عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
1145
 
عبد الكريم الزين
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الرابعة الألفية الثالثة وسام الإبداع الألفية الثانية التواصل الحضور المميز الألفية الأولى 
مجموع الاوسمة: 8


عبد الكريم الزين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
14,144

+التقييم
11.44

تاريخ التسجيل
Dec 2020

الاقامة
المغرب

رقم العضوية
16516
08-18-2021, 09:06 PM
المشاركة 1
08-18-2021, 09:06 PM
المشاركة 1
افتراضي أحكام عدة الوفاة في الإسلام
اقتضت حكمة الله تعالى أن يمتحن الإنسان بفقدان أحبته، ولما كانت العلاقة بين الزوجين المسلمين تتميز بقدسية تؤطرها أحكام إلهية، فقد حرص الإسلام على سن أحكام خاصة متعلقة بإحداد المرأة المتوفى عنها زوجها، وفي الإحداد مراعاةٌ لمشاعرها وما جُبِلت عليه من عاطفة جيَّاشة تجعلها أكثر حُزْنًا وتألُّمًا عند الموت من الرجل، فناسبها الإحداد تنفيسًا عن مشاعر الحزن والألم.

ولا ريب أن للأحكام المرتبطة بالحداد ومدة العدة حكما ربانية، ذكر العلماء وجوها منها:
- حفظ الأنساب باستبراء الأرحام من الحمل
- وفاء الزوجة لزوجها، لِذا تعتدّ المرأة في منزلها الذي قَضَت فيه حياتها مع زوجها لتتذكّره وتدعو له، وتترحّم عليه
- حفظ حقّ الأولاد بالحِداد على أبيهم المُتوفّى
- الحفاظ على مصلحة الزّوجة ومراعاة مشاعرها
- الأجر العظيم الذي تناله الزوجة بامتثالها لأوامر الله تعالى

والمعتدة تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، بالإقامة فيه إلى نهاية العدة المحددة في أربعة أشهر وعشرة أيام، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، إلا أن تكون حبلى، فعدتها تنتهي بوضع الحمل، لقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، ولا تغادر بيتها إلا لحاجة أو ضرورة كالخروج للعلاج، وشراء حاجتها من السوق كالطعام ونحو ذلك.
وأشار إلى ذلك ابن قدامة في المغني بقوله: وللمعتدة الخروج في حوائجها سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها، لما روى عن جابر، قال: طلقت خالتي ثلاثًا فخرجت تجذ نخلها، فلقيها رجل فنهاها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اخرجي فجذي نخلك، لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرًا". رواه النسائي وأبو داود

وإن كان جمهور الفقهاء لم يجيزوا للمعتدة الخروج من بيتها إلا لحاجة، فإن بعض فقهاء المالكية أجازوا لها الخروج من بيتها في النهار ولو لغير حاجة، جاء في كتاب [منح الجليل 4/ 335] من كتب المالكية:
"ويجوز خروجها نهارا ولو لغير حاجة ولو لعرس إن دعيت إن شاءت ولا تتزين ولا تبيت إلا ببيتها"
وإذا شعرت المرأة المعتدة بالكآبة أو الضيق النفسي أو القلق بسبب مكثها في بيت الزوجية، فلها الخروج في النهار لتزيل هذا الشعور بزيارة جيرانها أو أهلها أو بفسحة، لأن للضيق النفسي حكم المرض العضوي، وقد أجاز الشارع لها أن تخرج للطبيب والعلاج، والمعاناة النفسية من المرض، بل قد يكون الألم النفسي أشد ألما وأبلغ أثرا على الجسم من المرض العضوي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لنساء استشهد أزواجهن في أُحد وكن يبتن في بيت إحداهن من الوحشة: "تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن، فان أردتن النوم فلتؤب كل امرأة منكن الى بيتها" أخرجه البيهقي.

وعليها أن لا تلبس ثياب الزينة، والتي قد يبدو منها عدم اكتراثها بوفاة زوجها، فعن أم سلمة رضي الله عنها مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم: "المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل" رواه النسائي.

كما لا يجوز لها أن تتجمل بالحلي بجميع أنواعه من الذهب والفضة، والماس واللؤلؤ وغيره، سواء كان ذلك قلائد أو أساور أو غيرها، وألا تتزين في وجهها أو عينها بأي نوع من أنواع الزينة أو الكحل، أو تتطيب بالطيب، سواء كان بخورا أو دهنا، إلا عند طهرها من الحيض، فعن أم عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحد المرأة فوق ثلاثة أيام إلا على زوج فإنها تحد أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمس طيباً إلا عند أدنى طهرها إذا طهرت من حيضها بنبذة من قسط أو أظفار" متفق عليه، وعن أم سلمة قالت: "جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا مرتين أو ثلاثاً"متفق عليه.
وأن لا تصرح بموافقة زواج أو خطبةٍ ولا يجوز للرجل خطبتها في تلك العدة أصلاً، وقيل بالتعريض فقط.

ومن الأمور المباحة وغير المنهي عنها أن لا حرج في كلامها مع الرجال ما دام في حدود الأدب والاحتشام في العمل أو الجامعة أو في التعليم، أو مع من جرت العادة بالحديث معهم، ويجوز لها المبيت عند أهلها إن خشيت على نفسها الوحشة أو عدم الأمان، ويمكن لها السفر إن كان فيه مصلحة ضرورية، كسفرٍ لعلم أو عمل في مدينة آخرى، أو ذهابها لأهلها.

كما يجوز لها أن تلبس من الثياب ما شاءت، ولكن بشرط الابتعاد عن ذات الزينة أو المخضبة أو ذات الألوان الزاهية ولم يشرط الشرع لباساً خاصاً أو لوناً معيناً، كما تفعل النساء في بعض البلدان، فيلتزمن لوناً واحداً طيلة فترة العدة. ولبس المرأة الثوب الأسود حزنًا على الميت منعه الحنفية إلا في حق الزوجة على زوجها ثلاثة أيام فقط، وأجازه المالكية، إذا لم تكن ناصعة البياض، أو يكون الأسود زينة قومها. علماً بأن ما انتشر في بعض البلاد من تخصيص لبس السواد أو الأبيض للحداد والامتناع عن غيره ولو لم يكن زينة فلا أصل له.

وإظهار الأسى على فقد زوجها بالامتناع عن الزينة والتطيب بالعطور ولبس الحلي، وغير ذلك مما يعد مظهرًا من مظاهر الفرح والسرور، هو الغاية المطلوبة من الزوجة، وليس ترك العناية بنظافة الجسد والملابس، أو الحرص على لباس بلون معين.
والله اعلم