عرض مشاركة واحدة
قديم 12-26-2011, 12:55 AM
المشاركة 15
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
القراء الكرام ..
ليست المشكلة ــ بعصرنا الحاضر ــ فى الجهل والجهالة , بقدر ما هى فى التبجح بالجهل !
فعهدنا بمن لا يعلم أن يخطو على استحياء حتى يتعلم أما أن يناطح لمجرد المناطحة أو بغاية الشهرة فهذا هو ما نراه فى المخالفات الصريحة التى نراها كل يوم بوسائل الإعلام وآخرها بما خرج علينا به د. نبيل فاروق أو غيره طعنا فى الثوابت وتسميتها بغير مسمياتها ..
وهم يفتون بلا علم وبخفة عقل ليس مثيل فإذا رد عليهم راد كانوا هم أول موجهى الإتهام له بالحديث بلا علم !!
وصدق من قال :
لكل داء دواء يستطب به ×× إلا الحماقة أعيت من يداويها ..

فأولا : نرى من يدخل فى الخلاف اللفظى لكلمة الكفر كما لو أن الحكم الشرعي لها يختلف عن الشرك أو الإلحاد !!
وإذا كان هناك من يطالب بتبيان كلمة الكفر التى تتضح بمعانيها لأقل الناس علما فليس معنى هذا إلا عبادة الخلاف والإختلاف مع الأسف الشديد ..
وإلا ما معنى الوقوف على المعنى وتفسيره رغم أن الحكم واحد على كافة أنواع الكفر ومن فروعه الشرك بالله والإلحاد , !!
والكفر لغة : هى تغطية الشيئ وإنكاره .. وإصطلاحا يعنى ثلاثة أنواع الجحود ثم الإنكار ثم الإشراك ..
وحكم الثلاثة واحد وتسمى كل هذه الأنواع كفرا على وجه العموم من هذا المنطق ..

ثانيا : أما حديث ( ووالله لو كان موسي حيا لما وسعه إلا أن يتبعنى ) والإحتجاج بأنه حديث ضعيف , فهذا ضرب آخر من ضروب الجهل ,
فالحديث صحيح ـ ليس صحيحا فقط بل على شرط مسلم أيضا ــ كما هو عند بن كثير , وقد صححة أيضا بن طولون الصالحى , وحسن كما هو عند الألبانى والعسقلانى فى مقدمة الفتح , ولا يوجد محدث واحد حكم عليه بالضعف , ولوجود مجالد الشعبي بين رواته نزلت درجة الحديث عند العسقلانى والألبانى من الصحيح إلى الحسن ولم تقترب البتة من الضعف ,
وأقل طالب فى علم الحديث يعلم أن الصحيح والحسن هى من مراتب الإحتجاج بالأحاديث هذا فضلا على دقة معناه ومحتواه بكل تأكيد ..

ثالثا : العمى الحيسي الذى يصيب البعض فلا يبصر أوصاف الشرك والكفر معا جنبا إلى جنب فى الآيات الواردة نصا فى المقال وهى فى صدر الرد !!
وليت أن الأمر اقتصر على العمى بل تعداه إلى الإختراع فى الدين بجهالة منقطعة النظير حيث فرق القائل بين حكم الشرك والكفر !!
ولست أدرى فى أى دين وجد هذا الكلام !!
وحتى فى هذا المقام فإن آيات الكفر لصيقة باليهود والنصاري جنبا إلى جنب مع المشركين والملحدين وغيرهم من أهلل الزائغة ومنها ما ورد بصدر المقال ننقله كما هو ..
[وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] {البقرة:109}

[وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ] {البقرة:120}
وقوله تعالى ..
[وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ] {التوبة:30}

أما قول القائل بأن تلك الآيات تخص فريقا واحدا من فرق النصاري فهذه الآية كافية لتبين له قوله , وفيها شمول الكفر لكافة أهل الكتاب لسبب بسيط أنهم كذبوا بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام ,
[وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ] {البقرة:145}

[يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الحَقَّ إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلًا] {النساء:171}
وقوله عز وجل ..
[وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ] {المائدة:116}
والآية صريحة فى نزولها على عموم النصاري بقوله عز وجل ( أأنت قلت للناس ... ) فلم يستثن من النصاري طائفة أو جماعة

لو كان النصاري مؤمنين فلماذا باهلهم النبي عليه الصلاة والسلام فى واقعة المباهلة الشهيرة التى أتى فيها نصاري نجران وجادلوا فى عيسي عليه السلام وقالوا قولتهم بأنه إبن الإله فناقشهم النبي عليه الصلاة والسلام ودعاهم للمباهلة وهى المفاصلة بأن يبتلهوا إلى الله عز وجل أن ينزل لعنته وغضبه على الكاذب منهم ..
فرفض وفد النصاري المباهلة وأصروا على الإستكبار وفروا هاربين ؟! ( راجع السيرة النبوية فى أى مرجع من مراجعها ) وهى الحادثة التى حكاها القرآن الكريم بقوله عز وجل ..
[فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ] {آل عمران:61}

ثم الحديث الصريح فى صحيح مسلم الذى يقطع بكفر اليهود والنصاري القائل فيما معناه ..
( والله لا يسمع بي يهودى أو نصرانى فلا يؤمن بالذى جئت به إلا أدخله الله النار )

رابعا : أما الإحتجاج بآية
[لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] {المائدة:73}
فلفظ منهم الوارد فى الآية لم يرد للتبعيض ولست أدرى فى أى تفسير وأى كتاب ومن أى عالم استقي القائل قوله هذا ؟!
ويعيب القائل على غيره بعد ذلك التقول على الله ولا يستحى أن يفتى فى القرآن بغير علم فينسب الموصول إلى التبعيض وهى للإيضاح ..
تماما كما ورد فى قوله تعالى عن الصحابة ( وعد الله الذين آمنوا منهم .... الآية ) وهى شاملة لكل الصحابة توضيحا لهم بأنهم جميعا من الذين آمنوا .. لا كما يقول جاهل آخر أن من هنا للتبعيض فينفي الإيمان عن بعض الصحابة ويثبته لغيرهم بينما الآية نزلت فى بدايتها ونهياتها شاملة لجيل الصحابة كله .. وذلك فى قوله تعالى
( محمد والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ... الآية )
هذا بالإضافة للطامة الكبري ..
إذ لو كان المقصود من كلمة منهم هنا التبعيض فسيكون معنى الآية أن الذين قالوا بأن الله ثالث ثلاثة منهم من كفر ومنهم من آمن !!
ويكفي هذا فسادا فى القول والإستدلال

خامسا : أما القول بأن كل كافر يجب قتله وإيذاؤه !! ونسبة هذا إلى الإسلام فهو لا يعدو كونه جهلا وتجهيلا بلغ مداه حتى بالمبادئ الدينية الصريحة الواردة فى القرآن الكريم ..
والجهاد ضد الكفار إنما يكون ضد الكفار المحاربين لا المسالمين , وهؤلاء المسالمين هم من حض الإسلام على معاملتهم بالحسنى ــ كما أوضحنا بالآيات الكريمات فى قلب المقال ــ ومنها ..
[وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ] {التوبة:6}
وقوله تعالى :
[لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ] {الممتحنة:8}
ثم قال موضحا ومبينا الفارق بين الكفار المحاربين وغير المحاربين ..
[إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] {الممتحنة:9}

والله المستعان