عرض مشاركة واحدة
قديم 05-12-2019, 10:23 PM
المشاركة 4
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي الفصل الرابع+الخامس+السادس
4-كونر

الألم فى ذراع كونر غير محتمل, ذاك الوحش الصغير عضه فعلا !,عمليا أخذ قضمه من ساعده.

سياره أخرى تدوس على الفرامل لتجنب اصطدامه, و ترتفع مؤخره السياره
بسبب التوقف المفاجئ!
الرصاصات توقفت عن التحليق حولهم, لكنه يعلم أن ذلك مؤقت...,
الحوادث شتتت رجال الشرطه لحظيا, لكنهم لن يبقى الوضع هكذا طويلا!.
هنا بالظبط يقوم بتواصل بصرى مع الفتاه التى ترجلت من الحافله, يعتقد أنها
ستذهب نحو جموع الناس الذين يسارعوا من سياراتهم للمساعده,
لكن عوضا عن ذلك..تلتفت و تركض نحو الغابه..
(هل جُن العالم بأسره؟!)

ممسكاً بيده التى تنزف, ينعطف ليركض نحو الغابه أيضا.لكن,.. يتوقف.
التفت وراءه ليرى الفتى ذو الملابس البيضاء يقترب من سيارته,
كونر لا يعرف مكان رجال الشرطه الآن, مختبئين بلا شك فى مكان ما فى تلك الفوضى !
يتخذ كونر قرار متسرعا, هو يعلم أنه قرار غبى ! لكن لا يستطيع ايقاف نفسه.
كل ما يعرفه أنه اليوم قد تسبب فى الموت. سائق الحافله, و ربما آخرون...
فحتى لو خاطر بكل شئ, عليه أن يعوض عن ما فعله بطريقه ما.
عليه أن يفعل شيئا نبيلا, شيئا جيدا ليعوض عن العقبات الشنيعه الناجمه عن
كونه آوول !,
و بذلك... مكافحا غريزته للحفاظ على نفسه, يركض نحو الفتى الذى كان ذاهبا بسعاده لتفكيك نفسه !.
يرى كونر الشرطى بعد أن اقترب, على بُعد عشرون يارده,
رافعا مسدسه, مُطلقا الرصاص عليه...

لم يكن عليه أن يُخاطر, كان عليه الهرب حين أُتيحت له الفرصه.
كونر ينتظر لذعه الرصاصه المخدره التى ستعلمه أنه قد أُصيب و انتهى الأمر,
لكنها .. لا تحدث!

لأنه فى لحظه إطلاق الرصاصه, الفتى ذو الملابس البيضاء اتخذ خطوه للخلف, و تمت إصابته فى كتفه !.
بعد ثانيتين فقط,التوت ركبتيه و ارتطم بالأرض.. كالجثه الهامده.
آخذا الرصاصه المعنيه بكونر بعفويه مطلقه...

لا يضيع كونر أى وقت, يرفع الفتى من الأرض و يحمله على كتفه,
تتطاير الرصاصات المخدره مره أخرى,
لكن لا إصابات جديده !

بعد ثوان , يتعدى كونر الحافله, حيث ينزل منها جماعه من المراهقين المذعورين, يمشى دافعا طريقه بينهم.... نحو الغابه.

الغابه كثيفه, ليس فقط بالأشجار, بالشجيرات الطويله أيضا و نباتات الكرمه*.
لكن بالفعل يوجد طريق من الأغصنه المنكسره و الشجيرات الممزقة,
صنعته الفتاه التى هربت من الحافله.
قد يكونو كالأسهم التى ستدل الشرطه على اتجاههم.
يرى الفتاه أمامه و ينادى عليها,” توقفى”,

تلتفت... للحظه , ثم تستأنف معركتها مع الكائنات الكثيفه حولها.
يُنزل كونر الفتى ذو الملابس البيضاء بحرص ,و يسرع للأمام.. لاحقا بها.

يمسك يدها بلطف, لكن بحزم كافى يمنعها من تحرير يدها !.
“أيا كان الذى تهربين منه, لن تنجحى إن لم نعمل سويا” ,يقول لها, و ينظر نظره خاطفه خلفه ليتأكد من عدم وجود شرطه فى الأفق بعد... (لا يوجد!).
“أرجوكى, ليس لدينا متسع من الوقت”
تتوقف الفتاه عن محاربه الشجيرات و تنظر إليه:“ فى ماذا تفكر؟”

5-شرطى

الضابط ( جى تى نيلسون) ,قضى اثنتى عشرة سنه فى شرطه الأحداث.

هو يعلم أن الآوول لن يستسلموا مادام فيهم ذره من الوعى !.
انهم منتشون بالأدرينالين, و منتشون أيضا بمواد أخرى غير قانونيه..,
النيكوتين, الكافيين, أو ما هو أسوأ !.
يتمنى أن تكون رصاصاته حقيقية,و أن يستطيع حقا قتل هؤلاء المخلفات الحياتيه عوضا عن تخديرهم ,ربما حينها لن يكونو سريعين بالهرب, و إن فعلو .حسنا, لن تكون خساره كبيره..!.

يتبع الشرطى الطريق الذى صنعه المتفكك الآوول,حتى يصادف عقبه فى طريقه ...انه شخص ما !
الرهينه,
فقط مُلقى هناك, فى طريقه.ملابسه البيضاء ملطخه بالأخضر والبنى من النباتات والأرض الموحله ..
(جيد) يُفكر الشرطى, (انه شئ جيد لهذا الفتى أنه أخذ الرصاصه, كونه فاقد للوعى ربما أنقذ حياته !,لا يمكن معرفه إلى أين كان سيأخذه المتفكك,أو ماذا كان سيفعل به؟!)

يقاطع تفكيره صوت من أمامه مباشره...
“ساعدنى!”...,
إنه صوت فتاه .. الشرطى لم يتوقع ذلك.
“ساعدنى, أرجوك, أنا مصابة!”
أعمق فى الغابة, تجلس فتاه مستنده على شجره, ممسكه بذراعها, مُكشرة وجهها من التألم.
ليس لديه الوقت لهذا!
لكن, شعار “احمى و اخدم”, أكبر من مجرد شعار بالنسبه له,أحيانا يتمنى لو كان لا يملك تلك النزاهه الأخلاقيه العاليه!
يذهب للفتاه,”ماذا تفعلين هنا؟”
“لقد كنت فى الحافله, نزلت و هربت بعيدا خوفا من أن تنفجر, أعتقد أن ذراعى مكسوره..!”
ينظر لذراع الفتاه, إنها ليست حتى مكدومه! ,كان يجب أن يكون هذا الدليل الأول...لكن عقله بعيدا عنه بمسافه كبيره فلا يستطيع حتى رؤيه هذا!
“ابقى هنا, سأعود بعد لحظه”, يلتفت, مستعدا لمتابعه سعيه. لكن يسقط عليه شئ من الأعلى, ليس شئ,بل شخص..
الآوول!
الشرطى صريع على الأرض, و فجأه يوجد شخصان يهاجمانه.المتفكك و الفتاه.
هما سويا فى هذا الأمر,كيف له أن يكون بهذا الغباء؟
يمد يده ليسحب مسدس التخدير, لكنه ليس هناك!,و يشعر بفوهته على فخذه الأيسر..و يرى الانتصار فى عينى المتفكك المتوحشه الداكنه.
“نوما هنيئا” يقول المتفكك.

و ألم حاد يبدأ فى قدم الشرطى, و العالم بأسره يذهب بعيدا.. 

6- ليف

يستيقظ ليف بألم ثقيل فى كتفه, يعتقد أنه ربما نام بطريقه غير مستقيمه!
لكن سرعان ما يستوعب أن الألم من إصابته, كتفه الأيسر كان نقطه استقرار
رصاصه مخدره..مع أنه لا يعلم هذا بعد!
كل الأشياء التى حدثت له منذ اثنتى عشر ساعه, تبدو فى عقله كالسحاب الباهت الذى فقد شكله.. كل ما يعرفه هو أنه كان فى طريقه لعشوره, و تم اختطافه من قبل مراهق قاتل.
و لسبب غريب, تظل صوره القس دان تراوده, القس دان ... يخبره أن يهرب.
هو متأكد أنها لابد أن تكون ذكرى خاطئه! لأنه لا يستطيع تصديق أن يفعل القس دان هذا..
كل شئ مشوش حينما يفتح ليف عيناه, لا يعلم أين هو..الوقت ليلا, و هو حيث لا يجب أن يكون!
المراهق المختل الذى أخذه يجلس حول شعله صغيره... يوجد فتاه أيضا!
حينها يُدرك أنه قد أُصيب برصاصه مخدره.
رأسه يؤلمه,يشعر أنه على وشك التقيؤ, و عقله مازال عند نصف قوته.
يحاول الوقوف, لكن لا يقدر,يعتقد أن ذلك بسبب المواد المخدره.. لكن يرى أنه مربوط فى شجرة بنباتات متسلقه سميكه.

يُحاول التكلم, لكن صوته يخرج كأنين بسيط ويسيل لعابه..
ينظر له الفتى و الفتاه, و هو متأكد أنهم سيقتلاه الآن..أبقوه حيا حتى يكون مستيقظا حينما يقتلوه.. المعتوهون دائما كذلك!
“انظروا من عاد من بلده الأموات” يقول الفتى صاحب العيون الجامحه,لكن عيناه ليست جامحتان الآن... فقط شعره,كله ملتصق لأعلى كأنه قد نام عليه..

بالرغم من أن لسان ليف كالمطاط, يقدر أن يُخرج كلمه واحده..”أين...”
“لست متأكد” يقول الفتى.
ثم تُكمل الفتاه,”لكن على الأقل أنت فى أمان”

(أمان؟),يفكر ليف,( أين قد يكون الأمان فى هذا!)
“ر.....ر..رهينه” يقول ليف,
ينظر الفتى للفتاه ثم لليف,” نوعا ما, أعتقد!”
هؤلاء الاثنان يتحدثا بسلاسه, كأنهم أصدقاء.
يفكر ليف ..(هم يحاولون تهدئتى بتزيف جو من الأمان... يحاولون جعلى فى
جانبهم, حتى أُشارك فى النشاطات الإجراميه التى خططو لها, يوجد تعبير لذلك! أليس كذلك؟ .. حين تنضم الرهينه لقضيه الخاطف؟ متلازمه شئ ما!)

الفتى المجنون ينظر لكومه التوت و المكسرات , التى من الواضح تم جمعها
من الغابه,:“أنت جائع؟”
يومئ ليف برأسه, لكن حركه رأسه تشعره بالدوران, لذا من الأفضل ألا يأكل
شيئا, مهما كانت درجه جوعه, لأن الطعام سيخرج ما أن يدخل ..
يقول ليف:”لا”
“أنت تبدو مشوشاً” ,تقول الفتاه,” لا تقلق, إنه فقط المخدر, سيزول أثره قريبا”
(متلازمه ستوكهولم*.. تلك هى..) لكن, ليف لن يُستدرج من قِبل خاطفيه!...
لن ينضم لجانبهم أبداً....

(قال لى القس أن أهرب..ماذا كان يقصد؟ هل كان يعنى أهرب من الخاطفين؟ ربما... لكن كان يبدو أنه يعنى شيئا آخر كلياً....!).يُغلق ليف عينيه و يطارد تلك الفكره بعيدا..

“والداى سيبحثو عنى”, يقول لهم ليف.. بعد أن تمكن فمه من قول جمله
كامله.
لا يردان عليه, ربما لأنهم يعلمون أنها حقيقه !.
يسأل ليف,” كم هى الفديه؟”
“فديه ؟!, لا يوجد فديه”, يقول الفتى المجنون..” لقد أخدتك لإنقاذك, يا غبى!”
(لإنقاذه..؟ ليف نظر إليه غير مصدقا ما يقول..):“لكن... لكن عشورى ..”
الفتى المجنون ينظر إليه و يحرك رأسه متعجباً :“لم أرى أبداً فتى متعجل هكذا ليتم تفكيكه..”

(لا فائده من محاوله شرح ماهو العشر لهؤلاء الكفار! كيف أن التضحيه بنفسك... هى النعمه الكامله. لن يفهمو أبدا... و لن يهتمو.إنقاذه؟ هم لم ينقذوه.. بل لعنوه .)
ثم يُدرك ليف شيئا... يمكنه أن يستخدم هذا الموقف فى صالحه:"اسمى ليف” محاولا أن يبدو فى منتهى الهدوء...
“سعيده بلقائك يا ليف”, تقول الفتاه..” أنا ريسا, و هذا كونر”
يرمقها كونر بنظره حاده.. موضحا أنها قالت أساميهم الحقيقيه !.. ليست خطوة جيدة لخاطفين ,لكن أغلب المجرمون هم أغبياء... هكذا !.

“لم أعنى أن تأخذ الرصاصه المخدره”, يقول كونر,” لكن الشرطى كان سئ فى التصويب.”
“ليس خطأك..” يقول ليف..مع أن كل جزء مما حدث, هو خطأ كونر..
يفكر ليف فيما حدث و يقول,” لم أكن سأهرب من عشورى”..هذا... ليف يعلم أنه حقيقى.
“ إذا..من الجيد أننى كنت موجود !” يقول كونر.
“صحيح,” تقول ريسا, “فلولا ركض كونر عبر الطريق السريع.. لكنت على الأرجح مُفككه الآن أيضا !”
تمر لحظه صامته.. ثم يعض ليف على غضبه و نفوره و يقول:” شكرا.. شكرا لإنقاذك حياتى”
“لا عليك,” يقول كونر.
جيد.. اجعلهم يعتقدوا أنه ممتن .. اجعلهم يعتقدوا أنهم اكتسبو ثقته..و ما أن يتم إقناعهم بالأمان الزائف اللذان هم فيه..سيحرص على أن يحصل كلاهما على ما يستحق.
_________________________________________
الكرمه : نبات متسلق على النباتات الأخرى لضعف ساقه.
متلازمه ستوكهولم: شعور المخطوف بالولاء و التعاطف تجاه الخاطف, أو مع من يسئ معاملته فى الأسر كوسيله نفسيه للبقاء و التحمل.