عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-2010, 03:12 AM
المشاركة 36
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة









تلك هي قصة المهل من الصخر المنصهر إلى الصخر المتشكل, وتمثل تلك القصة دورة حياة ينشط فيها المهل ويسكن ثم يستعيد نشاطه, فما كان خاملا من البراكين قد ينشط بعد حين وما كان نشطا قد يسكن, وهكذا يمضي المهل دورة حياته دون أن تسخر البشرية بعضا من مراحل تطوره لخدمتها, فهل بوسع تقنيات ما بعد القرن العشرين, أن تستخلص الحديد أو الألمنيوم أو السيليكون أو المنغنيز أو ما شابه بصورته النقية من المهل؟ وهل بوسعها أن تستخلص الحرارة من المهل لخدمتها؟ فتلك ثروة معدنية وطاقة حرارية أهملتها البشرية في قرن تحسب أنها قد ملكت فيه العلم والتقنية.
لقد عرفت البشرية مهل الدنيا فخافت منه وابتعدت عنه بدلا من أن تسخره لخدمتها, وربما يقوم هذا المهل يوم القيامة بإحداث الرجفة في الأرض والجبال, فتتحول الجبال بفعل الرجفة إلى كثيب ثم تتحول بفعل المهل المنسكب من باطن الأرض إلى مهيل, وشتان بين مهل ومهيل (يَوْمَ تَرْجُفُ الأرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مّهِيلاً ) ( الآية:14 من سورة المزمل ), ويصحب ذلك ظواهر أخرى تؤكد القيامة مثل تأين الغازات التي تدخل في تركيب الهواء الجوي, وأن تأين تلك الغازات لا يتم بدون طاقة عالية الشدة, عندئذ تصبح السماء يوم القيامة مثل المهل (يَوْمَ تَكُونُ السّمَآءُ كَالْمُهْلِ ) (الآية: 8 من سورة المعارج), أي مثل المهل في حرارته وتأين مكوناته من ذرات العناصر الكيميائية, إذ يختلف مهل الأرض عن مهل السماء في نوعية العناصر الكيميائية.




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



إذا عرفت البشرية ما هو المهل في الدنيا ويوم القيامة في الجبال والسماء فلم لا تخاف العذاب به في الآخرة فتستقيم في سلوكها وفي مظاهر تلك الاستقامة السلوكية أن تتقاسم فيما بينها الماء والغذاء والكساء والمسكن على وفق المنهج الرباني العادل, الغني فيها فقير حتى يصبح الفقير غنيا, وإلا فالشراب والطعام في الآخرة لمن انحرف عن الصراط المستقيم مثل المهل (وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَ بِئْسَ الشّرَابُ وَسَآءَتْ مرتفقا) ( الآية 29 من سورة الكهف ) (إِنّ شَجَرَةَ الزّقّومِ (43)طَعَامُ الأثِيمِ (44)كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) (سورة الدخان) وإن صفة الغليان في المهل لا تتحقق إلا إذا تساوى ضغط بخاره مع ضغط الوسط المحيط, فعلى سبيل المثال يغلي الماء حين يتساوى ضغط بخاره مع ضغط الهواء الجوي, ويسجل ميزان الحرارة عندئذ الدرجة 100 درجة مئوية, وينسحب ذلك على السوائل جميعا, فهل أدركت البشرية خطورة الانحراف عن تعاليم رب السموات والأرض وما فيهن من مخلوقات, وهل بوسعها أن تقي نفسها من مهل الدنيا فتسخره لخدمتها, وتتخذ من الإسلام دينا فتقي نفسها من مهل الآخرة.

عرف الإنسان كثيرا من ظواهر الدنيا بالمشاهدة, أما مشاهد القيامة والآخرة فإنها قد وصفت للإنسان في القرآن الكريم كي لا يضيع الوقت لعبا ولهوا, وأن يجعل عمره في البحث عن معرفة الخالق سبحانه وتعالى, وأن تتجسد تلك المعرفة أخلاقا ومعاملات تنفع مخلوقات الله تعالى.



//


انتهى ..


أ.د. محمد وليد كامل

قسم علوم التربة - كلية الزراعة - جامعة الملك سعود