عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2011, 02:39 PM
المشاركة 12
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع ،،،

قراءة في قصيدة " إلى البحرِ أطوِي كُلَّ مَوجٍ..." للشاعر عبد اللطيف غسري


دَعِ القَلَمَ الوَرْدِيَّيَرْسُمُ دَرْبَهُ = زَوَاحِفَ ضَوْءٍ ما لهُنَّ حَرَاشِفُ

في هذا البيت أيضا يستمر الشاعر في مناجاته لذاته معاتبا لها على وقوفها مكتوفة الأيدي بينما الزمن يمر مسرعا، في ظل ما يتدفق من أحاسيس في داخله وأشعار تتدفق في ذهنه وقلبه مثل المطر المنهمر من السماء أو المتدفق في أخدود الماء.

ويخلص الشاعر من هذه المناجاة والعتاب إلى دعوة نفسه إلى المبادرة بحمل القلم أو تركه ليرسم دربه بما يدونه من أشعار وقصائد.

وفي الشطر الثاني من البيت يشبه الشاعر القصائد والأشعار بزواحف من ضوء ولكن ليس لهن حراشف كالزواحف الحقيقية، وفي ذلك كناية عن غزارة ما يتوارد في ذهن الشاعر من أفكار وأشعار وقصائد هي في تدفقها جميلة وأشبه ما تكون بزواحف لكنها من دون حراشف.

وفي هذا البيت يلمح الشاعر إلى غزارة قريحته الشعرية وتلقائية ما يشعر به من أحاسيس وإشعار، تتدفق بسهولة وانسياب ودون عناء، فبمجرد حمل القلم سيبدأ القلم في خط ورسم دربه في عالم الأشعار والأحاسيس، دون تكلف أو عناء أو جهد يذكر، وستكون النتيجة تدوين الأشعار والقصائد والتي ستكون أشبه ما تكون بزواحف من الضوء لكنها خالية من الحراشف.

وفي البيت تلميح إلى أن الصراع الداخلي في نفس الشاعر ما يزال مستمرا، فمن ناحية هناك نزوع إلى الكسل والوقوف دون بذل جهد لتدوين تلك اللحظات الشعرية، ومن ناحية أخرى حث على ضرورة الاستفادة من ذلك الدفق الشعري وتحويله إلى قصائد.

كما نجد في البيت الكثير من الحركة والتي توحي بها كلمات "دع القلم يرسم" وكلمة "الزواحف"، وفي استخدام كلمة زواحف يرسم الشاعر صورة مهيبة مهولة لتلك الحالة التي ستنهمر فيها القصائد من خيالة وكأنها زواحف، والذي يجعل تلك الصورة شديدة الجمال والتأثير هو أنها زواحف من ضوء وليس لها حراشف.

ونجد أيضا أن الشاعر يشخصن القلم ويجعله كأنه قادر بذاته على رسم دربه وتدوين ما تجود به قريحة الشاعر من قصائد.

وفي البيت أيضا تسخير للألوان ( الوردي ) و (الضوء)، ولكن ربما أن أجمل ما في البيت هي تلك الصورة التي رسمها الشاعر بأن جعل الأشعار والقصائد وكأنها زواحف من الضوء.

كل ذلك يجعل البيت عظيما كتلك التي سبقته من الأبيات وهو أيضا ينبض حيوية وجمال، وله وقع عظيم.