عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
1

المشاهدات
2892
 
حسان العسيري
من آل منابر ثقافية

حسان العسيري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
25

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Aug 2011

الاقامة

رقم العضوية
10340
08-27-2011, 08:23 PM
المشاركة 1
08-27-2011, 08:23 PM
المشاركة 1
Exclamation من أجل استراتيجية عربية لتحقيق التنمية المسرحية .

من أجل إستراتيجية عربية لتحقيق التنمية المسرحية






د.جميل حمداوي



توطئــــــة:

عرف المسرح في عالمنا العربي ، منذ السنوات الأخيرة من القرن العشرين، ركودا كبيرا، وكسادا لا مثيل له، حتى أصبحنا اليوم نتحدث عن نكسة المسرح العربي أو احتضاره أو موته. ويعني هذا أن المسرح قد تراجع بشكل كبير ، لتأخذ السينما والقنوات الفضائية مكانته السحرية الممتعة. وقد تراجع المسرح أيضا لحساب الشعر والرواية والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا. كما تراجع معه مسرح الطفل، ومسرح الشباب، ومسرح الهواة، والمسرح الجامعي، والمسرح الاحترافي. ومن ثم، لم يعد المسرح اليوم مهنة أو حرفة تؤمن عيش الفنان، أو يمكن أن يقتات بها الممثلون أو المؤلفون أو المخرجون أو التقنيون، بل أصبح المسرح مجرد هواية أو فن لتزجية الوقت، وتسلية الناس وترفيههم. علاوة على ذلك، فقد تخلت الدولة عن دورها الهام في دعم المسرح ماديا وماليا، وتشجيعه معنويا وثقافيا؛ لأن المسرح يشكل خطرا دائما ، يؤرق الدولة، ويقض مضجعها ، مادام هذا المسرح ينتقد السلطة بشكل من الأشكال، وذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة،. ويقوم بتوعية الجماهير الشعبية تلميحا وإيحاء وتحريضا، وهذا ما لا تقبله السلطات الحاكمة التي ترى فيه عدوا خطيرا من الدرجة الأولى، ينبغي محاربته بجميع الأسلحة الفتاكة ، وصده بشتى الوسائل سواء أكانت شرعية أم غير شرعية، ومنعه بأي حال من الأحوال من الانتشار والرواج والتداول.
وعلى الرغم من ذلك، فلا يمكن الحديث إطلاقا عن نهضة ثقافية عربية، أو عن تقدم حقيقي في غياب المسرح. فرقي الأمة وازدهارها مرتبط أشد الارتباط بعدد المسارح والمعاهد الفنية. لذا، لابد من التفكير في إستراتيجية عربية لتنمية المسرح، ولايمكن أن يتحقق هذا إلا في مجتمع ديمقراطي؛ لأن المجتمع اليوناني الذي تطور فيه المسرح بكل أنواعه كان مجتمعا ديمقراطيا ، يؤمن بالتعددية، وحرية الرأي، ويقتنع بمبدإ الاختلاف، ويمتثل لروح الحوار البناء. إذاً، ماهي أهم الاقتراحات لتحقيق التنمية المسرحية في العالم العربي؟

1- توفيـــر البنيــــات التحتيــة:

لايمكن الحديث عن نهضة ثقافية في بلد ما إلا بتشييد قاعات العروض المسرحية ،وتشجيع الناس على الإقبال عليها بشكل لافت للانتباه، باعتبار أن المسرح أداة للتوعية والتنوير والتثقيف، ووسيلة لمحاربة الأمية والجهل. ويعد المسرح كذلك مسلكا حقيقيا للإفادة والإقناع والإمتاع. ولايمكن للمسرح العربي أن يحقق ازدهاره إلا بتشييد المسارح الفنية الواسعة والرحبة، وإنشاء المعاهد التابعة لها للتعليم والتكوين والتأطير. زد على ذلك، لابد من بناء المركبات الثقافية التي تتوفر على قاعات للمسرح، ومكتبات فنية، وقاعات للتدريب والتكوين والتأطير، وذلك بغية تقديم فرجات درامية سواء أكانت تراجيدية أم كوميدية أم مختلطة تجمع بين الملهاة والمأساة. ولابد كذلك من مراعاة الخصوصيات الحضارية والثقافية حين بناء المسارح وتشييدها، حيث تخضع هندستها المعمارية للخصوصية العربية هوية وتأصيلا وتأسيسا. بمعنى أن تتلاءم المسارح مع الفضاءات العربية الفرجوية (الأسواق، والمواسم، والزوايا، والأضرحة، والملاعب، والساحات...)، كأن تؤسس الدولة أو المؤسسات الخاصة مسارح دائرية أو شبه دائرية في فضاءات مفتوحة، كفضاء الحلقة، وفضاءات المسرح الاحتفالي...، مع التحرر من الفضاءات المسرحية الغربية المغلقة، بما فيها مسرح العلبة الإيطالية.


2- التشجيع المادي والمالي والمعنوي:

لايمكن للمسرح العربي أن يحقق نهضته الفنية والثقافية المرجوة إلا بالدعم الحقيقي، وتوفير الإمكانات المادية والمالية. بمعنى أن المسرح لايمكن أن يزدهر في ظل غياب التجهيزات المادية والتقنية والرقمية، أو في ظل غياب الإمكانات المالية. لأن المسرح لايمكن أن يتحقق بدون تمويل حقيقي وفعال. فلابد من تقديم منح وهبات تشجيعية ، وذلك في شكل مساعدات، للفرق والجمعيات والنوادي المسرحية، من أجل استكمال عملها الفني التأسيسي أو التجريبي. ولابد للدولة أو المؤسسات الخاصة أن تدعم بكل إمكاناتها المتوفرة المسرح التجريبي القائم على البحث والابتكار والاستكشاف؛ لأن هذا المسرح أساس النهضة الثقافية الحقيقية، ونواة التميز والإبداع والتفرد عربيا وعالميا. وبتعبير آخر، على الدولة أن تشجع بكل ما أوتيت من إمكانات وطاقات المسرح التجريبي ماديا وماليا ومعنويا، من أجل أن ينتج هذا المسرح ، عبر طاقاته الإبداعية المتميزة والخارقة، نظريات وممارسات متفردة، أو يقدم لنا فرجات عربية نموذجية وحداثية لها قصب السبق عربيا وعالميا. ولأجرأة هذا التصور، يتعين على الدولة أو المحافظات أو البلديات المحلية أن تخصص نسبة 1% من ميزانيتها للمسرح.

3- التأطير والتكوين في المجال المسرحي:

تستلزم تنمية المسرح العربي على جميع المستويات والأصعدة أن تشرف الدولة أو المؤسسات الخاصة على تكوين الممثلين والمخرجين والتقنيين والمؤلفين تكوينا جديدا، وذلك في ضوء النظريات الحديثة والمعاصرة. ويشمل التكوين معرفة تقنيات التمثيل والتشخيص، والاطلاع على مبادىء السينوغرافيا ، وتمثل نظريات الإخراج، وإتقان آليات الكوريغرافيا ، واكتساب تقنيات التأليف المسرحي، ومعرفة طرائق الإعداد الدراماتورجي للنصوص. ويعني هذا إخضاع المسرح العربي لقواعد الفن والعلم، مع الاستعانة بالموهبة المصقولة. وبتعبير آخر، أصبح من الضروري تكوين الممثلين في معاهد الرقص والموسيقا والتشكيل والرياضة البدنية، ودفعهم لتعرف علوم الترتيل والتجويد والخطابة، والاطلاع على اللسانيات الصوتية، ودراسة تاريخ الفنون والآداب والعلوم، واستيعاب آليات مدارس التشخيص، وتقنيات الإخراج.

4- تطوير السينوغرافيا المسرحيــة:

تعرف السينوغرافيا بكونها علم تصوير الخشبة أو المنظر الركحي، ويهتم هذا العلم كذلك بالديكور، ومعمار الخشبة المسرحية. وتعد السينوغرافيا بمثابة تقنية إخراجية ترصد الجوانب البصرية والهندسية للعرض المسرحي، من إضاءة، وموسيقا، وتشكيل، وتقسيم للخشبة ، واهتمام بالكوريغرافيا، والأزياء، والماكياج.
وإذا كان العرض المسرحي يحمل دلالات لغوية منطوقة مباشرة أو غير مباشرة، فإن السينوغرافيا تقوم بمهمة التوضيح والتفسير والشرح . أي: تؤول بصريا كل العلامات الغامضة ، وتشرح بالملموس الفيزيقي كل الدلالات الملتبسة الغامضة ، وتفكك كل الإشارات السيميائية أو الرمزية ، وذلك من خلال ربطها بمرجع بصري حسي. ويعني هذا أن السينوغرافيا تنقل النص المسرحي من خاصيته التجريدية إلى عالم التجسيد البصري، والممارسة الركحية ، والتفسير الأيقوني، والتمثيل الحركي، والكوريغرافيا الجسدية. ومن هنا، تتكون السينوغرافيا بصفة عامة من الأزياء، والماكياج، والكتل البشرية، والديكور، والإضاءة، والموسيقا، وتنظيم الخشبة، وبناء المناظر والديكور. ويعني هذا أن السينوغرافيا أشمل من الديكور والمعمار المسرحي. ومن ثم، فلها وظائف فنية وبصرية وجمالية ومرجعية، لاتتحدد إلا حسب سياق العرض المسرحي، وحسب متوالياته المشهدية، وفصوله الدرامية.
هذا، وقد تطورت السينوغرافيا من فن الزخرفة والديكور وهندسة المعمار إلى فن خلق الصور والرؤى ، وذلك من خلال تفعيل الإضاءة والألوان والتشكيل والشعر والآليات الرقمية والمعطيات السينمائية الموحية.
ونخلص من كل هذا أنه آن الأوان لتنويع السينوغرافيا المشهدية، كأن نوظف السينوغرافيا التاريخية، والسينوغرافيا الأسطورية، والسينوغرافيا الاحتفالية، والسينوغرافيا الشاعرية، والسينوغرافيا الكروتيسكية، والسينوغرافيا البلاستيكية، والسينوغرافيا الكوريغرافية، والسينوغرافيا السيميائية، والسينوغرافيا الإثنوسينولوجية، والسينوغرافيا التجريدية، والسينوغرافيا الدادائية، والسينوغرافيا التكعيبية، والسينوغرافيا السريالية، والسينوغرافيا العبثية، والسينوغرافيا الواقعية، والسينوغرافيا الطبيعية، وسينوغرافيا اللامعقول، والسينوغرافيا الأنتروبولوجية... ، دون نسيان الاهتمام بالسنوغرافيات المعاصرة، كالسينوغرافيا الرقمية، والسينوغرافيا السينمائية، والسينوغرافيا التشكيلية ، بدلا من الاكتفاء بتقنيات المسرح الفقير. ولابد كذلك من استغلال تقنيات فن التشكيل وخدع الطبع والتصوير، بدلا من إعداد سينوغرافيات ثقيلة ومكلفة ومرهقة. ويعني هذا أنه لابد من الاستفادة من التكنولوجيا المعاصرة في خلق سينوغرافيا مسرحية أكثر اقتصادا وتلوينا وإبهارا وإدهاشا للمتلقي الراصد، مع تأثيث ديكور العروض المسرحية تأثيثا ورقيا وبلاستيكيا بطرائق جديدة ، وذلك لأداء رسالات محددة تلميحا وإيحاء وتوهيما.

5- البحث عن نظريات مسرحية جديدة لتطوير المسرح العربي:

من المعروف أن الإبداع المسرحي لا يمكن أن يحقق جودته ووجوده وهويته وكينونته الحقيقية إلا من خلال الجمع بين النظرية والممارسة، وذلك في علاقة جدلية ملتحمة ومترابطة ترابطا بنيويا وعضويا. و يعني هذا أن المسرح لا يمكن أن يستمر ، أو يحقق التقدم والازدهار، أو يفرض نفسه في الساحة الثقافية المحلية أو العربية أو العالمية، إلا إذا كان مدعما بنظرية فلسفية أو فنية، وذلك في شكل نسق من التصورات الفكرية والجمالية ، وشبكة من المقاصد والأهداف والغايات، تروم تجديد المسرح بنية وتصورا، وتحديثه تجنيسا و تأسيسا وتأصيلا، مع طرح مجموعة من الأجوبة لأسئلة تتعلق بالوجود والإنسان والمعرفة والقيم.
ومن بين الحقول المعرفية التي عرفت التنظيرات بكثرة، نذكر: الحقل أو المجال المسرحي، فقد بدأ كثير من المبدعين وعلماء المسرح يصدرون بيانات وأوراق ومشاريع ودراسات تحمل في طياتها تأملات تنظيرية، وذلك لفهم المسرح العربي من كل جوانبه المرجعية والجمالية والفنية، ووضع أسسه الفكرية والجمالية، قصد تأسيس مسرح عربي أصيل. وغالبا ما ينبني التنظير المسرحي على تحديد ماهية المسرح، وذكر مقوماته، والإشارة إلى تبعية المسرح العربي للغرب أو عدم تبعيته له. وبعد ذلك، ينتقل المنظر إلى رصد القواعد والمبادئ والأصول النظرية ، وذلك سواء على المستوى الفكري أو على المستوى الفني والجمالي، مع تحديد الوظيفة والغرض من هذا التنظير الجديد.
ومن المعروف جيدا، أن التنظير المسرحي ليس جديدا في الساحة الثقافية العربية، بل كان معروفا لدى الغربيين ، فقد وجدناه عند أرسطو في كتابه:" فن الشعر"، وبرتولود بريخت في:" الأرغانون الصغير"، وكوردون كريك في نظريته حول إصلاح المسرح، و دنبيس ديدرو حول:" تناقضات الممثل"، وفيكتور هيجو في مقدمة مسرحيته:" هرناني"، الداعية إلى تكسير الوحدات الأرسطية الثلاث، وبيتر بروك في نظريته المتعلقة بـ:"المساحة الفارغة"، وجيرزي كروتوفسكي صاحب:" نظرية المسرح الفقير"، وأنطونان أرطو صاحب المنهج الحركي و"مسرح القسوة"، وستانسلافسكي صاحب نظرية إعداد الممثل...وآخرين.
هذا، وقد عرفت الساحة الثقافية العربية في مجال المسرح منذ منتصف ستينيات القرن العشرين إلى يومنا هذا مجموعة من النظريات والبيانات والأوراق والتصورات الدرامية ، التي حاولت البحث عن هوية المسرح العربي تأسيسا وتجنيسا وتجريبا وتأصيلا، سواء أكان ذلك على مستوى المضمون أم على مستوى الشكل أم هما معا . وكل هذا من أجل مواجهة الاستلاب الحضاري والتغريب والمسخ الثقافي.
ومن بين النظريات المسرحية المعروفة عربيا مسرح المقلداتي مع توفيق الحكيم، ومسرح السامر مع يوسف إدريس، والكوميديا المرتجلة مع علي الراعي، والاحتفالية مع عبد الكريم برشيد ، ومسرح التسييس مع سعد الله ونوس ودريد لحام، والمسرح الحكواتي مع روجيه عساف ، ومسرح الصورة مع صلاح القصب، والمسرح التراثي مع عز الدين المدني، ومسرح الگوال مع عبد القادر علولة، ومسرح النفي والشهادة مع محمد مسكين، والمسرح الثالث مع المسكيني الصغير، والبيان الجدلي مع عبد القادر عبابو، ونظرية الافتراض الجمالي مع نوال بنبراهيم، والنظرية الإسلامية مع عماد الدين خليل ونجيب الكيلاني وجميل حمداوي، ونظرية الاستدراك مع أحمد ظريف، و نظرية المرتجلات مع محمد الكغاط، والكوميديا السوداء مع لحسن قناني ومصطفى رمضاني، والمسرح الفردي مع عبد الحق الزروالي، والنظرية المهنية مع سعيد الناجي، والاحتفالية الجديدة مع محمد الوادي...
وما أحوجنا اليوم إلى نظريات مسرحية جديدة لتفعيل دور المسرح، وتطوير الركح العربي تجريبا وتأسيسا وتأصيلا، وتنويع الريبرتوار المسرحي، وتحقيق التراكم والإنتاج الإبداعي تأليفا وتأثيثا وإخراجا ونقدا!

6- تطويــر النقد المسرحي:

آن الأوان لتطوير النقد المسرحي العربي، وتجاوز المقاربات السائدة، كالمقاربة الفنية، والمقاربة الانطباعية، والمقاربة الصحافية، والمقاربة التاريخية، والمقاربة المرجعية. واستبدال كل ذلك بالمناهج النصية، ولاسيما المناهج المعاصرة سواء أكنت سيميائية أم تفكيكية أم تداولية أم أسلوبية أم قرائية. والمنهج الأصلح لتناول قضايا المسرح العربي ، وتحليل عروضه ونصوصه هو المنهج السيميولوجي، الذي يتناول المعطى الدرامي تفكيكا وتركيبا، وذلك قصد التوصل إلى البنى العميقة التي تتحكم في العرض المسرحي توليدا وتكونا وبناء، وتحديد آليات الانتقال من البنية السطحية إلى البنية العميقة ، وذلك بغية معرفة طرائق انبثاق المعنى، معتمدين في ذلك على طريقة المستويات والبنى المنهجية لمعرفة كيفية تشكيل الدلالة النصية في هذا العرض المسرحي.
هذا، ويتم التركيز ، في إطار المقاربة السيميائية، على مساراتها المنهجية ، كالمسار السردي، والمسار التمثيلي، والمسار التصويري، والمسار التوليدي، والمسار التلفظي.
هذا،وتتطلب المقاربة السيميوطيقية في التعامل مع العرض المسرحي والدرامي أثناء عمليتي : التفكيك والتركيب البنيويين، الانطلاق من مجموعة من النصوص المتداخلة والمتراكبة داخل العرض الميزانسيني، التي يمكن حصرها في: نص المؤلف، ونص الممثل، ونص المخرج، ونص السينوغراف، ونص الراصد. ومن ثم، يصعب الإحاطة سيميائيا بكل تلك النصوص الشائكة والمعقدة. كما يعد المسرح في تركيبته البنائية والجمالية فنا شاملا وأب الفنون . وبالتالي، فهذا يتطلب من السيميوطيقي الإلمام بمجموعة من العلوم والمعارف والفنون والصور، وذلك للاستهداء بها في أثناء عملية التشريح والتحليل، كمعرفة تقنيات السينما والموسيقى والأدب والتشكيل والرقص والنحت، والإلمام أيضا بتقنيات الإضاءة والسينوغرافيا ودراسة المنظور...
ولا نكتفي بسيميائية الفعل والعمل كما عند كريماص وجوزيف كورتيس ورواد مدرسة باريس، بل ننتقل إلى سيميائية العلامات والرموز لدى بورس، فسيميائية الذات والأهواء والعواطف والانفعالات كما عند كريماص وجاك فونتانيي، ثم البحث عن مفاهيم جديدة نظرية وتطبيقية لمقاربة النصوص والخطابات الاستهوائية. ونضيف إليها سيميائية الكلام والحوار والتواصل،مستلهمين نظرية سيميائية الكلام الروائي عند الباحث المغربي محمد الداهي.
ويمكن الاستعانة أيضا بالمقاربة الإثنوسينولوجية التي ترتكز على مجموعة من المبادئ النظرية والتطبيقية، ويمكن حصرها في النقط التالية:
öمقاربة الظواهر الثقافية الإثنوغرافية، وذلك باعتبارها فرجات شعبية وممارسات أدائية احتفالية.
öتحديد مكونات الأشكال الفرجوية، وترسم طرائق اشتغالها، وتتبع تطورها أو نكوصها.
öرصد الأشكال التعبيرية والفرجات المسرحية في أبعادها التاريخية والأنتروبولوجية والفلسفية ، مع تحديد بنياتها الشكلية، واستخلاص عناصرها البنيوية والسيميائية الثابتة والمتغيرة، كأن ندرس فن الحلقة بالمغرب مثلا، وذلك بمعرفة تاريخها، ورصد مكوناتها السيميائية اللفظية وغير اللفظية، وتعرف بناها الفنية والجمالية والكوريغرافية والإيقاعية، وتحليل خطابها الدلالي، واستقراء أبعادها الأنتروبولوجية والطقسية والفلسفية، وعلاقة تلك الفرجة الاحتفالية بالإنسان والمجتمع.
öالبحث عن العلاقات المفترضة بين الأشكال الفرجوية الثقافية بالفن المسرحي، وهل يمكن اعتبارها رافدا من روافده أم هي شكل فني مستقل له هدفه وكيانه الخاص؟
öمعرفة كيفية استثمار أشكال الفرجات الفطرية أو محتوياتها التراثية، والإفادة من بعض أجوائها لتطعيم العرض المسرحي بمزيد من الأصالة والثراء والتأسيس.
öالاعتماد على منهجية الملاحظة والإدراك والوصف و التحليل والتأويل، ووصف الأشكال الفرجوية بطريقة علمية موضوعية.
öالبحث عن الفني والجمالي والدرامي في تلك الظواهر الفرجوية الثقافية الأنتروبولوجية، سواء أكانت تلك الظواهر بسيطة أم مركبة.
öدراسة تلك الفرجات الشعبية الفلكلورية على ضوء مناهج علمية متعددة ومتداخلة، وذلك من أجل تكوين فهم أدق وأعمق بجماليات الفرجة، ومعرفة طرائق اشتغالها أداء وعرضا وفضاء وجسدا وتصويتا وتنغيما.
öالتعامل مع الممارسات الفرجوية الإثنوغرافية، وذلك باعتبارها ظواهر رمزية وسيميائية، وأشكالا علاماتية تستوجب الوصف والتفكيك والتركيب.
öربط الفرجة الفلكلورية بكل مكوناتها الجسدية والموسيقية والحركية وطقوسها الأنتروبولوجية والمشهدية.
öالبحث عن مواطن الإبداع والأصالة في تلك الممارسات الفرجوية الشعبية الاحتفالية ذات البعد اللامادي.