عرض مشاركة واحدة
قديم 08-20-2011, 06:29 PM
المشاركة 18
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف يصوم البطن؟



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد.
الطعام حلا وحرمة له أثره على حياة الإنسان وسلوكه وأخلاقه ، ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى رسله فقال ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً ﴾ (المؤمنون: من الآية51) وقال سبحانه للمؤمنين ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ (البقرة:172)والطيبات هي ما أحله الله عز وجل لعباده المؤمنين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم . فالله يقول عنه ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ (لأعراف: من الآية157) .
وصيام البطن اجتنابه للحرام ، زيادة عن اجتنابه الطعام والشراب ، وكل ما يفطر في نهار رمضان ، لكنه يصوم أيضا عن الحرام عند إفطاره فلا يأكل الربا إذ أنه بأكله الربا يغضب المولى تبارك وتعالى ، يقول سبحانه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً ﴾ (آل عمران: من الآية130) وقال سبحانه ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ﴾ (البقرة: من الآية275)
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :" لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال هم سواء"( ).
آكل الربا يضحك على نفسه ، فيملأ بطنه من الحرام ، ويدعو ربه وقد سد طرق الإجابة وأغلق باب القبول .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه ذكر الرجل أشعث أغبر يطيل السفر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له"( ) فهذا رجل كثير العبادة ، ولكنه آثم في طعامه ، غير متق لله في أكله وشرابه.
كيف يصوم البطن وقد أفطر على الحرام وطعامه من الربا والسحت ، والغش ومال اليتيم والغصب .
فسدت والله كل الأذواق لما فسد الطعام والشراب ، قست القلوب لما خبث المأكل والمشرب ، انطمس النور لما فقدت اللقمة الحلال.
صح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه تغدى يوما من الأيام ثم سأل خادمه من أين هذا الطعام ؟ فقال : من كهانة كنت أتكهن بها في الجاهلية ، فأدخل أبو بكر يده وانتغر فأخرج ما في بطنه من الطعام( ) ، فرض الله عنه ما أصدقه وأطيبه وأطهره.
اللقمة تبقى في بطن صاحبها ويبقى أثرها مع اللحم والدم وأي جسد نبت من الحرام فالنار أولى به.
كان السلف الصالح يعرفون من أين يأكلون ، فصفت أذواقهم وصحت أبدانهم وأشرقت قلوبهم ، فلما فسد طعام المتأخرين وشرابهم انطمست معالم الهدى في قلوبهم.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " ما أكل عبد طعاما خيرا من أن يأكل من كسب يده ، وإن نبي الله داود عليه السلام ، كان يأكل من طعام يده"( )
فزكريا عليه السلام كان نجارا وداود عليه السلام كان حدادا ومحمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا يرعون الغنم.
والإسلام يدعو إلى الكسب وطلب الرزق لكن من أبوابه المشروعة.
يقول سبحانه ﴿ وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى ﴾(الأنعام: من الآية152) وقال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ﴾ (النساء:10) وقال عز وجل ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (البقرة:188) وقال عز اسمه ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ (البقرة: من الآية275) .
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال" لعن الله الراشي والمرتشي " ويروى الرائش( )
يقول سبحانه ذامًّا من فسد من اليهود والنصارى ﴿ وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (المائدة:62)
يقص علينا ابن الجوزي في صيد الخاطر أنه أكل أكلة من شبهة فتغير قلبه وأظلم عليه فترة من الزمن ، وذلك لصفاء قلوبهم أحسوا بالتغير ، أما الكثير اليوم فيأكل ما أراد من الحرام فلا يرى تغير قلبه لأنه:
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
وتناول بعضهم الخمر والمسكر بأنواعه فحرم لذة العبادة وحلاوة الطاعة ، وعاش منغصا قلقا محروما من السعادة ومن ساعة الإجابة فيا أيها الصائم هناك صيام البطن من لم يصمه فكأنه ما صام فهل من صائم عن الحرام ، ورع عن الشراب والطعام ليدخل دار السلام.
اللهم اجعلنا ممن يحلل حلال الشريعة ويحرم حرامها.





الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآل وصحبه وبعد.
يقول عز من قائل﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾(الإسراء:من الآية36)
الأذن مسئولة أمام الله عز وجل عما استمعت إليه ، والصالحون هم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، ويا لندامة من صرف سمعه عن الهدى ، وأغلق أذنه عن صوت الحق.
الأذن تصوم عن سماع الخنا والغناء وعن الفحش والبذاء. وللأبرار صيام عظيم عن سماع ما يغضب الله عز وجل في رمضان وغيره.
كثير من البشر عطلوا ما من الله عليهم به من أعضاء . يقول عنهم سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ (لأعراف:179)
نعم لهم آذان ولكن لا يسمعون سماع موعظة وسماع وتدبر وفهم . سماع كثير من الناس كسماع الأنعام تماما لا ذكرى ولا اعتبار ، لا نفع ولا فائدة.
قال تعالى ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ (الفرقان:44)
من الناس من ملأ أذنيه من النغمة المحرمة والكلمة الآثمة ، والمجون الأثيم ، حجب عن أذنيه سماع القرآن الكريم ، ذلك السماع الشرعي السني النبوي العظيم.
سماع القرآن الكريم الذي يثمر الإيمان والهدى والنور والفلاح.
سماع القرآن الكريم الذي يملأ القلب حكمة وسكينة وأنسا وطمأنينة.
سماع القرآن الكريم حرز من الواردات المنحرفة والوساوس الخطيرة والخطرات الآثمة.
قوت الأذن الذكر والعلم النافع والموعظة الحسنة والأدب الجم ، ودرر المعارف ومحاسن القول.
يا أذن لا تسمعي غير الهدى أبدا
إن استماعك للأوزار أزار
عن أبي حاتم بسند جيد أنه صلى الله عليه وسلم مر على عجوز في المدينة فسمعها تقرأ من وراء بابها هل أتاك حديث الغاشية وهي ترددها وتبكي فأخذ صلى الله عليه وسلم يسمع لقراءتها ويردد " نعم أتاني نعم أتاني"
مدح الله قوما بجود السماع وحسن الاستماع فقال : ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ﴾ (المائدة: من الآية83)
فهؤلاء استفادوا أعظم فائدة واستمعوا أحسن سماع.
آذان الصائمين عاكفة على سماع الجميل ، وآذان اللاهين مصغية للباطل الدخيل:
لا تستمع إلا لقول صادق
يغنيك عن خطل من الأقوال
فالأذن نافذة العلوم وخيرها
أذن وعت ذكرا ذكرا تلاه التالي
إذا سمحت أذن المسلم للكلمة الآثمة بالدخول أخربت بيت القلب وهدمت قصر الإرادة وأفسدت بستان المعارف.
انظر إلى صنفين وفريقين وطائفتين وصفهما رب العزة فقال :
﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ (التوبة:124)
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾(التوبة:125)
سماع الحق يزيد القلب ثباتا على الحق ، وسماع الباطل يورث في القلب
إن من واجب المسلم أن يحمد الله على نعمة السمع وأن يصرفها في مرضات ربه تبارك وتعالى فيزداد من سماع القرآن الكريم ودروس العلم والمحاضرات النافعة والحكم البالغة.
وينقذ أذنه من سماع الإثم والإصغاء إلى الفحش وكل ما يصد عن سبيل الله ؟ يقول تابرك وتعالى عن عباده الصالحين ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ﴾ (الفرقان: من الآية72) وقال تعالى ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ (القصص:55) .
جعلنا الله ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.


~ ويبقى الأمل ...