الموضوع: النحلتان
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
2539
 
عزت فائق ابوالرُب
من آل منابر ثقافية

عزت فائق ابوالرُب is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
38

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة
فلسطين - جنين

رقم العضوية
10453
11-16-2011, 04:59 PM
المشاركة 1
11-16-2011, 04:59 PM
المشاركة 1
افتراضي النحلتان
[justify]النحلتان
[/justify]
بقلم : عزت فايق ابوالرُب
عدت ذات ضحىً بغُنَيْمات لنا من أرضنا المجاورة، وحين اقتربت من البيت ، انطلقت عنزتنا الوحيدة السمراء نحو الماء،فهرولت وراءها سائر النعاج.تبعتها ببطءٍ،بعيداً عن موجة الغبار التي عقدت في الجو لاتتزحزح. وإلى أن وصلتُ البئر كانت الغنيمات التي روّت ظمأها ، قد دخلت الصّيرة(الحظيرة) وهجعت كعادتها، وعند آخر نعجة تشرب من الحوض وقفت إلى أن انتهت ولحقت بصويحباتها.
أغلقت الباب ، وعدتُ إلى البئر ، نشلت دلواً من الماء ، فاندفع سريعاً بقوة دفع الماء له من أسفل ،شعرت بثقل أكثر في السحبة الثانية ‘ تجاهلته . وحين وصل الدلو خرزة البئر(طي البئر) أمسكت بعلاقة الدلو لأصب الماء ، فإذا بطيخة بداخله وضعتها أمي لتبرد ، حين ملأت الحوض للغنيمات قبل أن تعود من المرعى.أفرغتُ الماء وأعدت البطيخة حيث كانت إلى أن تجتمع الأسرة عند الغداء .
غسلت يديْ ووجهي، وأغرقت شعري تماماً بالماء البارد ، فسرت البرودة والانتعاش في جسدي،وأخذت أصب ما بقي لدي من ماء على قدميْ بعد أن غسلتهما،انتظرت قليلا حتى جفَّ الماء بعض الشيء. قمت نحو البئر،نشلت دلواً من الماء وأفرغته في تنكةٍ من قصدير، واتجهت به نحو الدالية أمام بيتنا ذي القنطرتين، سكبت الماء على حوض النعناع والبقدونس ، ففاح عطر (النعنع) الشهي ممزوجاً بعبق الكزبرة البرية التي نبتت مع البقدونس ،تناولت ضلعاً منها وأكلته.
سكبت ما بقي لدي من ماء على الدالية ،وتناولت حبات عنب لامعةٍ من هنا وهناك،و في ظلها جلست مسندا ظهري إلى الحوض ، وملقياً رأسي للخلف، أتأمل عناقيد العنب المتلألئة كالبلور.وعلى إيقاع نُسيْماتٍ طرية تهفو وتغفو، ذبلت العيون وأطبقت الجفون قليلا ، فنبهتها زقزقة العصافير ونداء البلابل، و بين اليقظة والإغفاء، كنت أتأمل خير تلك الدالية التي لا ترد صبيا ،ولا تمنع طائرا أو نحلةً عن طيب ثمارها.الكل ينعم بوافر خيرها ، وبين أحضانها عشٌ رقطية(قطاة) يغالبها النعاس مثلي ، وأحياناً تلتقي عينانا للحظة، ولا أذكر أينا يغمض عينيه قبلاً.
أفقت على صوت رفيفها ، وقد فارقت العش عن بيضتين. تبدد الخمول عن جسدي وعينيْ، فأخذت أرقب العصافير ،والنحل ،والصمل، والدبابير،تتقابل على حبة عنب أو قطف، فتأكل- وقبل أن تعود إلى حيث أتت- تقوم بحركاتٍ وألعابٍ كأنه الرقص ، سرني المشهد،ونفض ما علي من التعب.
لم تطل نشوتي ،وأدهشتني نحلتنان تقتتلان عند حبة عنب ،ظننت في البداية أنهما ترقصان وتلعبان فرحًا بهذا الخير، ساورني الشك إنهما نحلة وصملة ، حدقت مليا ، كلا إنهما نحلتان . اشتد العراك بينهما ، تشابكت القوائم ورفرفت الأجنحة ، أطبقت على بعضها،تلاصقتا ، بدت كأنهما جسم واحد له أربعة أجنحة، ذهلت ودهشت،فلم أر في حياتي نحلاً يقتتل، وازدادت دهشتي وذهولي حين جاء دبور من بعيد ، فانقض عليهما ،وبأرجله أمسك بهما كأسهل صيْدٍ،وطار بعيدا..... بعيدا،وظللت أسأل
العارفين والمجربين ، علام يقتتل النحل! ومن المنتصر يا ترى؟