهموها بالإستبداد والديكتاتورية.
ألم أقل لكم في البداية أن المثقفين يساريون في التفكير يمينيون في الفعل والسلوك.ولكن لكل هؤلاء الجوقة نقول"إن لم تستحيوا فأفعلوا ماشئتم".

خالد عبداللطيف/روائي مغربي.