عرض مشاركة واحدة
قديم 11-26-2011, 12:05 AM
المشاركة 12
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
  • غير موجود
افتراضي

لم أدري وقتها أني أنبش جراحا مازالت طريّة, ولكنها تجيبني من بين دموعها وغصّة تخفيها عنّي.


- لقد أحبّه. لذلك أخذه لجواره.


- وهل يجد ما يأكله هناك؟


- نعم. فهو إن شاء الله في الجنّة.


- ألا نلحق به لنشبع معه؟


- لا تعترض على مشيئة الله.


- ما هي مشيئة الله؟


- إنها... إنها. كيف سأفهمك؟ اسمع..إننا نحن البشر لا نتدخّل في ما يريده الله, فإذا أتانا منه خير شكرناه, وإذا أتانا منه شر شكرناه. فنحن لا نستطيع إلا التسليم بقدرته والإيمان به.


- ......................


- يجب ألاّ تعترض على مشيئة الله. فقط, هذا ما أريدك أن تفهمه.


- وهل ربّي يحبّنا؟


- نعم. كثيرا.


- لِمَ لا يأخذنا عنده إذن؟


وتضمني إليها في حنان, وتقبلني, وتتضرّع إلى الله في ضعف أن يغفر لي ويرحم صغري.


ولما أضيق من صمتها ولا تجيبني, أخترع أسئلة أخرى أطرحها دون تفكير ودون تحسّب لردة فعل, وهي لشعورها بالوحدة تجاريني دونما اعتراض.


- متى أصبح رجلا يا أمي؟


- عندما تكبر حبيبي.


- سأصير قويّا وأعمل. وسأجلب لك كثير من الأشياء الجميلة.


- إن شاء الله – ( وتقبّلني في حنان).


- ولن أخاف أبدا.


- بلى. فالرجال لا يخافون.


ولكن يا أمي رجال زهرين يخافون, ويرضعون الخوف لأبنائهم. الخوف من الله, ومن انحباس المطر, ومن الفيضانات, ومن فقد الرغيف, ومن الشبع, ومن بعضهم, ومن النوري.