عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-2011, 01:02 PM
المشاركة 16
الدكتورة مديحة عتيق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
ص13غير موجودة

ص14
في البداية، لم يهاجر معظم هؤلاء الكتّاب إلى بريطانيا بل كانوا هناك من أجل التحصيل العلمي ،و الحصول على شهادات عليا بهدف تمديد مدّة الإقامة من أجل الحصول على حقّ المواطنة، منحهم بُعدَهم عن الوطن فسحة للتنفّس لاستعادة كتاباتهم السرديّة بعد أن وجدوا الحريّة في الهجانة وخيار المثاقفة. وقد انجذبوا على نحو خاص للنشاطات السياسية و الأدبية، ربّما لأنّهم وجدوا في الشتات فضاء للحرية المطلقة، مجتمعا حرّا سياسيا وفكريا استطاع أن يستوعب آراءهم المتباينة.
في الواقع، لا يزال الشتات إلى الآن مركز جذب ليس للعرب الأنجلوفونيين فحسب، بل حتّى للمغتربين الذين يتحدّثون العربية والمقيمين في الغرب سواء هربا من الديكتاتورية كما في العراق، وسفك الدماء كما في لبنان والعراق الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وتقييد حرّية التعبير كما في العالم العربي أجمع.
في هذا الصدد، يُعتبَر الشتاتُ فضاء منشودا ـ رغم الألم الذي يصاحبه بالضرورة ـ وذلك لأنّه يمنح المفكّر العربي ـ بغضّ النّظر عن الوسائل اللسانية التي يستعملها ـ منتدى مفتوحا يجاهر فيه بصوته للاحتجاج أو توضيح {آرائه}.
اليوم تمارَس معظم النشاطات الأدبية والسياسية والثقافية خارج حدود الدول العربية، وتُنشَر أهمّ مذكّرات الكتّاب العرب في لندن، ويَكتُب أبرزُ الكتّاب والسياسيين والقادة المعارضين و شبه المقيمين (reside like) من مواقعهم الشتاتية (diasporic location) أو بالأحرى من اللا مواقع (dislocation) بل وقد مات بعضهم في المنفى (نزار القباني، وجبرا إبراهيم جبرا،.. والقائمة غير منتهية).
وبالنسبة إلى سويف وفقير وغندور و أبو العلا، فقد منحهم الشتات منبرا استطاعوا من خلاله أن يتصدّوا لمواضيع تُعتبَر طابو في أوطانهم الأصلية.
والمفارقة أنّ البُعد لم ينقذهم من سهام نقّاد من موطنهم الأصلي الذين استجوبوهم (take them to ask ) في شكل هجوميّ صاخب وقاس، وبدون هوادة شَكَّلوا من اختيارهم اللغة الأجنبية والمواضيع المعالجة دليلا يعكس نفوَرهم أو فقدانهم الشعور الوطني.
ورغم ذلك اعتبَر الكتّاب {العرب الأنجلوفونيون} هذا الهجوم ثمنا بسيطا لابدّ أن يُدفَع من أجل أرواحهم المستعبدة.
صحيح أنّه كان عليهم أن يتعاملوا مرارا مع انتهاكات تخترق حرّياتهم الشخصيّة كالأحكام السياسية والمؤسساتية المسبقة الواسعة الانتشار التي تواجههم في الغرب ولكنّهم يستطيعون التأقلم معها بطريقة أسهل من مواجهتهم الاستبداد العائلي والقومي{في بلادهم}.
تتشابك في أعمالهم قضايا السياسة مع النوع/ الجندر، فتقود إحداها إلى الأخرى، طرحت فادية فقير كلا الموضوعين وبالدرجة نفسها في روايتها الأولى "نيسانيت" (Nisanit) وروايتها الثانية الأكثر نضجا وشهرة"أعمدة الملح" (Pillars of Salt)، تقاوم مها –بطلة "أعمدة الملح" استبداد أخيها، والبريطانيّ، ومجتمعها الذكوري دفعة واحدة.
,,,,,يتبع