عرض مشاركة واحدة
قديم 04-14-2021, 12:53 AM
المشاركة 2
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: شخصيات في الميزان
شخصيات في الميزان

السلطة والأبوة

تزخر كتب التاريخ بأخبار الملوك والسلاطين الذين قتلوا أبنائهم نتيجة صراع مرير على السلطة والحكم، ولعل من أشهرها حادثة اغتيال السلطان العثماني سليمان القانوني لابنه و ولي عهده الأمير الشاعر مصطفى، والتي شكلت وصمة عار لطخت الإنجازات العظيمة للسلطان في مجالات شتى.
و رغم أن المصادر العثمانية لا تسهب كثيرا في التطرق للموضوع، على اعتبار أن سليمان القانوني يحظى بتقدير و اعتزاز كبيرين في التاريخ التركي لكونه يكاد يكون أهم و أقوى سلاطين الإمبراطورية العثمانية، فإن الوثائق الديبلوماسية الأوربية أشارت إلى الحادثة عبر مراسلات السفراء والقناصل في السلطنة ولعل من أبرزها رسائل سفير البندقية، مع تضخيم واضح لدور السلطانة خرم سلطان ذات الأصول االروسية في المؤامرة على حياة ولي العهد.
و لن أخوض في تفاصيل و صحة تآمر الأمير مصطفى على والده، و إنما السؤال الذي يطرح نفسه هل يجوز قتل الأب لابنه من أجل كرسي الحكم، خصوصا إذا علمنا أنه لم تجر أية محاكمة للأمير ولم يثبت أي دليل عليه؟
في حالات أخرى قتل حكام أبنائهم أو حبسوهم بعد أن تمردوا على حكمهم بشكل واضح، لكن في حالة مصطفى لم يحدث أي تمرد أو عصيان، بل إن الأمير توجه عند استدعائه إلى خيمة أبيه مطمئنا، رغم نصحه بعدم الذهاب، ليلقى حتفه هناك على يد فرقة اغتيال خاصة.
فكيف طاوعت الأب نفسه لينصب كمينا مميتا لابنه و يسلط عليه جلاديه الصم البكم، دون أن يترك له فرصة الكلام للدفاع عن نفسه. ألم يلن قلبه و أنفاس ابنه تتقطع كلما اشتد شريط الحرير القاتل على عنقه!
مأساة مروعة فتتت قلب أخيه الأمير جيهانغير و أصابته بالحزن الشديد فمات بعدها بمدة قصيرة.
يحضرني في هذا الصدد ما صرح به الممثل التركي الذي أدى دور سليمان القانوني في مسلسل حريم السلطان من أنه عانى نفسيا لعدة أيام من جراء أدائه لمشهد يظهر متابعة السلطان لخنق ابنه أمام عينيه.
من المرجح أن سليمان القانوني كان شديد التأثر بما حدث في صغره حين تمرد أبوه سليم الأول على جده بايزيد الثاني وخلعه من الحكم، بالإضافة إلى أن الشعبية الجارفة للأمير الشاب لدى جيش الإنكشارية والشعب ساهمت في ازدياد مخاوفه من فقدان عرشه.
فكيف تحجر قبل الأب لينتزع روح فلذة كبده من أجل سلطان فان و مجد زائل! هل باسم الحفاظ على استقرار الدولة و أمنها يجوز القتل ولو لمجرد الشك؟
ما قرأته هنا أخي متابع نقطة من بحر بحق هذا القائد الكبير

لم يكن قائدا عسكريا عظيما فقط،
كان رجل سلاح، كما كان أبوه وجد جده من قبله
اختلف عنهم لأنه كان رجل قلم
كان مشرعا عظيما،
يقف أمام قومه كحاكم نبيل المشاعر
وناصر للعدالة شهم…

موضوع قيم جدا
كل الشكر والتقدير لهذا الطرح نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة