الموضوع: أودية النور
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
10

المشاهدات
5685
 
علي بن حسن الزهراني
أديب وإعلامي سعودي

اوسمتي


علي بن حسن الزهراني is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,762

+التقييم
0.32

تاريخ التسجيل
Jul 2009

الاقامة
الرياض - السعودية

رقم العضوية
7494
09-11-2011, 04:14 PM
المشاركة 1
09-11-2011, 04:14 PM
المشاركة 1
افتراضي أودية النور
من يموت معي؟!
من يريد أن يموت معي؟!
"لقد تأخرتَ كثيرًا.. تأخرتَ كثيرًا" !
قالتها، ثم تفجرت بالبكاء كبراكين خامدة لم تثرْ أبدًا أبدًا.. أغمي عليها وقت السحر، عندما كنتُ أنكتُ في قلبها ينبوع الحرف الأخير من الحب الأول والأخير.. كانت ترقد فوق ذراعي، وأنا مستغرق أروي لها حكاية العشق المثير في قلبها..
قلتُ لها: أعشقك. مغرم فيك... ومجنون.
غابتْ. خرجتْ من كمّ ثوبي كنسمة الليل.. وتركتني للجنون.. الجنون الذي كنت رويته لها فوق ذراعي.
خرجتُ أبحث عنها في أودية النور، وبحور الظلام، وخاصرة الظهيرة التي أفحمت قدمي ..
أين الأخرى؟!
لا أعلم. لم أكن أعلم أن جنوني بها سيأخذني في رحلة البحث عنها بقدم واحدة، وساق واحدة... وبدون يدين.
أين يداي؟! أين كفي ومعصمي وذراعي؟! أين أنا من أنا؟! أين لوعتي واشتياقي وحبي وجنوني؟ أين حبيبتي؟
سرقوا قدمي مني.. أحبتي.. سرقوا قدمي الوحيدة مني.. إنهم أحبتي الذين سرقوها جزعا عليّ من الموت بحثا عنها..!
اتركوني.. اتركوني.. أرجوكم.. أرجوك يا أبا معاذ أعد لي قدمي الوحيدة.. ساعدني في العثور على حبيبتي.. أنت صديقي وتعلم أنني أعشقها.. أعشقها بجنوني.. رغم جنون الأرض من تحتي وفوقي.. أرجوك ساعدني.. قل لأبي يطلق سراح يدي، ويفك قيد أنفي من وجهي.. أرجوك قل لأمها بأنني أعشقها، ولأبيها بأنني أعشقها أيضًا... قل لهم بأنها في قلبي.. و... في قلبي أيضًا !
قل لهم بأنني أمرض عندما تغيب، وألتحف الشمس، وأشرب الماء مُرًّا زلالًا، وأعود المصحات النفسانية في الصباح، ومشايخ الرقيا آخر النهار، وأختنق في صمت دموعي في الليل.. قل بأنه رجل تعيس.. يلعق الصبر جمرًا أحرق لسانه، وأدمى قلبه ووجدانه..!
قل...!
أرجوك قل كل شيء قلته ولم أقله.
قل لها لم يتأخر.. لقد أوهمه الحاسدون بأن الحب مات.. حبيبتك ماتت.. ماتت.. ماتت..!
قالوا لي بأن حبيبتي ماتت.. دعوني إلى مراسم عزاء كفن مجهول.. رأيت عباءة ممزقة.. خالية من الجسد.. في كفن أبيض..! قالوا لي: هذا كفنها.. وهذا جسدها.. انقش عليه وداعك الأخير.. اطبع عليه قبلة الوداع الأخيرة.. ودمعة الوداع الأخيرة !
لم أصدقهم بأن حبيبتي تموت دون أن تودعني !.
فتحت الكفن.. بحثت عن حبيبتي في عباءتها السوداء.. كانت المفاجأة والصدمة والسعادة..! لم يكن ذاك الكفن كفنها.. كانت عباءة امرأة ليس فيها روح امرأة.
أين حبيبتي التي لم تمت؟! من تعمد التمثيل بموتها؟! لماذا سرقتم سعادة قلبي في احتضار عباءة قلتم بأن فيها روحها وقلبها؟!
أنتم تدركون أنني لم أعشق عباءتها التي تبدلها عشرات المرات..!
تعلمون أني أعشق روحها التي لا تتبدل مهما مرضتْ.. فكلنا نمرض.. أرواحنا تمرض.. حبنا يمرض، لكنه لا يموت..
القلوب الحية تبعث من جديد !
يبعثها الأمل المستحيل.
القلوب الحيية لا تموت !
يحييها المطر، والشوق، واللهفة والحنين.
القلوب القوية تتمزق؛ لكنها تداوي نفسها بأنفاس من تحب، وجنون من يعشقها بجنون.
أرجوك... قل لها: "يعشقك بجنون".

أبو أسامة


زحمة وجوه وعابرين!